بين نقص العرض واحتمالية صيف طويل

"صولد" محتشم خلال هذا الموسم

"صولد" محتشم خلال هذا الموسم
  • القراءات: 730
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

فسر كمال يويو رئيس فرع العاصمة لدى المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، غياب موسم التخفيضات أو ما يُعرف بـ"الصولد" خلال هذا الموسم؛ لقلة السلع المعروضة في السوق؛ بسبب القيود المفروضة على السلع المستورَدة؛ ما دفع، حسبه، بالتجار إلى الامتناع عن تطبيق واحدة من أهم السياسات التجارية التي تساعدهم في التخلص من فائض السلع؛ بهدف عرض التشكيلات المواكبة للموسم، وموضحا أن هذه السنة قد يحدث تأخر في موسم "التخفيضات" إلى حين دخول موسم جديد، على عكس العادة.

جرت العادة خلال السنوات الماضية، أن يعمد التجار الجزائريون إلى سياسة التخفيضات في معاملاتهم التجارية؛ إذ أدرجوا ثقافة "الصولد" في مفهومهم العام لبيع السلع بأقل سعر بعد استرجاع رأس مالهم وتحقيق الربح، ثم طرح الفائض من السلع بتخفيضات مغرية، تصل أحيانا إلى 90 ٪ عن أسعارها المرجعية. والهدف من ذلك التخلص من فائض السلع، وتوفير مساحة لسلع جديدة. تلك السياسة التي فُرضت بطريقة ما على التجار بعدما أصبح الزبون يبحث دائما عن سلع مواكبة لحداثة الموضة، وآخر ما يُعرض في الأسواق العالمية.
واعتاد الزبائن على سياسة "الصولد" المطبقة في محلاتهم المفضلة؛ حيث بات الجميع ينتظرون بفارغ الصبر تلك المواسم لاقتناء سلعهم بأقل التكاليف، خاصة أن بعض السلع لا يمكن أبدا اقتناؤها من طرف متوسطي الحال، خصوصا أن أسعارها مرتفعة جدا، لا تتوافق وميزانية الأسر.
ولقد تحولت بعض استهلاكات الزبائن عامة، نحو تلك المواسم؛ حيث يمتنع الكثيرون، حسب استطلاع "المساء"، عن اقتناء سلع من مواد تجميل وملابس وأكسيسوارات وغيرها، مؤجلين ذلك إلى حين وصول موعد "الصولد"، وبذلك يجد هؤلاء تنوعا في السلع، واختلافا، ومنافسة في الأسعار يمكن من خلالها، اختيار ما يليق بالميزانية، ولا يكلف الكثير، دون التخلي عن ذلك العشق للتسوق، واقتناء سلعة جديدة.
وتتم عادات التسوق خلال مواسم "الصولد"، الذي يُفتح رسميا مرتين في السنة، واحدة خاصة بالشتاء والخريف، والأخرى بموسم الربيع والصيف. وتحولت لدى الكثيرين إلى تقليد راسخ لا بد منه، إلى درجة أن البعض يمكنه إنفاق ما يزيد عن راتبه الشهري في تسوّق يوم واحد؛ بحجة "عدم تفويت الفرصة".

الشتاء المتأخر قلب الموازين.. والسلع المعروضة قليلة جدا

تَبين لنا من خلال الاستطلاع الذي أجرته "المساء" بين عدد من المحلات بالعاصمة، التراجع الكبير في تطبيق تلك السياسة خلال هذه السنة، بل تعرض تلك المحلات نفس السلع بنفس الأسعار منذ بداية الموسم، حتى إن البعض لايزال يعرض ملابس من موسم الشتاء الماضي. واتضح ذلك خاصة في أشهر المحلات متعددة الجنسيات، الخاصة بعرض الملابس النسائية والرجالية ومختلف الأكسيسوارات. وجهتنا الأولى كانت إلى المركز التجاري لباب الزوار، واحد من أهم الأقطاب التجارية للراغبين في اقتناء ملابس لبعض العلامات التجارية الأجنبية؛ حيث تبين خلال الجولة، قلة السلع المعروضة، وغياب تام لعبارة "تخفيض" في بعض المحلات التي كانت في السنوات الماضية، تعج بالزبائن الراغبين في الاستفادة من تلك التخفيضات، والتي كانت تشهد طوابير أمام مداخلها لاقتناء سلع بأقل الأسعار. وأوضح بعض الباعة ممن حدثتهم "المساء"، أن تأخر وصول السلع الجديدة إلى تلك المحلات، دفع بمسيّريها إلى تبني أسلوب جديد، وهو عرض نفس التشكيلة للموسم إلى حين وصول الجديد؛ حتى لا يقعوا في فخ "فراغ المحل" الذي يمكنه أن يؤثر سلبا على السلوك الاستهلاكي للزبون، وعدم رغبته في زيارة المحل مرة أخرى.
وتنقَّلنا إلى العاصمة وبالتحديد إلى شارع حسيبة بن بوعلي، فرأينا أن منطق التجار هناك كان مختلفا؛ إذ لم يرغب هؤلاء في تفويت فرصة الموسم، الذي يُعد مربحا جدا بالنسبة للكثيرين؛ فتخفيض بسيط قد يجعل الزبائن يتهافتون على تلك السلع؛ حيث علّق الكثير من تلك المحلات في واجهاتها، لافتات، بالبنط العريض كُتب عليها "تخفيضات"، "صولد" بنسب متفاوتة، ترمز إلى اعتماد المحل سياسة التخفيض، كل ذلك لاستقطاب الزبائن، إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك، فلم تكن تخفيضات حقيقية أو بالأحرى "مثيرة للاهتمام" ؛ نفس السلع تشاهَد من محل لآخر، وبنوعية متوسطة، وأحيانا رديئة.
في هذا الصدد قال كمال يويو، ممثل منظمة حماية المستهلك، إن موسم "الصولد" خلال هذه السنة، حقيقة اختلف عن المواسم السابقة؛ اذ لا يوجد "حماس" كبير بين المحلات. ولا توجد تلك الحركة التي كانت في المواسم السابقة، مرجعا ذلك إلى سببين؛ فإلى جانب قلة السلع بسبب القيود المطبقة على عمليات الاستيراد والتي تجعل البائع يؤجل رغبته في التخلص من السلع بتخفيض أسعارها، فالسبب الثاني، حسبه، راجع إلى احتمالية بقاء درجات الحرارة مرتفعة إلى غاية شهر نوفمبر، وبذلك يطمع الكثير من الباعة، وفق تحليله، في بيع تلك السلع بنفس الأسعار قبل عرض السلع الجديدة الخاصة بموسم ما بين الفصلين، والشتاء، وبذلك يحقق التاجر أرباحا جيدة طيلة موسم الحر، الذي أصبح في السنوات الأخيرة يمتد إلى غاية شهر نوفمبر.