لأنها أساس النكهة الشهية

جمال نجار يتفنـن في خلط التوابل

جمال نجار يتفنـن في خلط التوابل
  • 1947
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة
تضفي التوابل أو البهارات نكهات خاصة على المطبخ الجزائري، تناقلتها الأمهات عن الجدات منذ سنين طويلة ويتفنـن في خلق الخلطة السحرية لوصفاتها، واليوم بات خلطها ليس من اختصاص المرأة فقط، بل نجح بعض الرجال في تبني ذلك الفن واحترافه، ويعتبرها الكثيرون بمثابة اللمسة السحرية لمختلف الأطباق والأذواق، لذلك يزداد الطلب عليها بحلول شهر الخيرات، وتنتعش تجارتها في الأسواق والمحلات.
انتقلنا إلى سوق علي ملاح التي تعد من أقدم أسواق العاصمة والتي اشتهرت بمنتجاتها الطازجة من خضر وفواكه وأسماك ولحوم، وغيرها من المواد الغذائية الأخرى، يأتي بها المتسوقون من مختلف بلديات العاصمة، اقتربنا من الشاب جمال نجار المختص في خلط وبيع التوابل منذ أكثر من 20 سنة، مكنته هذه الخبرة الطويلة من نيل شهرة واسعة، حيث تتوافد النساء عليه يوميا لشراء وصفاته السحرية التي تضفي على الطعام مذاقا رائعا فاقت 30 نوعا، على غرار شوربة الحريرة المغاربية وأخرى جزائرية، سمك، شطيطحة، بايلا، ملوخية، مثوم مرق أبيض، مرق أحمر، حار، حلو.. حيث وضع جمال لافتات حملت وصفة الطبق الذي يناسب ذلك التابل، ثبتها فوق التوابل الموضوعة داخل علب بلاستيكية كبيرة.
وفي حديثه إلينا، أوضح التاجر أن صنعته تعلمها على أيدي كبيرات السن اللواتي كان يجالسهن بعد اكتشافه لهوايته الخاصة في تركيب خلطات التوابل، ونجح في حمل كل أسرار هذا الفن، حيث قال إن للجدات حكمة خاصة في تركيب تلك البهارات، وسبحان الله  رغم محدودية علمهن، إلا أنهن مختصات في إعطاء المذاق الرائع للطعام، وتمكن في الحفاظ على أصالة الطبق منذ القدم، فتهميش مكون واحد في طبق معين، كفيل بتغيير لذة الطبق كليا.
لم يكتف جمال بتحضير خلطاته بالمعلومات التي تحصل عليها من كبيرات السن، بل لا يزال يتعمق في عالمه، ويبحث عبر مواقع الأنترنت كل ما يتعلق بثقافة البهارات، حيث قال: "عالم التوابل جد واسع، ولكل حضارة خلطات خاصة، واليوم، المرأة الجزائرية متفتحة على العالم، بفضل القنوات التلفزيونية التي تنشر بعض المسلسلات التي تنقل لنا حضاراتها، سواء التركية، الخليجية، السورية، المصرية، وغيرها من الدول، فضلا على حصص الطبخ التي تنقل لنا أطباق العالم وأسماء توابل جديدة تتوق المرأة لاستعمالها في مطبخها. وهناك أنواع كثيرة من التوابل التي اعتدنا عليها منذ القدم واستعملناها في المطبخ الجزائري، تتألف من الكمون والبهار الأسود والزنجبيل والحلبة والقرفة والثوم والهيل وجوزة الطيب والفلفل الأحمر والهيل الأخضر، كان يتم خلطها داخل البيت ومباشرة على قدر الطبخ بنسب محددة، والبعض منها تطحن كمجموعة متناسقة مثل "راس الحانوت". ويواصل جمال نجار قائلا: "الكثيرون يأتون لشراء كميات كبيرة من التوابل كمخزون يستخدم طيلة أيام السنة، وأكد المتحدث أن له زبائن تعودوا على بهاراته، وأصبحوا لا يستغنون عنها.
وعن البهارات التي يعرضها جمال هي من بلدان عديدة، أهمها الهند، فرنسا، إسبانيا، أمريكا وسوريا ودول عالمية أخرى، ولكل بلد خاصية محددة لبهاراته، فمثلا البهارات الهندية تتميز بالمذاق الحار واللاذع. ويفتخر المختص ببعض التوابل الجزائرية قائلا: "إن الجزائر تزخر ببعض التوابل التي تعد الأطيب والأفضل عالميا، مثل القصبر، حبة حلاوة، العكري، الكروية والفلفل الحار، وهذا الأخير رغم تواجده عبر دول عديدة من العالم، إلا أن النوع الجزائري يتميز بالذوق الرائع الذي يضفي على الوصفات البسيطة "البنة" المطلوبة”. وعن وصفات بعض التوابل، يقول المتحدث؛ “يتكون التابل التونسي من القصبر الكروية، الثوم والحار، إلى جانب تابل أمريكي خاص بالأطباق المقلية والمشوية باسم "كولومبو".
أما "رأس الحانوت" الجزائري، فيتكون من 11 تابلا، منها السكنجبير، الخلجلان، جوز الطيب، الكبابة، الهيل، الحرور، جوز الرقيقة، القرنفل، دار الفلفل ودار الصيني، وهو البهار الذي كان يستعمل قديما للمرأة النافس، حيث كانت تجمع هذه التوابل وتجفف في مكان جاف بعيدا عن الشمس، ثم يطحن ويوضع في الأطباق التي تقدم للمرأة النافس كالبركوكس وشوربة الخضار، حيث كان ذلك يساعدها في إفراز الحليب لإطعام رضيعها. وعن الطريقة المثلى لحفظ التوابل، قال محدثتنا: "لابد من حفظها في مكان جاف ومظلم بعيدا عن الضوء والهواء والرطوبة والحرارة العالية ووضعها على رف في المطبخ بعيدا عن الفرن أو غسالة اﻷطباق وفي علب من الزجاج أو الفخار المخصصة لذلك، حتى لا تفقد نكهتها".