"المساء" ترصد أجواء السهرات الرمضانية في العاصمة

شوارع متلألئة وموائد شاي عبقها الفن والتسوق قبل حلول العيد

شوارع متلألئة وموائد شاي عبقها الفن والتسوق قبل حلول العيد
  • 343
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

❊ حضور مكثف لعناصر الأمن في ليالي رمضان

❊ عائلات تختار الإفطار في المطاعم

❊ خرجات عائلية لاقتناء ملابس العيد

تشهد العاصمة خلال سهرات رمضان 2025 حركة كبيرة، تطبعها الأضواء المتلألئة في قلب المدينة وفي الشوارع والطرق السريعة، كما أخذت المساجد حصة الأسد في الريادة واستقبال زوارها، لاسيما "جامع الجزائر" القطب الروحاني والعلمي الكبير، الى جانب قاعات الشاي، ومحلات بيع ملابس الأطفال التي تقصدها العائلات لاقتناء ما يليق بأبنائها، والملاحظ أيضا أن سهرات هذه السنة، انطلقت عقب الإفطار مباشرة، لكون الكثير من العائلات فضلت تجربة الإفطار خارج البيت بعد أن عمدت الكثير من المطاعم لوضع لائحة إفطار، تتبعها سهرات فنية، وكانت النشاطات الثقافية أيضا حاضرة على المسارح، في سهرات حالمة مهربة من الزمن الجميل، في الوقت الذي اختارت فيه بعض العائلات التوجه الى الموانئ وأماكن الترفيه لقضاء وقت وسط مرح الأطفال، كما كان لملابس العيد وبهجتها وقعها طوال سهرات الشهر الفضيل، إذ عرفت المراكز التجارية والمحلات والأسواق الشعبية حركة غير مسبوقة.

اختارت "المساء"، أن تنقل من خلال هذا الربورتاج الذي ثم إنجازه في عدة سهرات، الكثير من التفاصيل الجميلة، التي طبعت ليالي العاصمة الرمضانية، التي كانت مميزة هذه السنة، بتفضيل العائلات والشباب الخروج بداية من الأسبوع الأول، عكس سنوات انقضت، كانت تقل فيها الحركة إلى غاية الأسبوع الثاني أو حتى بعد انقضاء 15 يوما من الشهر الفضيل، لاقتناء الملابس وشراء مستلزمات الحلويات، فقد تغيرت الكثير من الأمور، لاسيما بعد افتتاح الكثير من المطاعم لطهاة معروفين، أو لأسماء مطاعم معروفة بخدماتها والذوق المميز لأطباقها.

حيث خرجت العائلات مبكرا، في مجموعات كبيرة او أسر صغيرة، لتناول طعام الإفطار في أجواء تطبعها صلة الرحم، وكرم الضيافة في أفخم المطاعم، من خلال تقديم نسخة طبق الأصل عما يحضر في البيت، حيث لا تتعب ربة البيت يومذاك، في التحضيرات إذ ستجد كل شيء جاهزا في المطاعم، ذات الفضاء المفتوح، او التقليدي الذي يضع فيه النادل كل شيء امام يدي الزبون، خدمات مقابل مبالغ محددة، تتراوح 2500 دج و 3500 دج لمن اختار اطباق من الدجاج و سلطة، بوراك الدجاج بالجبن، وطاجين الزيتون، و4 آلاف دج لأطباق من اللحم البقري و5500 دج لمن أراد تناول وجبات من الحوت. في حين فتحت مطاعم اقل سعرا ب3700 دج مقابل وجبة الإفطار متكاملة و قطع الحلوى للسهرة، لاسيما المطاعم المتواجدة بالمركز التجاري ببن عكنون.

"جامع الجزائر" يستقطب آلاف المصلين بشغف لا ينقطع

نهل زوار "جامع الجزائر"، من الدروس والمحاضرات وخطب الجمعة التي توزعت على أيام وليالي الشهر الفضيل، للرجال والنساء، كما عاش رواده اجواء روحانية منقطعة النظير في صلاة التراويح التي احتضها الفضاء المسجدي، بإمامة كبار المقرئين الجزائريين المعروفين والمتوجين بجوائز عالمية على غرار الشيخ القارئ محمد ارشاد مربعي، فارس شدادي، عبد العزيز سحيم، وعبد النور باديس، محمد الأمين بنونة، والشيخ محمد رضا زيان، و القارئ عبد الوهّاب رنيمي، إذ شهد الجامع اقبالا كبيرا للعائلات من مختلف ولايات الوطن، فهناك من قصده مباشرة وعائلات أتت في زيارة لأهاليها فلم تفوت الفرصة، حسبما أشار اليه محدثو "المساء".

