مجازر الطرق تبيد أُسَرا بأكملها

دعوة لتفعيل قوانين أكثر صرامة لردع المخالفين

دعوة لتفعيل قوانين أكثر صرامة لردع المخالفين
الدكتور محمد كواش، الخبير والباحث الدولي في مجال السلامة المرورية
  • 206
رشيدة بلال رشيدة بلال

دفع الارتفاع الكبير في حوادث المرور، المسجل خلال صيف هذا العام، بالدكتور محمد كواش، الخبير والباحث الدولي في مجال السلامة المرورية، إلى التفكير في وضع منصة وبطاقة وطنية، لمتابعة المخالفين والمتسببين في هذه الحوادث، في ظل ضعف آليات التوعية المعتمدة حالياً، والتي قال، إنها تعتمد على طرق كلاسيكية قديمة.

أكد الخبير، أن رخصة السياقة بالتنقيط، رغم أهميتها، باعتبارها أداة بيداغوجية تربوية ردعية، لم ترَ النور بعد، "مؤكدا أنه في انتظار الإفراج عنها، يبقى من الضروري التعجيل في تسطير آليات أكثر فعالية، للحد من المجازر المرورية اليومية، خاصة وأن الحوادث لم تعد مجرد أرقام، بل تحولت إلى مصدر للألم والأحزان بعدما أصبحت تبيد عائلات بأكملها.

يرى الدكتور كواش، أن العامل البشري هو المتسبب الرئيسي في حوادث المرور، ما يجعل "التأهيل المروري" أمراً ضرورياً، موضحاً: "السائق بحاجة إلى إعادة تأهيل، لأن التكوين في مجال السياقة المعمول به في الجزائر، بدائي وتقليدي وبسيط، بينما السياقة الحديثة اليوم، تقوم على عنصرين أساسيين: السياقة الدفاعية والوقائية، المبنية على توقع الأخطار ومواجهتها وتجنبها، بالاعتماد على ما يُعرف بالحاسة السادسة".

وأشار إلى أن المنظومة الكلاسيكية لتعليم السياقة، يمكن الاعتماد عليها فقط في المراحل الأولى، لكن بعد ذلك يجب أن ينتقل السائق إلى مستوى السياقة المحترفة، خاصة بالنسبة لسائقي الحافلات، والشاحنات، ونقل المحروقات، والبضائع، والنفايات، والنقل المدرسي. وأضاف: "الترويج للسياقة الاحترافية من شأنه الحد من حوادث السير، خصوصاً مع الارتفاع المقلق في هذا النوع من الحوادث، الذي يذهب ضحيته، أعداد كبيرة من المسافرين".

وانتقد الخبير ضعف التكوين في مجال تعليم السياقة، مشيراً إلى غياب حظائر مخصصة للتدريب والمسابقة، بل إن البعض يسعى للحصول على رخصة السياقة في الجزائر، لأن الحصول عليها في الخارج صعب. كما اعتبر أن الملف الطبي المطلوب للحصول على رخصة السياقة غير كافٍ، لغياب التشخيص النفسي، وهو أمر ضروري لمعرفة ما إذا كان السائق، خاصة بالنسبة لسائقي الحافلات والشاحنات، يعاني من اضطرابات نفسية، داعياً إلى إعادة النظر في كامل منظومة السياقة في البلاد.

الحوادث قضية صحية وليست أمنية فقط

وأوضح الدكتور كواش، بأسف، أن حوادث المرور لا تخلف فقط وفيات، بل تتسبب في تسجيل 10 معاقين يومياً، مضيفاً: "من يدفع ضريبة هذه الحوادث هي المنظومة الصحية، لأن الملف المروري ليس ملفاً أمنياً، كما يعتقد الكثيرون، بل هو ملف صحي بالدرجة الأولى، إذ تتحمل المستشفيات عبء التكفل بالضحايا بالعلاج والمتابعة".

وأشار إلى أن غالبية الضحايا يدخلون عالم ذوي الاحتياجات الخاصة، ويحتاجون إلى مرافقة طبية ونفسية وأكاديمية، وبعضهم يعاني من صدمات نفسية وصعوبة في تقبل واقعه الجديد، ما يفرض على عائلاتهم التفرغ الكامل للعناية بهم. كما لفت إلى أن الحوادث تكبد شركات التأمين خسائر مالية كبيرة، تضر بالاقتصاد الوطني.

من المخالفة إلى "الإبادة الأسرية"

وأكد الخبير، أن آليات التوعية التقليدية، مثل الومضات الإشهارية وتوزيع المطويات، لم تعد مجدية، داعياً إلى اعتماد آليات ردع فعالة، كما هو معمول به في بعض الدول الغربية، والتي تطبق عقوبات صارمة لمنع تكرار المخالفات. وأضاف: "انتقلنا في السنوات الأخيرة، من الحديث عن المخالفة المرورية، إلى الإجرام المروري، ثم العنف المروري، إلى إرهاب الطرق، واليوم نتحدث عن مجازر مرورية، بل وإبادة أسرية كاملة تنتهي في حادث مرور".

وختم المتحدث بالتأكيد على أن الجزائر، تعيش ذروة المجازر المرورية خلال أربع فترات من السنة: الدخول الاجتماعي، التقلبات الجوية، شهر رمضان وموسم الصيف، ما يتطلب وضع مخططات مرورية خاصة بكل مرحلة، والتعجيل في تطبيق رخصة السياقة بالتنقيط، لما لها من أهمية في تقويم سلوك السائقين.