الصادق طيوان

حرفي تجاوز الإعاقة ليصبح من ذوي الإبداعات الخاصة

حرفي تجاوز الإعاقة ليصبح من ذوي الإبداعات الخاصة
  • 730

وجد الصادق طيوان من بلدية الرواشد (شمال ميلة) في مجال الحرف وتشكيل التحف والمجسمات، بالاعتماد على المواد المسترجعة، ملاذا لتجاوز الإعاقة التي حلت به فجأة، فأبدع وبرز في هذا الميدان، من خلال تجسيد أفكاره الفنية بكل تفان.

تمكن الصادق صاحب 48 سنة، من تخطي صدمة الحادث الذي وقع له سنة 2000، بينما كان يؤدي عمله ضمن القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي التي كان ينتمي إليها بأحد جبال ولاية تيزي وزو، حيث تعرض بمعية بعض زملائه، لاعتداء إرهابي تسبب له في فقدان جزء من يده اليمنى.

بمناسبة اليوم الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة المصادف لـ 14مارس من كل سنة، تحدث الصادق عن الصعوبة التي يجدها غالبا لاستيعاب التغير الذي أحدثته الإعاقة المفاجئة في حياته، قائلا؛ إن العالم أصبح مظلما حوله، وتطلب تجاوز هذا الإحساس سنوات طويلة. لكنه وبدعم من عائلته، ولج عالم الحرف وصنع التحف الفنية التي وجد فيه ضالته، وأحب من خلاله الحياة من جديد. وقال؛ لقد لاحظت انتشارا كبيرا لعدة مواد قابلة للتدوير في البيئة، على غرار القطع الخشبية والزجاجية والعبوات البلاستيكية، التي تبدو للآخرين غير مهمة، إلا أنها أضحت تحتل مكانة هامة في الأعمال الفنية التي أصنعها، وحظيت بالإعجاب الكبير.

لم يجد هذا الحرفي العصامي ذو الثقافة الواسعة، حسب أقواله، أية صعوبة في تشكيل التحف الفنية لتعدد اهتماماته، إذ ولج عالم الرسم وكتابة الخط العربي والزخرفة منذ نعومة أظافره، وأضحى اليوم، يوظف هذه المواهب في حرفته، كما تبدو في أعماله.

عاد الصادق بعد برهة من الصمت، بذاكرته إلى الحادثة التي فقد فيها يده قائلا؛ لقد جعلتني الإعاقة أعيش تحديا داخليا بضرورة التعايش معها، وهو ما كان لي من خلال ولوج عالم التحف الفنية منذ سنة 2015، محاولا ترك بصمتي الفنية الخاصة بإنتاج أعمال تعكس رؤيتي الإبداعية للأشياء المهملة، بإعادة استرجاعها وإدخالها كعناصر أساسية في المجسمات التي أصنعها.  

نظرة فنية للأشياء تعكس الهوية والانتماء

كثيرا ما يستلهم الصادق لصنع مجسماته، من المناظر الطبيعية التي تخص تحديدا منطقة ميلة، على غرار شلالات تامدة ببلدية أحمد راشدي، أو مجسم المياه المتدفقة من سد بني هارون، رغم بساطة المواد الداخلة في تشكيلها، ويسعد لإعجاب الناس الذين يقبلون على الجناح المخصص له في المعارض التي شارك فيها، سواء محليا أو عبر مختلف ولايات الوطن.

قال في هذا الشأن، أحرص دوما في تنقلاتي إلى خارج الولاية، أن أحمل معي أعمالي التي تعكس هوية المنطقة التي أنتمي إليها، من معالم ثقافية وتاريخية وطبيعية، إيمانا مني بأن الحرفي سفير في مجاله، لهذا تجدني أجتهد لتحويل خصوصيات المكان الذي أمثله بعد إطلاق العنان لطاقاتي الإبداعية، إلى تحف فنية أشكلها وأعرضها على الآخرين، حتى يرتحلوا من خلالها إلى تفاصيل البيئة التي أنتمي إليها.

أضاف الحرفي وكله ثقة، في جودة ونوعية أعماله التي جسدها بيد واحدة فقط، أفكاري هبة ربانية ولا أجد حرجا في نقلها للمقبلين على مجال الحرف الفنية، إيمانا مني بأن الإبداع عطاء واستمراره مرهون بتشاركه مع الآخرين.

لا يقتصر تميز وتفوق الصادق عن بقية الحرفيين، في كونه يجسد عمله الفني بيد واحدة (اليسرى)، بل يكمن أيضا في قدرته على تحويل أشياء بسيطة إلى تحف تسر الناظرين، على غرار تحويل مكنسة إلى باقة زهور، وتجسيد مزرعة بها قطيع من الغنم بالاعتماد على القطن، وغيرها من الأعمال التي تتطلب إلى جانب الدقة والإتقان، الموهبة والإبداع، المهم بالنسبة لي كحرفي من ذوي الاحتياجات الخاصة، الفكرة، أما التجسيد فيظل أمرا سهلا للغاية بالنسبة لي، لاسيما بعد أن أنعزل بورشتي الصغيرة في البيت، لأنه لا يتطلب مني سوى المواد التي هي في متناول الجميع، والتي عادة ما تتوفر في منزل أي شخص منا، حسبما خلص إليه الحرفي المثابر.