سفير أندونيسيا بالجزائر لـ"المساء":

شهر الصيام في أندونيسيا عبادة وتراحم وتنوع في الأطباق

شهر الصيام في أندونيسيا عبادة وتراحم وتنوع في الأطباق
سعادة سفير دولة اندونيسيا في الجزائر حليف أكبر
  • 490
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تشتهر أندونيسيا بالتعدد العرقي والديني، يوجد بها أكثر من 17 ألف جزيرة، عدد سكانها 275 مليون شخص، يبلغ عدد المسلمين فيها نسبة 85 بالمائة، لديهم عادات وتقاليد مميزة ورائعة لاسيما خلال الشهر الفضيل، كما تمنح الحكومة المسلمين عطلة مدفوعة الأجر لعشرة أيام كاملة قبل عيد الفطر، للتقرب من الأهل وكذا للتفرغ للطاعات وعبادة الله في تلك الأيام المباركة.

لمعرفة العادات والتقاليد في هذه الدولة التي تتميز بطبيعتها الخلابة، كان لـ "المساء" لقاء مع سعادة سفير دولة اندونيسيا في الجزائر حليف أكبر، الذي حدثنا عن ميزات الشهر الفضيل بأندونسيا، والتي تجعل منها واحدة من الوجهات المثالية للراغبين في تمضية شهر رمضان مع العائلة في أجواء احتفالية واستثنائية، بلمسة من الخيال لجمعها بين عادات وتقاليد وحرص على ميزات هذه المناسبة العظيمة.

أكد السفير، أن مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في أندونيسيا تبدأ قبل موعده، بترتيب البيت وتزيينه وفق عادات خاصة، لخلق الأجواء الملائمة لراحة العائلة خلال يوم الصيام ولغرفة الإفطار وكذا لفترة السحور، وفي الليلة التي تسبق أول يوم من رمضان، تجتمع العائلة حول أول مائدة لها للسحور، حيث يوقظ رب العائلة أفراد عائلته، لتناول تلك الوجبة التي لا يمكن أبدا تفويتها والتي تعتبر واحدة من أكثر العادات الراسخة والضرورية خلال رمضان، يبدي حينها المسلم نيته للصيام، واخلاصه للعبادة.

وتبدأ الأجواء الاحتفالية لهذا الضيف الذي ينتظره المسلم من سنة لأخرى، بقرع الطبول، وخروج الأطفال للعب على وقع مظاهر ونغمات مميزة توحي بدفء هذه الاحتفالية العظيمة، تتواصل تلك المظاهر طيلة اليوم الى حين الإفطار.

موائد إفطار متنوعة

وقبيل موعد الافطار بساعات قليلة، يضيف السفير، تتبنى العائلات الاندونيسية خلال الشهر الفضيل، مفهوم "قتل الوقت"، تقليد خاص بالشباب، الذين يحاولون تمضية وقت قبل موعد الإفطار، حيث يخرج هؤلاء رفقة الأصدقاء، كما يذهب البعض الى قاعات السينما أو التنزه أو حتى تأدية الرياضة، في حين تهتم المرأة في البيت بتحضير الفطور، الذي يتنوع بين شوربة ونوع من البوراك الخاص، وأطباق غالبا ما تكون محضرة أساسا من الأرز الأبيض أو ما يعرف بـ"ناسى يورينغ"، يكون مقليا أو مسلوقا الذي يعد واحدة من أكثر الأطباق التي تعتمد عليها الأسر الأندونيسية لعشقها لها، إذ يمكنها أن تتخلى عن الخبز الذي يغيب تماما من عادات أكل الاندونيسيين.

وقال السفير، إن أكثر ما يشتهر به الاندونيسيون في مائدة الافطار هو شراب "تيمون سورى" أو بالتمر واللبن، حيث يفطر الصائم على حبات من التمر وحلوى "ابهم" التي تشبه الكعك، ثم يستهل أكله بالشوربة وأنواع من المقبلات كالبوراك، وتعتبر حلوى "الكولاك" من أشهر الأطباق الرمضانية وهي بطاطا مسلوقة وممزوجة بجوز الهند والسكر. وتختلف تقاليد الأكل من منطقة لأخرى، فهناك مناطق تعتمد على حليب جوز الهند والزيت لتحضير الطعام، إلا أن البعض الآخر يعتمد على الطعم الحار، في حين أن هناك مناطق أخرى تعتمد على الطعام الحلو باستعمال السكر الذي يضاف الى الصلصات، ومناطق أخرى تعرف مزيجا بين الحلو والحار الذي يعطي نكهة فريدة ومميزة لتلك الأطباق الاندونيسية.

العبادة سمة الشهر

يضيف سفير أندونيسيا: "وبعد الإفطار مباشرة، تتجه العائلة بكبارها وصغارها نحو المساجد، حيث تعتبر أكثر الأماكن التي يرتادها المسلمون، حيث تكتظ تلك المساجد لأداء صلاة التراويح جماعة، تليها حلقات من الدعاء والذكر والتوحيد، تتواصل الى غاية ساعة متأخرة من الليل، ليعود حينها المصلون أدراجهم نحو البيت للاستراحة والنوم، حتى يتمكنوا من الاستيقاظ قبل صلاة الفجر، للسحور والصلاة والدعاء، قبل الخروج للعمل".

ومن أبرز المظاهر التي يحرص عليها الإندونيسيون خلال أيام رمضان، يقول السفير أكبر، هي الزيارة، إذ تقصد المقابر، لزيارة العائلة والأقارب والأحبة المتوفين، للتذكر أيضا أن هناك موت وحساب بعد الحياة، والسلام على الأهل السابقون.

وعن تعدد الديانات وتنوعها يقول السفير، إن أندونيسيا من الدول المتبنية لفكر تعايش الديانات، فلا وجود لمشكل متعلق باحترام الغير أو تقبله، بل وأيضا تبرز كثيرا مظاهر التراحم والمساعدة بين الديانات، حيث تجد مثلا المسيحيون يساعدون المسلمين خلال أعيادهم الدينية، ويوفرون لهم أجواء مريحة تساعدهم على أداء فرائضهم، وعكس ذلك إذ يعمل المسلمون خلال المناسبات الخاصة بالمسيحين على تهيئة أجواء مريحة لهم لتأدية أيضا طقوسهم خلال مناسباتهم، وهذا ما يجعل اندونيسيا من الدول التي تتعايش فيها مختلف الديانات بكل سلام وراحة، يساهم كرم ولطافة سكانها في تحقيق ذلك السلام والمودة بين سكان البلد الواحد، بالرغم من اختلاف اللغات أو الديانات.

وفي الختام قال السفير: "يحتفل المسلمون بعيد الفطر لمدة ثلاثة أيام، معروف باسم "ليباران" وهو يوم احتفالي ممتع مليء بالديكور، تتعايد فيه الأسر بتنقلها بين الأهل، وذلك مباشرة بعد صلاة العيد، وهناك عائلات تنتقل من جزيرة لأخرى، ومن المناطق البعيدة في ليلة العيد للالتقاء بأفراد العائلة في منزل واحد والاحتفال جميعا معا، وهذا ما يخلق ازدحاما كبيرا يخف مباشرة يوم العيد، كما تتقاسم العائلة الحلويات الخاصة بالعيد، وأشهرها المصنوعة من الأرز، ليلتقي بعدها أفراد العائلة حول مائدة فطور جماعي ممتع ومليء بالبهجة والسرور".