لتنشئة جيل متوازن

دعوة إلى تكفل نفسي فعال بالأطفال

دعوة إلى تكفل نفسي فعال بالأطفال
  • 139
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

شدد الدكتور مروان بلغربي، الطبيب النفساني، على ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية لدى الطفل، مثلما يتم الاهتمام به من جانب الصحة الجسدية، مشيرا إلى أنه يتم رصد بعض المتلازمات النفسية الخطيرة لدى بعض الأطفال، لم يتم تسجيلها في سنوات مضت، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب، أهمها تهميش المرافقة النفسية لبعض الأطفال الذين يعانون بعض الحالات الصحية، فضلا على مشاكل اجتماعية، كالتفكك الأسري، التسرب المدرسي، المخدرات وغيرها من المشاكل الأخرى، التي تؤدي إلى تحطيم عقل الطفل وتسبب له مشاكل نفسية خطيرة.

طرح المختص الموضوع، بمناسبة اليوم الوطني للطفل، المصادف لـ15 جويلية من كل سنة، حيث ارتأى النفساني، عرض واحد من أهم المشاكل التي تواجه الأطفال، اليوم، والتي قد تؤول إلى نقل عدوى خطيرة في المجتمع كافة، على حد تعبيره، حيث قال، إن سلامة المجتمع من سلامة الطفل، ولا تقل أهمية السلامة العقلية والنفسية عن السلامة الجسدية.

أضاف المتحدث، أن الحديث عن المختص النفساني أو المختص العقلي، بمثابة الحديث عن إحدى الطبوهات الاجتماعية، فالاعتراف بالحاجة إلى مختص نفساني، هو بمثابة الاعتراف بالجنون لدى البعض، غير أن هذا الأمر غير صحيح، فالعلاج النفساني ضروري، مثله مثل العلاج الجسدي، للقضاء على بعض المشاكل المختلفة في الجسم.

وأكد أن الكثير من المشاكل النفسية، يتم رصدها لدى بعض الأطفال، الذين لابد أن يتمتعوا بصحة نفسية وعقلية متزنة، خصوصا أن بعض المشاكل البسيطة يمكن أن تتحول إلى مشاكل جد معقدة مع مرور الزمن، إذا لم يتم التكفل بها في مراحل مبكرة.

وأرجع الدكتور بلغربي تلك المشاكل النفسية، إلى العديد من الأسباب، منها قلة الاهتمام بالطفل، إذ يشهد جيل اليوم، انتشار وسط الأبوين، نوع من "قلة الاعتبار" لدى الأطفال، كقلة اهتمام غياب الحوار، التفرقة بين الأبناء، أو الدلال المفرط كذلك، إلى جانب مشاكل أخرى تؤدي إلى تحطيم نفسية الطفل أو التاثير عليها سلبا، كالطلاق، التفكك الأسري، أو وجود مشاكل اجتماعية لدى أحد الوالدين، أو إصابتهم بمشكل نفسي، كالعنف، أو الإدمان، وغيرها من المشاكل التي تهدد انتقالها للطفل كعدوى على شكل مشكل نفسي، قد يكون خطيرا.

إن الانطواء، الانعزال، الخوف، التبول اللاإرادي وضعف الشخصية، من العلامات الأولى التي قد تظهر على الطفل المؤهل للإصابة بمشكل نفسي، وفي هذه المرحلة، لابد من استشارة مختص من أجل التكفل الصحي واتباع بروتوكول صحيح، لضمان العلاج وتفادي التعقيدات والمضاعفات الأخطر، مع تقدمه في السن.

وأوضح أن العلاج النفسي لا حرج فيه، ولا يعني اصطحاب الطفل لاستشارات وعلاجات نفسية، أنه يعاني اختلالا عقليا، وإنما هي طريقة لتخفيف تلك الأزمة النفسية التي قد يعاني منها، بل وتحليل ما يعرف وسط المجتمع بالعقد النفسية، التي هي في حقيقة الأمر، اختلالات يمكن علاجها، كالخوف، العنف، العزلة، ضعف الشخصية، فرط الحركة، الحزن، ضعف التركيز، نوبات غضب وعنف، قلة النوم، فقدان الشهية، نقص الانتباه، واضطرابات بعد الصدمة، وحول هذه الأخيرة، قال الطبيب بأنها من المشاكل الأساسية التي تحدث، بعد تعرض الطفل لصدمة، كفقدان أحد الأهل، أو وقوعه ضحة حادث، أو عيش تجربة صعبة، كالاعتداء أو العنف، وقد تكون من أخطر الصدمات التي قد تترتب عليها مشاكل أكثر خطورة على نفسية الطفل مستقبلا، يضيف بلغربي.

وفي الأخير، دعى المتحدث إلى أهمية الخروج خلال هذه المناسبات، كالأيام الخاصة بالطفل، من كلاسيكيات المشاكل، والتوجه أساسا نحو المشاكل الأكثر تعقيدا، إذ تعد الصحة والسلامة النفسية، من أكثر المواضيع التي تهدف إلى الرقي بالمجتمع، وإصلاح أساسه، بإصلاح ما يمكن أن يكون أساس مشكل مستقبلي، لأن تلك التعقيدات الصحة النفسية هي التي تهيئ فردا في المجتمع قد يكون مجرما، أو سارقا، أو شخصا نرجسيا، أو ضعيف الشخصية أو مدمنا، وغيرها من الصفات التي هي أساسا نابعة من مشاكل نفسية وعقلية، لم يتم التكفل بها بالطريقة الصحيحة.