ولايزال جمال الجامع، وتفاصيله الهندسية وكبر مساحته وعبق روحانيته يأسر الانفس، اذ تبقى العائلات جالسة موزعة بين حدائقه او في فنائه الاندلسي امام فوارات المياه التي تحاكي راحة البال وتعطي شعورا قويا بالطمأنينة، حيث وجدت العائلات ملاذا في أخذ الصور التذكارية المميزة وسط الجمال، لاسيما أن أضواءه المتلألئة تكسر العتمة وتعطي شعورا بالفرحة، فجمال المكان يسر الناظرين، إذ  تُزَيِّن جامع الجزائر حديقة هندسية، مساحتها 170 ألف م2، تتوسط جنبي الجامع الشمالي والجنوبي، غُرست بها أشجار جاء ذِكرها في القرآن الكريم، مثل التين والزيتون والرماّن، ونباتات عطرية أخرى ذات روائح زكية، على غرار السدر وإكليل الجبل، كما توجد أنواع من الورود بين مربعات الحديقة، مثل الورد الجوري والورد الدمشقي.

حضور رجال الأمن في ميحط المسجد وفي الموقف السيارات، زاد من الراحة النفسية للمواطنين الى جانب رجال الحماية المدنية المجندين، ليل نهار و الذين يقفون امام فضاء الصلاة لتقديم الخدمة مباشرة في حال أي تعقيدات صحية او حادث. في حين استقبلت مساجد الاحياء زوارها من الجيران أو ابناء الاحياء المجاورة، من الجنسين، رجال ونساء وأطفال، لاسيما ان الكثيرين لديهم مقرئ معين اعتادوا عليه او يجدون الطمأنينة في قراءته، فيفضلون الصلاة وراءه. 

اقبال كبير على ملابس العيد رغم غلاء أسعارها

شهدت الجزائر العاصمة، اقبالا كبيرا للعائلات التي قصدتها رفقة أبنائها في مجموعات لاقتناء ملابس العيد من المحلات التي كانت جاهزة منذ الأسبوع الأول لاستقبال الزبائن، لتعرض سلعا أكثر اغراء وجمالا في التصاميم خلال الأسبوعين الثاني والثالث، فكل ما تحتاجه العائلات موجود، فقد استطاع أصحاب المحلات تأمين مطالب متعددة للأذواق، بين النمط الشبابي الرياضي، الكلاسيكي، العادي، الخفيف، للجنسين، في الوقت الذي هيمنت فيه تصاميم الجينز، على الملابس النسوية من فساتين، جلابات، تنانير وسراويل، وأخذت هذه التصاميم ذات التشكيلة الواسعة حصة الأسد في المعروضات، فارضة نفسها بطريقة مثيرة للانتباه.

الا أن الأمر الذي شد انتباهنا، وعلق عليه الزبائن أيضا هو الارتفاع الناري لأسعار الملابس، خاصة ملابس الأطفال الذين يتجاوز سنهم العامين، للجنسين، اذ بلغ سعر البدلة 8900 دج، مكونة من ثلاث قطع للأطفال كلاسكية، في حين بلغ سعر طقم بنات قمة في الجمال مكون من قطعتين تنورة وجاكيت 12 ألف دج، وهي الأسعار التي وصفها الأولياء بالنارية وغير المعقولة، في حين تراوحت أسعار الملابس العادية والمقبولة بين 2500 دج للقميص او السروال و4500 للجاكيت، في حين تراوحت أسعار الأحذية  الرياضية بين 1500 دج و4200 دج، و تجاوزت أسعار الأحذية الكلاسيكية 3600 دج في بعض المحلات وأخرى عرضت بـ 2000 دج لأحذية الاناث والذكور.

ملابس المراهقين من الجنسين، أيضا كانت حاضرة بقوة، الا ان أسعارها ملتهبة، كما أشار اليه محدثو "المساء"، اذ اختلفت أسعار القمصان بين 1800 دج و 3 آلاف دج، في حين بلغ سعر سراويل الجينز 5 آلاف دج والاحذية الرياضية بين 1600 دج و13 ألف دج . أما فساتين الفتيات فقد تراوحت أسعارها بين 3500 دج و9800 دج، حسب التصميم والخامة المصنوعة منها القطع المرغوبة، في الوقت الذي اخذت تصاميم الجينز حصة الأسد من العرض والاقبال.

اختارت المحلات المتخصصة في بيع ملابس السيدات والفتيات بكل المقاسات، من شارع اودان، وصولا الى سوق ميسوني نزولا الى ساحة الشهداء، أن تعرض تشكيلتها المتنوعة من "الجبات" الخاصة بالضيافة، التي تراوحت أسعارها بين 1200 دج و4500 دج، في حين بلغ سعر الجلابات 3500 دج فما فوق، أما جلابة الجينز التي تعد موضة هذا الموسم بلغ سعرها 7900 دج . في الوقت الذي اختلفت فيه أسعار الاحجبة من الحرير والقطيفة الخفيفة والقطن والفساتين بالكم، بين 7200 دج و8500 دج والتي وصفتها السيدات بالجميلة الغالية. 

