عروض سياحية تُنعش السوق بعنابة

سباق مع الزمن للاستفادة من منحة السفر قبل نهاية العام

سباق مع الزمن للاستفادة من منحة السفر قبل نهاية العام
  • 159
سميرة عوام سميرة عوام

عرفت ولاية عنابة حركة سياحية غير مسبوقة مع حلول شهر نوفمبر. حيث بدأ المواطنون في التخطيط لرحلات قصيرة نحو تونس تمتد، عادة، لسبعة أيام. وسارعت وكالات السفر المحلية إلى تقديم عروض شاملة، تتضمن حجوزات فنادق، وبرامج سياحية يومية، وتنقلات مريحة بين المدن التونسية الأكثر شهرة؛ مثل الحمامات، وسوسة، وبنزرت وطبرقة، وحتى رحلات بحرية قصيرة بين المدن الساحلية. كما شهدت بعض وكالات السفر تقديم خصومات خاصة للعائلات والأفراد الذين يسجلون مبكرا؛ للاستفادة من المنحة السنوية. 

وجذبت هذه العروض المواطنين بسبب رغبتهم في قضاء عطلة نهاية العام بعيدا عن ضغوط الحياة اليومية، واستغلال منحة السفر السنوية قبل انتهاء صلاحيتها. وسهلت الرحلات القصيرة تقليل النفقات مقارنة بالوجهات البعيدة، وتجنب فقدان الحق السنوي في التصريفة، مع الجمع بين الراحة النفسية وتغيير الجو قبل بداية سنة جديدة، وهو ما جعل نوفمبر يتحول فعليا، إلى موسم سفر مكثف لشباب عنابة، وعائلاتها الصغيرة.

منحة السفر..  بين الحاجة الاقتصادية والبحث عن متنفس

وفرت منحة السفر أو "التصريفة" لسكان عنابة، أداة أساسية لتخفيف تكلفة الرحلات. ورأى المواطنون المنحة فرصة مزدوجة تجمع بين الاستجمام والاستفادة من المنحة الرسمية بالعملة الصعبة. واعتمد الشباب والأسر الصغيرة على المنحة لتغطية جزء كبير من ميزانية الرحلة. وشجعت هذه الفرصة على اختيار برامج سياحية قصيرة ومركزة بدل الإجازات الطويلة المكلفة. وأوضح عدد من المسافرين أن المنحة ساعدتهم على تغطية نفقات التنقل، والإقامة والوجبات. كما سمحت لبعض الشباب بالسفر لأول مرة، خارج الجزائر؛ ما وفر لهم متنفسا نفسيا، وتجربة ثقافية جديدة، بينما قال البعض إن المنحة تشجع على التخطيط المالي العقلاني، والحرص على اختيار الوجهات التي توفر أكبر قيمة مقابل المال.

البنوك تحت الضغط.. وطوابير تعكس حجم الطلب

واجهت البنوك في مختلف مناطق عنابة بما في ذلك وسط المدينة وضواحيها، ضغطا كبيرا مع هذا الإقبال على الرحلات. حيث توافد المواطنون على حجز العملة الصعبة اللازمة للسفر، وتقديم ملفات الاستفادة من المنحة، والاستفسار عن المواعيد، والشروط الجديدة. وعملت بعض الفروع بطاقة قصوى لتلبية الطلبات، بينما صادف آخرون طوابير طويلة، وأحيانا نقصا في السيولة؛ ما زاد صعوبة الحصول على المنحة في الوقت المناسب. وأوضح هذا الضغط حجم الطلب الكبير. وأشار إلى أهمية تحسين آليات تقديم الخدمة لتفادي أي تعطيل أو تأخير. كما شهدت بعض البنوك اعتماد نظام المواعيد المسبق لتقليل التزاحم، في حين استخدمت بنوك أخرى تطبيقات إلكترونية؛ لحجز العملة الصعبة بشكل أسرع، وأكثر انتظاماً.

رحلات "عقلانية" بميزانيات مدروسة

يفضل البعض رحلات قصيرة المدة بأسعار معقولة للفنادق والخدمات تتوافق مع المنحة؛ لتغطية جزء كبير من المصاريف. وحققت هذه العقلانية في التخطيط فعالية أكبر للرحلات؛ من خلال الجمع بين الاستمتاع بالوقت الحر، وتوفير النفقات، وتقليل الاعتماد على السوق الموازية للعملة. وساهمت هذه الخطوة في تخفيف الضغوط عن الاقتصاد المحلي. وأوضح بعض المسافرين أنهم يخططون ليومهم بعناية، بدءا من التنقل، والإقامة، إلى الوجبات والأنشطة؛ لضمان الاستفادة القصوى من وقت الرحلة، بينما اختار البعض الآخر برامج سياحية جماعية تقلل التكاليف؛ مثل الرحلات المنظمة، والحجوزات المشتركة مع أصدقاء أو أقارب.

توقُّع ارتفاع الطلب نهاية ديسمبر

توقع خبراء السياحة استمرار تزايد الإقبال على الرحلات نحو تونس في شهر ديسمبر، خاصة مع عطلة نهاية العام، ورغبة العائلات والشباب في إنهاء السنة بخروج سياحي. وسيظل الطلب مرتفعا بسبب حرص المواطنين على استغلال المنحة قبل انتهاء السنة، ونقص الخيارات البديلة بأسعار معقولة داخل الجزائر، ورغبة الشباب في قضاء عطلة قصيرة قبل العودة للموسم الدراسي أو العملي. وأبرز هذا الاتجاه ديناميكية غير معتادة للسوق السياحي والقطاع البنكي في عنابة، وفرض مسؤولية على الجهات المعنية؛ لضمان توفر السيولة والخدمات لجميع المواطنين. 

كما رجح بعض المراقبين أن تزداد المنافسة بين وكالات السفر على تقديم عروض مغرية؛ ما سيخلق حالة من النشاط الاقتصادي الموسمي في قطاع الخدمات والمطاعم والفنادق، ويساهم في رفع معنويات السكان، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي. وتعكس ولاية عنابة خلال نوفمبر وما بعده، حالة استثنائية تجمع بين النشاط السياحي والضغط البنكي المكثف. وأظهر السكان رغبة قوية في الاستجمام قبل بداية عام جديد، واستغلال آخر فرصة للحصول على منحة السفر السنوية. 

وتظل تونس الوجهة الأكثر اختيارا لسكان عنابة خلال هذه الفترة؛ لما توفره من قرب جغرافي، وأسعار مناسبة، ومتطلبات متوافقة مع شروط التصريفة الرسمية؛ ما يجعل نهاية السنة مناسبة ذهبية للجمع بين المتعة والفائدة المالية. ويؤكد هذا النشاط على أهمية التخطيط المسبق، وتطوير الخدمات البنكية والسياحية؛ لضمان استفادة أكبر عدد ممكن من المواطنين، وتحقيق توازن بين رغبات السفر الفردية والقدرة الاقتصادية للولاية.