تسبقها تحضيرات وشروط صارمة

طقوس الخطبة بوهران.. موروث قديم يأبى الاندثار

طقوس الخطبة بوهران.. موروث قديم يأبى الاندثار
  • 162
رضوان. ق رضوان. ق

لا تزال العادات والتقاليد المتوارثة منذ أجيال بولاية وهران، والمناطق المجاورة لها، قائمة وتصارع التطور والاندثار الذي يداهم كل ما هو أصيل، خاصة العادات والتقاليد التي تأخذ بعدا اجتماعيا، على غرار الخطبة، وليلة الحناء والهدية والحمام، وما يتبعها من مظاهر وطقوس، بمشاركة العائلة.

طقوس وعادات كثيرة، وممارسات اجتماعية متعلقة بالأعراس وحفلات الزفاف، لا تزال تمارس إلى غاية اليوم، من طرف العائلات الوهرانية، تتذكر بها الزمن الجميل وتتوارثها النساء، حيث تعد الأعراس بوهران، مناسبة هامة واستثنائية لدى كل عائلة، وتعتبر مقدمة هامة للتعريف بموروث كل عائلة، أو كما يقال في وهران: "عادة الجدود يا الميلود"، وهو المصطلح الذى يرتبط بثقافة اجتماعية قديمة، اندمجت مع الممارسات العصرية، وحول الموضوع، تكشف السيدة "هوارية"، وهي إحدى بنات وهران، تجاوز سنها 75 عاما، بأن عادات كثيرة كانت تعرف بها عائلات وهران القديمة، اختفى بعضها وبقي بعضها إلى غاية اليوم، وأكدت السيدة هوارية، بأن التغيرات الاجتماعية والأحداث التي عاشتها الجزائر، كانت من بين الأسباب التي أدت إلى اختفاء بعض هذه المظاهر، على غرار الحمام، الذي أصبحت بعض العائلات ترفض أخذ العروس للحمام بعد العرس، من منطلق "فتاوى" تحرم ذلك، حيث أصبحت عدة عائلات لا تمارس هذه العادة القديمة.

أوضحت السيدة هوارية، بأن عادات الأعراس الوهرانية، وبالرغم من ذلك، لا تزال قائمة، وتبدأ بالخطبة، التي غالبا ما كانت تتم عن طريق اختيار الأم أو الجدة للفتاة المراد خطبتها، إذ في الغالب تكون من الأقارب أو الجيران، كما كانت عملية المعاينة للفتاة المراد خطبتها، تتم في الحمام، حيث تقوم خالة الزوج أو شقيقته الكبرى أو إحدى القريبات من أهل الثقة، بمعاينة الفتاة المستهدفة في الحمام، ليتم إبلاغ أم أو جدة العريس بخصوصها والاطمئنان على صحتها، لتنطلق بعدها عملية الخطبة التي تسبقها زيارة لبيت العروس، من طرف خالة العريس وشقيقته الكبرى وإحدى النساء المعروفات بالحي كـ"جاهة"، والمقصود بها امرأة ذات مكانة لدى العائلات والجيران، ليتم الاتفاق على موعد الخطبة، الذي كان يحدد غالبا يوم الجمعة، بعد صلاة الجمعة.

تكشف السيدة هوارية، بأن التحضير للخطبة يتم بإعداد بعض أنواع الحلويات التقليدية، على غرار الكعك و«المسمن" و«البغرير"، و تقدم معه في العادة قارورة عطر للعروس، وهي العادة التي لا تزال إلى حد الآن تمارسها عدة عائلات، وتؤكد السيدة هوارية، بأن أهمية الخطبة وهذه العادات تعد عربون احترام لعائلة العروسة.

بخصوص يوم الخطبة، يتم تنقل عدد محدد من أفراد 

العائلة، إذ لا يتجاوز عدد النساء 5 أشخاص كأقصى تقدير، من المقربات للعريس، على غرار الأم والجدة والخالة و العمة و الأخت الكبرى وإحدى الجارات المعروفة، وفي بعض الأحيان، ترافقهن امرأة كبيرة في السن، لكن يُمنع اصطحاب الفتيات غير المتزوجات. كما يتوجه عدد من الرجال، ويتقدمهم والد العريس والخال والعم والأعيان، إلى منزل العروس، فيتم التعرف على أهل العروس والجلوس معهم، فيما تجلس العروس مع النساء للتعرف عليها، وما تتأهل به من تحضير الأكل والحلويات، إلى جانب مستواها التعليمي، لتنتهي الخطبة بأخذ وعد الزواج وتحديد المهر.