مستشفى ”ابن رشد” الجامعي بعنابة
رهان على معالجة النفايات ذات خطر العدوى
- 651
وجدت معضلة النفايات الناتجة عن نشاطات العلاج التي تراكمت لفترة تجاوزت ست السنوات متتالية بولاية عنابة، طريقها إلى الحل؛ باستحداث وحدة بمستشفى ”ابن رشد” الجامعي، لمعالجة هذا النوع من النفايات التي يطلق عليها ”نفايات ذات خطر العدوى”؛ إذ تهدد صحة الإنسان والمحيط، وبقدرة معالجة تقدّر بـ 300 كيلوغرام من نفايات نشاطات العلاج في الساعة الواحدة، يُرتقب امتصاص إجمالي الكميات من النفايات التي تراكمت طيلة هذه المدة والتي يفوق حجمها 500 طن من النفايات مع نهاية ديسمبر من السنة الجارية، كما أكد مدير الصحة والسكان عبد الناصر دعماش.
هذه الوحدة التي تعمل بجهاز لمعالجة النفايات وفق مقاييس المطابقة العالمية، وتستعمل تكنولوجيا التعقيم بالبخار، لتحول هذه النفايات الخاصة إلى نفايات عادية غير مهددة للصحة والمحيط، دخلت حيز الاستغلال في جويلية من السنة الجارية، كما ذكر المسؤول، الذي أضاف أن مجموع النفايات الناتجة عن نشاطات العلاج بمختلف وحدات الصحة والمرافق الاستشفائية بهذه الولاية، ستعالَج بهذه الوحدة.
وخلال السنة المقبلة 2020 ستتعزز هذه الوحدة بتجهيز ثان مماثل، خصصت له الوزارة الوصية غلافا ماليا بقيمة 100 مليون دج، حسبما أكد السيد دعماش، مشيرا إلى أن ولاية عنابة ستحقق ”نقلة نوعية” في مجال معالجة النفايات الناتجة عن نشاطات العلاج، لتكون رائدة في هذا المجال، وذلك وفق تصور استشرافي يضمن حماية للصحة والمحيط. وإلى جانب التحكم في معالجة نفايات قطاع الصحة، سيمكّن هذا الإنجاز من ضمان مداخيل للقطاع، حسب المدير المحلي للصحة والسكان، الذي أشار إلى أن كلفة معالجة الكيلوغرام الواحد من النفايات بالمحارق الخاصة، تتراوح ما بين 20 و100 دج. وبإمكان الاستثمار في هذا المجال ضمان مداخيل لقطاع الصحة؛ من خلال إبرام اتفاقيات مع العيادات الخاصة وممارسي نشاطات الصحة الخواص، لمعالجة نفاياتهم، وفق المعايير الصحية والصديقة للبيئة على مستوى وحدة المعالجة بمستشفى ابن رشد، كما أفاد بذلك السيد دعماش. وإذا كانت إشكالية معالجة النفايات بولاية عنابة، وجدت طريقها إلى الحل باقتناء التجهيزات الضرورية، فإن واقع حال النظافة داخل هياكل الصحة يستدعي بدوره، التعجيل بمعالجة أسباب التراجع؛ لما لذلك من آثار مباشرة على خطر تفشي الإصابات المكتسبة بالمستشفيات، حسبما ذكر المشرفون على تسيير المصالح الاستشفائية؛ فالإصابات المكتسبة بالمستشفيات لها علاقة بشروط النظافة في ممارسة فعل الصحة والتكفل بالمريض داخل وحدات الاستشفاء، وتتسبب في تعقيد العلاج وإطالة مدة الاستشفاء، ومنها زيادة في كلفة الاستشفاء، كما أضاف المشرفون على المصالح الطبية بالمركز الاستشفائي الجامعى بعنابة، الذين أضافوا أن توفير شروط النظافة داخل وحدات العلاج، مرتبط أساسا بمدى وفرة المياه، موضحين أن ذلك لن يتسنى إلا بتوفير تموين عادي ومنتظم بالمياه في مرافق الصحة، واعتماد الشروط الأساسية الخاصة بالنظافة في أداء فعل الصحة؛ كغسل الأيدي، واستعمال قفازات طبية ذات نوعية، بالإضافة إلى التنظيف الدوري والمنتظم واحترام مقاييس التعقيم. فالمركز الاستشفائي الجامعي بعنابة، يسجل سنويا إصابة المرضى بعدوى المستشفيات بنسبه تتجاوز 7,5 بالمائة من مجموع المرضى المقيمين بهياكل الاستشفاء، حسبما كشفت عنه التحقيقات الميدانية الدورية لمصلحة الأوبئة والطب الوقائي بالمركز الاستشفائي الجامعي.
