بحثاً عن الفرص الجيدة والقطع الأصلية
جزائريون يقتنون الملابس من أسواق الشيفون
- 703
ازدحمت الأسواق ومحلات بيع الملابس خلال الأيام الماضية، بالباحثين عن قطع من اللباس للتزيّن بها خلال عيد الفطر المبارك. وأمام ميزانية البعض المحدودة اتجهت بعض العائلات نحو أسواق قد تكلف مصاريف أقل، وهي سوق بيع الملابس المستعملة، أو تلك التي تُعرف بـ"الشيفون"؛ تجارة عرفت ازدهارا كبيرا حول العالم بعدما وجدت زبائن ومحبين لها من مختلف المستويات الاجتماعية، وكذا لاستجابتها للقدرة الشرائية، كما لاتزال أهم سوق لمحدودي الدخل؛ إذ عرف "الشيفون" قبيل عيد الفطر، انتعاشا منقطع النظير لاقتناء ملابس العيد، حسبما وقفت عليه "المساء" خلال جولتها الميدانية بين عدد من تلك المحلات بالعاصمة.
وجهتنا الأولى كانت أحد المحلات بشارع حسيبة بن بوعلي وسط الجزائر العاصمة؛ واحد من أقدم محلات بيع الملابس المستعملة، على حد قول صاحبه. وقد أثار اهتمامنا العدد الكبير من الزبائن، الذين يبدو أنهم بنوا علاقة جيدة مع صاحب المحل؛ إذ تطورت بينهم أحاديث صداقة، تدل على وفاء هؤلاء الزبائن لهذا المحل. وكثيرا ما ترددت على مسامعنا أسئلة؛ بحثا عن كل جديد من السلع ليس كغيره من محلات بيع الملابس الجديدة؛ حيث يعرض صاحب المحل بدكانه الصغير، تشكيلة مختلفة من الملابس والأكسسوارات للرجال والنساء وحتى الأطفال. تختلف بين تلك الخاصة بالشتاء أو الصيف أو حتى ما بينهما؛ من معاطف وتنانير وأقمصة وأحذية، وحتى حقائب يد، وألعاب أطفال، منها المترهلة، وأخرى لاتزال جديدة من حيث صلاحيتها، والتي يبدو أن صاحب القطع أو صاحبتها السابقة، أحسنت الحفاظ عليها.
ولقد أجمع عدد ممن مسّهم استطلاع "المساء"، على استحسانهم تلك المحلات التي تسمح لهم باقتناء ملابس بدون الوقوع في ضيق مالي، خصوصا في هذه الفترة من السنة؛ حيث يجد رب البيت صعوبة في التوفيق بين كل ما لديه من مصاريف؛ إذ يجد نفسه في آخر الشهر، يستدين لسد بعض حاجيات عائلته من الضروريات. وأشار هؤلاء إلى أن الأسعار المنخفضة هي أكثر ما يدفعهم إلى التوجه نحو هذا النوع من الأسواق.
محطتنا الثانية كانت سوق درقانة شرق العاصمة، أحد أكبر الأسواق الشعبية بالمنطقة؛ تجذب الفقير وحتى متوسط الحال، بل أحيانا حتى ميسور الحال، حسبما أكد بعض الباعة بسوق "الشيفون" هناك.
وأرجع ذلك بعض من حدثناهم إلى ما تخفيه تلك السوق، أحيانا، من كنوز، على حد تعبيرهم، لماركات عالمية بأسعار بخسة، بل بعض علامات الرفاهية المجتمعية للدول الأوروبية تسجل حضورها بأسعار مثيرة للدهشة، تخلى عنها أصحابها؛ لمللهم منها، أو رغبتهم في التغير، أو لإصابتها بخدشة بسيطة، تحولت نظرا للطلب عليها، إلى سوق قائمة بحد ذاتها، مدرّة للملايين على مستورديها، والمتعاملين التجاريين فيها، وهو ما أشار إليه خالد أحد تجار السوق، الذي أكد أنه ينشط في المجال لأزيد من 15 سنة؛ كمتنقل خلال هذه السنوات من سوق لآخر، بين بومرداس، وبومعطي، ودرقانة، وغيرها من الأسواق، يحاول، في كل مرة، عرض قطع "سليمة" لزبائنه، موضحا أن هذه السوق ناجحة، خاصة أنها لم تعد من أسواق الفقير فقط، على حد قوله، بل وجهة أساسية للباحثين عن الموضة والقطع الثمينة بأقل الأسعار. وقال إن البعض جعل منها، أيضا، سوق جملة لاقتناء ملابس جيدة، وإعادة بيعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
من جهته، أوضح منير بذات السوق، أن هذه التجارة تنتعش خاصة خلال عيدي الفطر والأضحى؛ حيث تجد أرباب الأسرة يبحثون عن قطع ملابس لأطفالهم، ليس الجميع دافعهم الحاجة، بل هناك من لم يجد " نوعية" ما يبحث عنه في سوق الملابس الجاهزة والجديدة. كما إن ارتفاع الأسعار وبلوغ بعضها " الجنون " في السوق الجديدة، يدفع بالتوجه إلى سوق الشيفون لكسوة الأطفال، وحتى كسوة أنفسهم للعيد.
وأكد محدثنا أن البعض لا يتردد في اقتناء أكثر من قطعة في آن واحد نظرا للأسعار الجيدة؛ إذ يرون أن في ذلك فرصة لا يجب تفويتها، وبالتالي يقبلون على تلك السلع كما يتهاتف البعض الآخر على القطع الجيدة.
وعن ارتفاع أسعارها نسبيا مقارنة بما كانت عليه سابقا ، فحسب منير، ذلك راجع إلى ارتفاع أسعارها في السوق العالمية، والإقبال الشديد عليها، والطلب عليها من طرف مختلف دول العالم حتى الغنية منها؛ حيث أضحى جيل اليوم يبحث عن تلك الأسواق؛ ركضا وراء الموضة التي لم يعد بالإمكان تحمّل تكاليفها.
وأوضح أن بعض السلع التي تدخل سوق الشيفون، هي سلع جديدة، وهي من فائض المحلات الكبرى التي باتت تطرح، هي الأخرى، سلعها المتبقية ضمن هذه السوق؛ ما يجعل أسعارها ترتفع مقارنة بالملابس القديمة والمترهلة التي كانت تُعرض في هذه السوق قديما.