يجمع كل ما هو قديم

"دكان الزمن الجميل".. رحلة إلى ذكريات الماضي

"دكان الزمن الجميل".. رحلة إلى ذكريات الماضي
إدريس حوفة
  • 212
 رشيدة بلال رشيدة بلال

"دكان الزمن الجميل"... بهذه العبارة اختار إدريس حوفة أن يعرّف عن هوايته في جمع كل ما هو قديم. ويعتقد أن مثل هذه الهوايات أصبحت، اليوم، مصدر رزق وسعادة لكل من اختار الولوج إلى هذا العالم، الذي بفضله أصبح معروفًا على المستوى الوطني، وحتى خارج الوطن.

في الوقت الذي اختار فيه بعض محبي هواية الجمع، أن يتخصصوا في مجال معين مثل جمع الكتب القديمة أو الطوابع البريدية أو العملات النقدية، قرر الشاب إدريس حوفة أن ينفرد بهذه الهواية، ويجمع كل ما من شأنه أن يعيد الشخص بذكرياته إلى "الماضي الجميل"، ذلك الماضي الذي لم تكن فيه التكنولوجيا دخلت إلى المنازل لتفرق شمل العائلات.

وقال إدريس في معرض حديثه مع "المساء" على هامش مشاركته في معرض الطوابع، حيث زيّن جناحه بكل الأشياء العريقة المستخدمة في يوميات كل فرد واختفت، إن بدايته مع هواية الجمع التي تعود لأكثر من 25 سنة، كانت مع الطوابع البريدية. وهي من الهوايات المحببة في الماضي، وكان يمارسها الكثيرون؛ إذ كان يجمع كل ما تقع عليه عينه من طوابع.

ومع مرور الوقت بدأ في كل مرة يجمع أشياء أخرى، بدأت تختفي من الحياة اليومية، مثل بعض العملات النقدية، والأدوات المدرسية القديمة، وبعض الألبسة، والأواني، وغيرها كثير. وذكر المتحدث أن الهواية تطورت من مجرد طاولة صغيرة لعرض الطوابع، إلى محل يجمع كل الأدوات القديمة التي تروي قصة، ومن هنا كانت الانطلاقة.

وبفضل ما جمعه الشاب إدريس أصبح لديه متحف صغير، فتح أبوابه لكل من يرغب في العودة بذاكرته إلى الماضي، من خلال ما يحتويه من أشياء. ويعلّق بالقول: "هناك من يقصد متحفي الصغير فقط ليتصفح بعض الأدوات، ويطلب مني السماح له بحملها، أو النظر إليها، لأنها تعيده إلى الماضي الجميل".

وأشار إلى أنه يعمل اليوم على توسيع متحفه؛ من خلال التواصل مع عدد من المواطنين الذين يمتلكون أشياء قديمة كانت تُستخدم في وقت مضى، حيث يقوم بشرائها أو مبادلتها، لافتا إلى أن الغاية من ممارسته هذه الهواية التي تحولت إلى مصدر رزق، هي خلق نافذة تعيد الأشخاص إلى زمن كانت فيه بعض الأشياء تصنع سعادتهم، وتخرجهم نوعا ما من عالم التكنولوجيا، الذي أفقد قدرة الناس على التواصل مع بعضهم البعض.

وردّاً على سؤال "المساء" حول الطريقة التي يسترزق، من خلالها، من هذه الهواية، أشار المتحدث إلى أن زبائنه عادةً هم من الأشخاص الذين لديهم هوس ببعض الأشياء. فمثلًا بالنسبة للطوابع البريدية التي تُعرف بأنها "هواية الملوك والأمراء"، يمكن أن يبحث البعض عن طابع نادر، ويطلب شراءه بمبالغ باهظة، وقد لا يعرف من قام بجمعه قيمتَه الحقيقية. وأضاف أن المتحف قد يتوفر على بعض المستلزمات التي تُعد من القطع النادرة التي يبحث عنها بعض المهووسين بهواية الجمع، مشيرا إلى أن هواية الجمع أصبحت من الهوايات التي تفطن لها الكثيرون بعدما أصبحت مصدرا للثروة.

ارتباط الهاوي إدريس بكل ما هو قديم جعله يتخصص في بعض المواد القديمة. ولعل من أبرزها العملات الورقية. وقال إنه يملك عملات ورقية جزائرية تعود إلى سنة 1890، مشيرا إلى أن سبب ارتباطه بالعملات الورقية، هو أن لكل منها قصة كانت السبب في إصدارها، وهو ما جعله يتعلق بها.

وأضاف المتحدث أنه يتطلع اليوم إلى تعليم هذه الهواية للأطفال؛ من خلال دعوتهم إلى متحفه، وإطلاعهم على القصص المخفية وراء كل قطعة قديمة. وبحسبه، فإن مثل هذه الهوايات تحرر هذا الجيل من مخالب التكنولوجيا التي جعلته رهينا لها، وتمكنه من تذوق عبق الزمن الجميل من خلال بعض الأشياء القديمة التي استخدمها أجدادهم وحتى آباؤهم، ولمَ لا ممارسة هذه الهواية، والاستمتاع بها.