قاعات الشاي تستقطب عشاق "قلب اللوز" و"الكنافة"

شهدت العاصمة وبالضبط ساحة البريد المركزي، حركة كبيرة للمواطنين الذين قصدوها لساعات متأخرة من الليل، فخلال السهرات الرمضانية عرفت المقاهي وقاعات الشاي المتواجدة بقلب العاصمة، اقبالا كبيرا للزوار، الذين قصدوا قاعات الشاي هناك لتناول الشاي والقهوة مع كوكتال الحلويات التقليدية من "قلب اللوز" و "القطايف" و"البقلاوة" وكذا المثلجات التي باتت تستقطب عشاقها في الصيف والشتاء وعلى مدار السنة، حيث اكتظت تلك القاعات والفضاءات المفتوحة التابعة للمقاهي هناك، بعشاق السمر الذين وجدوا في تبادل اطراف الحديث متعة طالت لساعات.

في الوقت الذي اجتهدت فيه محلات بيع الحلويات التقليدية التركية والسورية، في عرض تشكيلات مختلفة من الكنافة بالقشطة، جبنة البارمزيان، بشكولاطة دبي بالفستق التي شهدت رواجا مؤخرا، حيث وضع أصحابها أصناف وتشكيلات مختلفة الأحجام لعشاق المذاق الشرقي انطلقت أسعارها ب750 دج الى 1800 دج للقطع واكثر لمن أراد الأنواع الملكية والفاخرة الى جانب القهوة العربية بالهيل والشاي الأحمر.

عشاق البيتزا أيضا والشواء، وجدوا ملاذهم في المحلات التي فتحت أبوابها لاستقبالهم في السهرة من البريد المركزي صعودا الى الكاديكس، ذهابا الى ساحة الشهداء وباب الوادي، لاسيما المحلات الشعبية التي تبيع البيتزا كاري بالقطع، معشوقة الشباب والمراهقين، حيث يتفنن أصحاب بعض المحلات في تقديم أشهى بيتزا بسعر جد زهيد. أما محلات الشواء او الطاولات الموسمية فقد عرفت هي الأخرى طوابير متواصلة لعشاق ساندويشات الشواء من السهرة الى الفجر. اذ يصل سعر الساندويش الغني بمختلف انواع اللحوم الى 700دج وأكثر. 

محاكمة افتراضية لرفع الوعي القانوني

وتميزت سهرات الشهر الفضيل بالبرامج الثقافية والفنية والتثقفية، خصوصا مع تزامنها هذه السنة مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في الثامن مارس، اذ حضرت "المساء" تفاصيل محاكمة افتراضية احتضنتها الإقامة الجامعية أولاد فايت3 البنات، من تنظيم المكتب الولائي للاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، مؤسسة شباب الجزائر، في اطار النشاطات الثقافية والعلمية تزامنا مع احتفالات عيد المرأة، تحت عنوان، "قانون يحمي، وعي يبني، تمكين يستمر"، حيث نشط فعاليات السهرة مختصون في القانون من محامين ممارسين ومحضرين قضائيين، عمدوا الى الحديث عن طرق الابتزاز الحديثة وكيف يمكن للفتاة حماية نفسها منها، مع عرض مختلف القوانين التي تحمي المرأة من الابتزاز الإلكتروني أو العنف او الاعتداء وما عليها القيام به في حالة حدوثه.

 قاد تفاصيل المحاكمة الافتراضية المؤثر القانوني، أمير هيشور، الذي استطاع ان يخلق حماسا كبيرا في وسط الحضور، حيث تحولت المنصة الى قاعة محاكمة ظهر فيها المعتدي والضحية والشهود ووكيل الجمهورية، مع شرح سبل حماية الذات وأهمية ثقافة التبليغ، من خلال عملية تفاعلية لمعرفة مدى وعي الفتيات بحقوقهن، حيث أكد المؤثر القانوني أمير هيشور في تصريح ل"المساء"، أن الجزائر تمتلك ترسانة قانونية في حماية المرأة، وعلى الفتاة او المرأة ان تعرف حقوقها وكيفية الدفاع عن نفسها فهي صانعة المستقبل وأم رجال الغد.

موضحا أنه بموجب تعديل قانون العقوبات سنة 2015 أدرجت موادَ جديدة لمكافحة كل أشكال العنف ضد المرأة سواء كان عنفا ماديا - لفظيا أو نفسيا أو جنسيا، يقول على سبيل المثال لا الحصر: "العنف المادي الصادر من الغير، والمتمثل في أفعال الضرب والجرح وأعمال العنف أو التعدي. تختلف العقوبة بحسب نتيجة ما ترتب عنه العنف، إما: -  عجز، (عجز كلي عن العمل أو مرض يزيد عن 15 يوما) - عاهة المستديمة (بتر أحد الأعضاء أو فقد أحد العينين...) - الوفاة دون قصد إحداثها -العقوبة تتراوح من سنة حبس و500 ألف دج غرامة إلى 20 سنة سجنا و2 مليون د.ج غرامة. (المادة 264ق.ع)".