أسعارها مبالغ فيها كثيرا
سيارة الأجرة في العاصمة بين الرفاه، الضرورة والنصب
- 1880
كانت الساعة السابعة والنصف صباحا عندما تأخر كريم عن الحافلة التي تقله إلى العمل الذي قد يصل إليه متأخرا، خاصة أن انطلاق الحافلة الأخرى نحو نفس الاتجاه سيكون بعد ساعة، وأمام هذا الوضع سيكون مجبرا على استقالة سيارة أجرة.. لكن هنا تبدأ المغامرة.
فرغم أنه يقطن بمنطقة حضرية، إلا أن أصحاب سيارات الأجرة المتوقفة على حافة الرصيف لا يشغلون العداد لكي يقلوه إلى مكان عمله الذي يبعد بحوالي 15 كيلومترا، بل يقترحون الخدمة بالتفاوض!
فصاحب السيارة ينظر بتمعن في الزبون قبل النطق بسعره دون تردد (800 دج)، قبل أخذ بعض الوقت للتفاوض والتفكير، أما كريم فبالطبع سيكون مصدوما بالسعر المقترح والمحتسب دون شك بالنظر إلى النقاط السوداء وبُعد المسافة، إلا أنه سيكون مضطرا إلى القبول.
فحالة كريم الذي يعمل في مؤسسة عمومية ليست استثنائية، كون العديد من الناس يعانون نفس الوضع بسبب نقص وسائل النقل، فيجبرون على دفع سعر مبالغ فيه لا يتوافق مع الأسعار التي حددتها وزارة النقل، قصد تفادي التأخر في العمل أو إلى موعد هام أو قضاء الليلة خارج المنزل.
وحسب الشهادات التي استقتها (وأج)، فإن المواطنين يجبرون على دفع أسعار تتراوح بين 700 و2000 دج نحو مسافات لا تستحق هذه الأسعار.
ومن بين هؤلاء الأشخاص؛ جميلة في العقد الرابع التي دفعت 700 دج من الشراقة إلى عين البنيان، ومراد القادم من فرنسا الذي دفع 1200 دج من مطار هواري بومدين إلى باب الزوار، أو سليم الذي استقل سيارة أجرة بـ 1000 دج من أولاد فايت إلى البريد المركزي، أو صالح الذي «ضحى» بـ 2000 دج بغرض التنقل من ساحة موريس أودان إلى سيدي فرج.
أما بالنسبة للأجانب أو السياح، فأسعار خدمات سيارات الأجرة ضرب من الخيال، رغم أن جدول ضبط الأسعار الجديد المطبق في النقل الحضري للمسافرين وسيارات الأجرة منذ جانفي 2013، الذي نشرته وزارة النقل يحدد بوضوح الأسعار التي يتعين على أصحاب سيارات الأجرة التقيد بها.
وبخصوص الأسعار المطبقة بالنسبة لسيارات الأجرة حسب جدول الوزارة، فيتعلق بـ 15 دج/كلم، أما استقالة السيارة شخصيا فيقدر بـ 20 دج، والتوقف للانتظار (15د) بـ 20 دج، ونقل الأمتعة التي تفوق 15 كلغ بـ 10 دج.
وبخصوص سيارات الأجرة الجماعية، يحدد هذا الجدول السعر بـ 3 دج/كلم بالنسبة لما بين البلديات والولايات و5 دج/كلم بالنسبة للنقل الحضري.
أسعار مبالغ فيها... انتهازية وربح سريع
وبالرغم من كون مهنة سياقة سيارة الأجرة مقننة بمرسوم تنفيذي يحدد طرق استغلال الخدمة والعقوبات المطبقة في حال مخالفتها، نشر في الجريدة الرسمية رقم 33 لشهر ماي 2012، إلا أن بعض سائقي سيارات الأجرة يحددون الأسعار حسب أهوائهم.
ويعترف رئيس الفدرالية الوطنية لسائقي سيارات الأجرة، السيد جيلالي قندسي بهذه «التصرفات المؤسفة» لأصحاب السيارات الذين «يستغلون جهل المواطن لحقوقه باقتراح أسعار مرتفعة دون أي ضمير».
ويصف هذا التصرف بـ»السرقة» إزاء الأشخاص المجبرين على القبول بهذه الأسعار التي عادة ما تفرض بعد التفاوض، لتفادي التأخر عن العمل أو الدخول المتأخر إلى البيت. وقال في هذا الصدد أن «أصحاب السيارات الذين يحددون الأسعار من تلقاء أنفسهم انتهازيون ويبحثون عن الربح السريع، رغم أن القواعد التي تحكم المهنة واضحة». وأضاف؛ «لا أدري لماذا يتصرفون بهذه الطريقة رغم أن بإمكانهم العمل بطريقة شريفة»، مؤكدا أنه بإمكان «المواطن إدانة هذا النوع من الاحتيال على مستوى قسم سيارات الأجرة بالأمن الوطني، حتى يتسنى للجنة العقوبات اتخاذ التدابير اللازمة ضد هذه التصرفات غير القانونية».
وبعد وصول كريم إلى مكان عمله، يودع صاحب سيارة الأجرة بلطف ليرد عليه هذا الأخير؛ «السماح بيناتنا» وكأنه يعترف بأنه ارتكب خطأ، وعندما يطرح السؤال على نفسه؛ لماذا يطلب منه العفو؟ يأتي الجواب مباشرة؛ «لا تقلق فإن الاعتذار من شيم وفضائل المرء».
أما أصحاب السيارات الذين يعملون دون رخصة (غير القانونيين)، فيقترحون أسعارا أقل لمنافسة أصحاب سيارات الأجرة، مما «يشجع» الناس على اللجوء إلى السوق الموازية.