في المنظومة الصحية بصفة دائمة
ضرورة إدماج برامج الوقاية والكشف

- 178

احتضن فندق "سيبوس" الدولي بعنابة، ملتقى علميا وتحسيسيا حول سرطان الثدي، نظّمته المؤسسة العمومية للصحة الجوارية عنابة، بالتنسيق مع المؤسسة الاستشفائية المتخصصة "عبد الله نواورية" بالبوني، في إطار "أكتوبر الوردي" ؛ الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي.
الملتقى جاء بشعار "من أجل مستقبل بلا سرطان... لنتحرّك الآن" . وعرف مشاركة واسعة من أساتذة جامعيين، وأطباء مختصين في علم الأورام، ومهنيّي الصحة، وممثلين عن المجتمع المدني، في مبادرة تهدف إلى رفع مستوى الوعي الصحي لدى المواطنات، وتعزيز ثقافة الفحص المبكر كوسيلة فعّالة للوقاية، وإنقاذ الأرواح.
وتميّزت التظاهرة بتقديم مداخلات علمية وورشات نقاش معمّقة، تناولت آخر المستجدات في مجال الكشف المبكر، والوسائل التشخيصية الحديثة، والعوامل المساعدة على الإصابة، ونصائح طبية تتعلّق بأنماط الحياة الصحية. كما تمّ التطرّق للجانب العلاجي والنفسي، والتجارب الميدانية لفرق الصحة الجوارية في التكفّل بالمرضى عبر مختلف مناطق الولاية، بما فيها المناطق الريفية والمعزولة.
المشاركون في الملتقى أجمعوا على أنّ الكشف المبكر يرفع فرص الشفاء إلى أكثر من 90%؛ ما يجعل حملات التحسيس والفحوصات المنتظمة من أهم الأسلحة لمواجهة المرض. وقد تمّ التأكيد على ضرورة إدماج برامج الوقاية، والكشف ضمن المنظومة الصحية بصفة دائمة وليس فقط خلال المناسبات، مع توفير الوسائل التقنية والبشرية الكفيلة بإنجاحها.
وثمّن الحضور هذه المبادرة التي تكرّس مقاربة تشاركية بين مؤسّسات الدولة والمجتمع المدني في مجال الصحة العمومية، مؤكّدين دعم السلطات مثل هذه التظاهرات العلمية التي تساهم في تنمية وعي صحي مستدام داخل المجتمع. وأبرزت التظاهرة أيضا دور الجمعيات النسوية والتنموية في نشر ثقافة الوقاية الصحية، من خلال نقل التوعية إلى الميدان، خاصة في البيئات الاجتماعية، التي ماتزال تنظر إلى مرض السرطان بنوع من الخوف والصمت، وهو ما يزيد من خطورته بسبب التأخر في التشخيص. من جهة أخرى، تم استعراض إحصائيات محلية ووطنية حول المرض، وتسجيل بعض التوصيات المتعلقة بتحسين خدمات الفحص بالمجان، وتوسيع الحملات التحسيسية لتشمل المدارس والجامعات، وتكوين المهنيين في الصحة الجوارية للتعامل مع الحالات الأولية للمرض.
وفي ختام الأشغال، دعا المشاركون إلى تحويل هذا النوع من الملتقيات، إلى تقليد سنوي دائم، يُثري النقاش العلمي، ويعزّز التشبيك بين مختلف الفاعلين في قطاع الصحة، مع التوصية بإعداد برامج إعلامية وتثقيفية ترافق الجهد الطبي في ظلّ تزايد عدد الحالات المسجلة سنويا. الملتقى بعنابة شكّل نموذجا فعليا لما يمكن أن تحققه الشراكة بين القطاع الصحي والمجتمع المدني، من خلال الانتقال من مجرد التوعية النظرية إلى العمل الميداني الموجه، الذي يضع الوقاية في صلب السياسة الصحية للولاية.