تواظب عليه العائلات الجزائرية خلال شوال
صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان
- 514
تحافظ الكثير من العائلات منذ انقضاء شهر رمضان ودخول شهر شوال، على روتينها في الصيام، بإتمام ستة أيام من شوال، أو ما يعرف بالعامية "الصابرين"، حيث يسارع أفراد العائلة لحصد مزيد من الأجر والثواب، طمعا في كسب الفضل العظيم والأجر الأكبر، امتثالا لتلك السنة المستحبة، التي يعادل صيامها صيام سنة كاملة، وهي الأجواء التي تبقي الجميع في جو من التعبد.
لقد أضحى صيام "الصابرين"، تقليد لدى كثير من العائلات، خاصة كبار السن، حيث تعود هؤلاء منذ أن كتب عليهم الصيام، الامتثال لأوامر الآباء والأجداد، واكتسبوا أجمل السلوكيات التي تحولت بفعل الزمن إلى عادة لا يمكن التفريط فيها، مباشرة بعد عيد الفطر المبارك، محاولة عدم الإطالة لعدم تفويتها، أو إضاعة روتين الصيام الذي تعوّد عليه هؤلاء خلال شهر رمضان المعظم.
ورغم محافظة الكثيرين على صيام "الصابرين"، يتخلى في نفس الوقت شباب اليوم عن هذه السنة الجميلة، مرجعين السبب في ذلك إلى مشقة الصيام خلال أيام الحر، وطول اليوم، والعمل والدراسة، وأسباب أخرى لا يجد الحريصون على تأديتها مبررا أبدا، بل ومن البعض الذين حدثتهم "المساء"، يحرصون حرصا شديدا على تعليم أطفالهم صيام هذه الأيام، ليس فقط لاكتساب الأجر والمغفرة، بل ولتعلم الصبر والمبادرة للطاعة وتأدية سنة من سنن النبي محمد عليه أزكى الصلاة والسلام.
في هذا الصدد، حدثنا محمد لعزوني، إمام مسجد، أن صيام "الصابرين" من العبادات المستحبة لدى المجتمع الجزائري، والدليل على ذلك، حرص الكثيرين مباشرة بعد شهر رمضان على تأديتها، لتلتمس أجواء الصيام طيلة الشهر الذي يلي الشهر المبارك، ورغم أنها سنة وغير واجبة، إلا أن الحرص الشديد الذي نلتمسه لدى العائلات التي تؤديها، تشعر بقوة محبة الجزائريين لصيام "الصابرين"، ولا يرغب هؤلاء في تفويت الفرصة، خصوصا لمعرفتهم أن ستة أيام فقط تعادل سنة كاملة من صيام الفرض، حيث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر".
وأضاف الإمام، أنه يجب تسبيق قضاء الدين من الصيام الواجب على "الصابرين"، الذي هو تطوع أفضل، لقوة الواجب باعتباره دين في انتظار تأديته، وللذين يتخوفون من تفويت صيام ست من شوال، فما عليهم إلا الإسراع للقضاء، لأنها أحب إلى الله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعذته"، وقال الإمام، إن الحديث دليل على عظمة تأدية الواجب واستحباب تعجيله، حتى لا يقع المسلم في مكروه، وأضاف أنه حتى وإن كان لا حرج في تسبيق "الصابرين"، إذا تأكد وحرص المسلم على تعجيل الدين، حتى لا يحدث ما نشهده كثيرا، وهو قضاء الدين قبل رمضان السنة الموالية.
وبنية حصد الأجر والثواب، واكتساب المزيد من الحسنات وطمعا في المغفرة، تحرص العائلات على صيام أيام "الصابرين"، طوعا واحتسابا لله، في أجواء لا تختلف بتاتا عن الشهر الفضيل، لتجد الروتين الذي تعتمده تلك العائلات نفسه الذي اعتمدته خلال الشهر المبارك، صيام وعبادات، وإفطار جماعي لأفراد العائلة حول مائدة مشكلة ومزينة من أشهى الأطباق، وقائمة كاملة من الشوربة إلى المقبلات والأطباق الرئيسية والتحلية، تمد الصائمين فرحة ونفس بهجة رمضان المعظم الذي له نكهة خاصة، يشعر المسلم بحسرة عند انقضائه.