‘’يما قورايا” في أعالي بجاية
جمال طبيعي شوهته سلوكات شاذة
- 2119
ترتبط ولاية بجاية بأحد أشهر المعالم السياحية الوطنية، وهي ”يما قوراية” التي لا يمكن لأي زائر لهذه المنطقة تفويت اكتشاف سحر موقعها، الذي يمازج بين الغابات الكثيفة في أعاليها وبين زرقة البحر الفيروزية، ويتطلّب الوصول إلى قمتها المشي قرابة 6 كيلومترات، عبر ممرات صخرية، تصادفك بين منعرجاتها العديد من القردة التي لا تكف عن التأمل فيك إلى حين بلوغ قمة جبل يبلغ ارتفاعه 672 م.
في قمة الجبل تجد قلعة ”يما قورايا” التي شيّدها الفرنسيون سنة 1833م، بقيت منها بعض الجدران الأثرية التي أخذت بفعل العوامل المناخية مع الوقت، شكل امرأة مستلقية تستقبل زوارها لأزيد من قرن ونصف القرن، بداخلها ضريح ينسب إلى ”يما قورايا”، استولى عليه الفرنسيون وحوّلوه إلى ثكنة عسكرية وغيروا بعض معالمه، على غرار القبة التي عادة ما تكون على الضريح، ليبقى منها اليوم مجرد غرفة تآكلت بفعل المناخ وبني عليها بناء فوضوي بالحديد، تحمل على جدرانها خربشات لسياح لا يقدرون قيمة هذا النوع من المعالم السياحية.
طقوس غريبة وأفكار شاذة
لا تنقطع حشود الزوار لتلك القلعة على مدار السنة، حيث يبلغ عدد سياح ”يما قورايا” 12 ألف سائح، حسب إحصائيات خاصة بالسياحة في المنطقة، وصادفت ”المساء” أن زارت تلك القمة خلال يوم عاشوراء. يبدو أن لسكان المنطقة والمناطق مجاورة، عادات خاصة بهم خلال هذا اليوم، حيث تزيّنت الممرات المؤدية إلى تلك القمة بنساء من مختلف الأعمار، تزيّن بأحلى الفساتين بألوان فسيفسائية، ولم يظهر عليهن التعب أو الإرهاق خلال بلوغ القلعة، وإنما في خطوات متناسقة وجو عائلي ممتع، تقاسمن إلى فرق وقطعن تلك المسالك الصخرية.
تعالت زغاريد النساء، ممزوجة ببعض الأغاني القبائلية الشعبية، للتعبير عن فرحتهن بقطع مسافة معيّنة، وتتعالى أصواتهن حين يبلغن القلعة لتلتقط البعض منهن صورا هنا وهناك، ولما لا وجبة صغيرة يتقاسمنها مع القردة من صنف ”الماكاك البربري” التي اعتادت وجود الإنسان في أحضان ذلك الجبل، لدرجة أنهم أصبحوا اجتماعيين.
لفت انتباه ”المساء” الطقوس الغريبة لبعض النساء اللواتي يتبركن داخل الضريح، ويخضبن أياديهن بالحناء، إيمانا منهن ببعض الأفكار الشاذة، ويمارسن بعض السلوكيات كالتغريد والخروج من باب الضريح، في خطوات متراجعة ويشعلن الشموع.
معلم تاريخي شوهته النفايات
تعتبر قمة ”يما قورايا” جزءا من الحظيرة الوطنية ومصنّفة ضمن المحميات العالمية لـ«اليونسكو” سنة 2004، وتنقسم إلى ثلاث مناطق ”رأس كربون الصخري”، ومنارته التي تعتبر من إكبر المنارات في العالم، إلا أن هذا المعلم الذي يبدو فريدا من نوعه، شوّهه الإنسان بفعل سلوكياته السلبية، لاسيما في رمي النفايات.
فالمتجول في ربوع الحظيرة، يدهشه الكم الهائل لأكوام النفايات، والأكياس البلاستيكية التي تعد بالعشرات في كل منعرج، حملها المهتمون بالنظافة في أكياس خاصة ووضعوها على أرصفة الطريق، إلا أنها ظلت رهينة عبور شاحنة حمل الأوساخ، وجرفتها الرياح ومياه الأمطار إلى وسط الطريق، ويستحيل أحيانا العبور بالسيارة، ولم تتوقف تلك المناظر المزعجة على ذلك، وإنما كانت القارورات الخضراء لمختلف الكحوليات والعلب الحديدية تشكل جزءا آخر من ذلك المنظر، ألقت بها الطبيعة بعد هطول الأمطار، مستنكرة إياها، كأنها تطلب حملها وإبعادها عنها.