جامعة "الجزائر 2"

سوسيولوجيا الجسد في مؤتمر وطني

سوسيولوجيا الجسد في مؤتمر وطني
  • 965
❊أحلام.م ❊أحلام.م

يستعد دكاترة لإعادة النظر في موضوع الجسد الذي أضحى ولا زال في طي النسيان في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا خاصة، والعلوم الأخرى عامة، من خلال ملتقى وطني ستحتضنه جامعة الجزائر "2" في أفريل القادم، فالجسد كما فسره علماء الطب والتشريح، يختلف عنه علماء الفيزياء والطبيعة، وعلماء اللغة والفلسفة، فهو يتغيّر من علم لآخر، وهذا ما يجعل من كل خطاب ينتج جسده، ويمنحه تسمية وتقطيعا وبطاقة دلالية، يهدف الملتقى إلى تسليط الضوء على أهمية تناول مفهوم الجسد في علم الاجتماع، وتبادل الخبرات المعرفية والمنهجية بين الأخصائيين فيما يخص دراسة سوسيولجيا الجسد في المجتمع.

يعتبر الجسد الإنساني من المواضيع البحثية الهامة، نظرا للعديد من الدراسات الاجتماعية والأنثروبولوجية التي توضح دوره الاجتماعي، من خلال التفاعل بين الأفراد، فقد اتجه الاهتمام حديثا لدراسات تبحث في العلاقة بين الجسد والمجتمع وعناصره المختلفة، وما يحويه من أطر ثقافية، فما يظهر به الإنسان من تصرفات ومشاعر وأحاسيس وتحركات، نابع بشكل نوعي من قيم وعادات، إذ أنه لا يمكن أن يخرج عن صورة البيئة التي وجد فيها، لذلك يتصرف الجسد الإنساني، كأنه مُلقن وفق ما يمليه عليه المجتمع فيحاكي قيمه وعاداته، ويلبس تمظهراته المختلفة ويُشكل الخروج عنها خروجا عن العادة المجتمعية. من هنا، تطرح تساؤلات؛ "ما مفهوم الجسد في علم الاجتماع والعلوم الأخرى"؟ و"ما واقع الدراسات حول الجسد في الجزائر"؟

من المقرر أن يقسم الملتقى إلى ثلاث محاور هي؛ "مفهوم الجسد في علم الاجتماع والعلوم الأخرى، "الجسد كموضوع للمعرفة السوسيولوجية"، و«دراسات ميدانية حول الجسد في الجزائر في مختلف التخصصات".

جاء في دباجة المؤتمر، أن المجتمع يفرض على الفرد بناءه بما يشتمل عليه من طقوس وممارسات وعلاقات، في المقابل يبدأ الفرد بجسده، بانتهاج الحياة وفق تلك القواعد التي تؤهله لنيل البقاء في المجتمع كإنسان، فإن اختلاف التصورات والطروحات حول رؤية الجسد من قبل أهل الفكر والعلم، راجع إلى اختلاف المدارس والاتجاهات التي تفسر كينونة وصورة الجسد، وفق تأملاتها وتحليلاتها الخاصة بها، فمنهم من يدمج بينه وبين الجسم كوحدة متلازمة، لا يمكن انفصالها، والآخر يميزه عن الجسم وبين خصائصه الملازمة له قد تختلف عن غيرها، وحقيقة الأمر هو محاولات لتأسيس رؤية واضحة نحو "سوسيولوجيا الجسد" العميقة، وليست الرؤية التي تخلط فيما بين الأمور.

فمازال موضوع وكيان الجسد في الوطن العربي يُشكل علامة استفهام لا يُمكن دخول طابوهاتها، نظرا للصعوبة الميدانية في دراسته، فمازال يحتاج إلى الانفتاح المنهجي المطلوب، وإلى التفاعل المعرفي الضروري، فقد ظل الجسد في حدود فترات معينة مكبوت الثقافة العربية أو موضوعها المهمش  والمقنع، كما رأى ذلك الباحث فريد الزاهي في دراسته حول الجسد والصورة والمقدس في الإسلام، على أن هذا التهميش مزدوج وذا وجهين من الناحية التاريخية؛ إنه التهميش الذي مارسته الثقافة العربية "الكلاسيكية"، لأنه في أحسن الأحوال ارتبط لديها بقضايا روحانية وفقهية وطبية وأدبية -فلا يدخل الجسد إلا بوصفه موضوعا طارئا وعرضيا- لقد حظي بأهمية جزئية. ومن ناحية أخرى، تهميش مارسته "الثقافة الحديثة والمعاصرة" بنفس الحدة، وتبعا للمقاصد نفسها، ويرجع ذلك إلى تأخر الدراسات العربية ذات المعنى السسيولوجي والأنتربولوجي، وإلى الأولوية التي يحتفظ بها الإيديولوجي والسياسي في حقل ثقافتنا المعاصرة، وإلى الحذر الذي قوبلت به العلوم الإنسانية من قبل الباحثين، وبالأخص في حقلي الأنثربولوجيا والتحليل النفسي.