ظاهرة عادت للبروز بشكل مخيف

حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !

حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !
  • 343
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

عادت خلال السنوات الأخيرة، ظاهرة، اعتقد المجتمع أنها زالت مع الوقت، تخالف تعاليم الدين الحنيف، وهي حرمان الفتاة أو المرأة من حقها في الميراث؛ عادةً للتداول وسط بعض العائلات، تحت ذريعة "لا يذهب المال للغريب" ! ورغم أنه حق أقرَّه الشرع وجاء في سورة كاملة من القرآن، إلا أن ذهنيات غريبة عادت للظهور في بعض المناطق، تكرّس منع المرأة تماما، من حقها في الميراث!

مسألة الإرث من المسائل التي تثير الحساسية وسط الكثير من العائلات، تلك التي يسيل لعاب بعض أفرادها؛ طمعاً في أخذ المزيد على حساب الورثة. ووصل الأمر بالبعض إلى حرمان المرأة تماما، من حقها؛ إذ لا حقَّ لها، حسبهم، في المطالبة به. وحتى إن وصل البعض إلى المحاكم، يجد هؤلاء طريقة للتسلل من القانون! رغم أن الإسلام جاء ضامنا لحقوق المرأة في شريعته، وضمن نصوص قرآنية واضحة ومفصلة، لم يفوّت فيها الله عز وجل، أبسط التفاصيل، في وقت كانت المرأة نكرة ومظلومة في مجتمعاتها، وأعطى الله بذلك نصيب الذكر بحظ الأنثيين.

وفي هذا الصدد، أكد الإمام عمر حاج عيسى بروان لـ"المساء"، أن هذه العقليات التي يتداولها البعض في المجتمع منذ زمن، "زادت حدة في السنوات الاخيرة، وهو ما لمسناه من خلال عدد التساؤلات التي ترِدنا في كل مرة، حول حرمان المرأة من حقها في التركة، وعدد القضايا التي تصل إلى المحاكم، والتي تم فيها هضم حق بعضهم من الميراث".

وأضاف الإمام أن هذه العقليات هي "من تفكير الجاهلية، ومن زمن قبل الإسلام؛ حيث كانت الشعوب آنذاك، لا تورّث المرأة، بل يحرمونها تماما من الإرث، وحتى الصغار، وإن كانوا ذكورا. وكان الرجل، فقط، وحده من يرث، بل كان بعض العرب يورّث فقط، من يقاتل على ظهر خيل، طاعنا، وضاربا بالسيف، وحائزا على الغنيمة من المعارك".

وأضاف المتحدث أن الميراث من حق المرأة، ولها فيه نصيب مثلها مثل الرجل، بقسط ومعيار حدده الشرع وفق نصوص قرآنية واضحة جدا. لكن بعض الأعراف والتقاليد، اليوم، تضرب "الشريعة الإسلامية" عرض الحائط، ولا تبالي بما أوجبه الله، وما فرضه على الأمة، مؤكدا أن بعض العائلات في مناطق من الوطن، تكسر القواعد التي حددها الشرع ولم يترك فيها مجالا للنقاش أو إعادة نظر، بل ما على الإنسان إلا تطبيقها بحذافيرها؛ صوناً وحماية لحقوق المرأة.

والنصوص التي توجِب للمرأة الحق في الميراث كثيرة، يقول الإمام عمر بروان؛ فقد خصص الله سورة كاملة في القرآن الكريم، تحدد الميراث بتفاصيله لم يترك منها ولو تفصيلا بسيطا. وحق المرأة في القرآن واضح؛ لقول الله تعالى في سورة النساء: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه أو كثر نصيبا مفروضا" . وما أكثرها من آية واضحة تحدد قسط المرأة! يضيف الإمام؛ لقوله تعالى: " يوصيكم الله في أولادكم، للذكر مثل حظ الأنثيين" .
ولا يجب أبدا على أيّ بشر أن يشكّك في حكمة الله، وفي قواعده التي يحكم بها البشرية.

ونبّه الإمام إلى أن بعض العائلات الجزائرية باتت تخالف الشرع، وذلك محرَّم؛ إذ يُعد تجاوزا وتعديا على قانون الله تعالى، الذي يرى فيه حكمة. كل تلك الممارسات، يقول الإمام، تبررها تلك العائلات بمفاهيم التقاليد، والتي تؤدي إلى حرمان المرأة من ميراث زوجها أو أبيها، وهو فعل لا محلَّ له من الاسلام مطلقا، بل هو من الأعراف القديمة التي سادت في مجتمعات الجاهلية.

وأضاف المتحدث أن في بعض المناطق لا يورِّثون المرأة أيضا؛ بحجة أن المال لا يذهب للغريب. وتلك العائلات التي لها أراض خاصة تحرم المرأة من حق أبيها أو زوجها؛ بحجة مفاهيم سائدة؛ عدم توريث "الصهر" ؛ لأن ذلك سيؤدي إلى خروج الأرض من ملكية العائلة مع تعاقب الأجيال، وبذلك يتم سلب ـ باطلا ـ النساء حقوقهن في الميراث؛ يوضح: " وهذا كله تفكير خاطئ، ومتعدٍّ على قانون الله العظيم! ".

وفي الختام أضاف الإمام: " وما إن تتمرّد بعض النساء على تلك الأعراف "الظالمة" والفاسدة، تواجَه بوابل من الاتهامات، وأنها خارجة عن عادات العائلة. وقد تتصاعد المواجهة لتتعرض فيها لعنف وأذى؛ لأنها، في نظرهم، خارجة عن قانون وأعراف العائلة! ".