وإذا كانت هذه النسبة تُعتبر عموما ”غير مثيرة للقلق” بالنظر إلى معدلات الإصابة بهذا النوع من العدوى المنتشرة عبر كل مرافق الصحة بالعالم، وذلك بنسب متفاوتة (ما بين 5 إلى 10 بالمائة من مجموع المرضى) والتي تتسبب فيها طفيليات أو بكتريا أو فيروسات تعيش داخل مرافق الصحة وتنتقل إلى المريض أثناء العلاج، فإن غياب الشروط الأساسية للنظافة داخل وحدات الاستشفاء، يهدد بخطر مثل هذه الإصابات. ويتسبب هذا النوع من الإصابات في إطالة مدة العلاج، وزيادة كلفته، كما أكد ذلك رئيس مصلحة الأوبئة والطب الوقائي بالمركز الاستشفائي الجامعي البروفسوري محمد غربي؛ إذ إن ثلث حالات الإصابة بعدوى المستشفيات يمكن تفاديها باعتماد شروط النظافة، والتقيد بغسل الأيدي في ممارسة الفعل الطبي، حسبما ورد في الدراسات المنجزة ميدانيا عبر العديد من مناطق العالم، كما ذكر البروفيسور غربي.
ضمان النظافة بمرافق الاستشفاء لا يتحقق في غياب الماء
وإذا غاب شرط توفر المياه بصفة منتظمة في أغلب مرافق الاستشفاء بالولاية، فكيف يمكن توفير محيط نظيف وآمن للمريض وأعوان الصحة والأطقم الطبية، يتساءل المشرفون على تسيير مختلف مصالح الصحة بالمركز الاستشفائي الجامعي، الذي يستقبل سنويا حوالي 60 ألف مريض لأغراض العلاج بهياكله الاستشفائية الجامعية الموزعة عبر مستشفيات ابن رشد وابن سيناء ودربان، وعيادة سان تيراز لطب الأطفال، وعيادة طب العيون بمدينة عنابة. فعلى سبيل الذكر وليس الحصر، فإن بمستشفى ابن سيناء الجامعي الذي يضم مصالح أمراض القلب والكلى والطب الداخلي والجهاز الهضمي وعلاج الحروق الكبرى، يغيب شرط توفر المياه في حنفيات المغاسل ودورات المياه وكذا حنفيات مختلف المصالح الاستشفائية؛ لأسباب مرتبطة بتسيير قنوات التزويد بالمياه، حسبما ورد في تقارير مصلحة الأوبئة والطب الوقائي بذات المركز.
وإلى جانب التذبذب في التموين بالمياه ببعض هياكل الصحة وغيابها الكلي عن بعض المرافق الأخرى، فإن الإشكال الأكبر المسجل في معضلة النظافة بالمستشفيات يبقى مرتبطا بالمورد البشري، حسبما ذكر المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي بعنابة نبيل بن سعيد، الذي أشار في هذا الخصوص، إلى أن المركز الاستشفائي الجامعي يوظف ما مجموعه 51 عاملة نظافة عبر 45 مصلحة استشفائية، و9 مخابر و5 مصالح لطب الأسنان.
فخلال سنة 2018 وحدها سجل المركز إحالة 22 عاملة تنظيف على التقاعد بدون تعويض هذا النقص بعمال آخرين؛ بسبب تجميد التوظيف، كما ذكر ذات المسؤول، الذي أضاف أن عمال التنظيف بالمركز الاستشفائي الجامعي، يفتقدون لتكوين في التنظيف بالوسط الاستشفائي، الذي يتطلب التقيد بمقاييس في التعامل مع النفايات. ولتدارك هذه الأوضاع استفاد المركز الاستشفائي الجامعي، من عدة عمليات لإعادة تأهيل المصالح الاستشفائية، أعطيت الأولوية فيها للمصالح الجراحية بمستشفى ابن رشد الجامعي، حسب ذات المسؤول، كمصالح جراحة المسالك البولية؛ حيث تجرى عمليات زرع الكلى، بالإضافة إلى مصالح طب الأطفال والطب الداخلي والجراحة العامة، التي تُعد المصالح الأكثر عرضة لانتشار الإصابات المكتسبة بالمستشفيات. وتم في هذا الإطار تخصيص غلاف مالي بقيمة 100 مليون د.ج، لإعادة تأهيل سلسلة التعقيم بهذه المصالح، وتأهيل مرافقها، على أن تتواصل عمليات إعادة التأهيل خلال السنة المقبلة 2020، لتشمل باقي مصالح مستشفى ابن رشد الجامعي، حسبما تم الإشارة إليه.