شهر الصيام بأدرار
عادات شعبية راسخة ومتوارَثة بين الأجيال
- 1222
إلى جانب الزيارات وصلة الرحم بين الأقارب والأسر، فإن الاحتفاء بأول صيام للأبناء ذكورا وإناثا، يشكل إحدى المحطات البارزة في هذه المظاهر الاحتفائية؛ إذ يحصل الولد الصائم لأول مرة، على لباس جديد يرتديه تزامنا مع صلاة المغرب وموعد الإفطار، ويشاركه أصحابه وأقرانه تلك المظاهر في بيت أسرته رفقة أفراد عائلته.
ونفس العادات يُحتفى بها أيضا بأول يوم من صيام الفتاة، التي تتجه إلى الجدة التي تستضيفها في بيتها، وتقوم بإلباسها أجمل الثياب، وتزيّنها بالحناء والكحل، وتقام بالمناسبة مأدبة إفطار على شرفها، بحضور أقاربها وصديقاتها.
غير أن جائحة كورونا المتفشية قد ألقت بظلالها هذه السنة، على هذه المظاهر الاحتفالية الراسخة في الثقافة الشعبية وتقاليد المجتمع بولاية أدرار؛ نظرا لمتطلبات الالتزام بإجراءات الحجر الصحي الجزئي في إطار الوقاية من تفشي هذا الفيروس، وذلك بتفادي الاحتكاك والتجمعات، واحترام مسافة التباعد الاجتماعي.
وفي ما يتعلق بأطباق المائدة الرمضانية، تشير، من جهتها، خالتي عائشة (70 سنة) من قصر تيمي بأدرار، إلى أن وجبة الحساء التي يتم تحضيرها بالقمح المحلي المعروف بـ "زمبو"، تبقى سيدة المائدة بدون منازع. ولا تكتمل متعة تناولها إلا بمرافقة أكواب ثلاثة متتالية من مشروب الشاي، الذي تحرص العائلات على طبخه فوق لهيب الجمر، مما يزيد من نشوة هذه اللحظات التي يجتمع فيها أفراد العائلة حول هذه المائدة. كما يشكل طبق "السفوف" واحدا من الوجبات الأساسية التي تقدم في وجبة السحور مع أكواب اللبن أو الماء حسب رغبة كل شخص، في حين يفضل البعض شرب كأس من الشاي عقب هذه الوجبة، كما شرحت، بدورها، خالتي مباركة (65 سنة) من قصر بودة بأدرار. ويتم تحضير هذه الوجبة التقليدية من التمر منزوع النوى والمكسر إلى مكعبات دقيقة بعد تجفيفه ومزجه ببعض الأعشاب، مثل "اليازير" و"العرعار" و"الشيح " و"أم دريقة" وحبات الحلاوى و"السانوج" و"الكليلة" وبذور "البشنة" المخللة بالسمن الحيواني المحلي، المعروف بدهن العرب.
ويتم تخزين "السفوف" في وعاء تقليدي يسمى "تدارة"، والمنسوج بعناية وإتقان من ألياف الجذوع الحاملة لعراجين التمر وسعف النخيل؛ حيث يساعد على تخزينها في ظروف جافة، تطيل من مدة صلاحيتها للاستهلاك.
وتشير خالتي مباركة إلى أنه رغم تنوع وتعدد الأطباق العصرية التي أصبحت تقدمها العائلات على مائدتها الرمضانية، إلا أنها لم تستطع زحزحة تلك الأطباق العريقة من التربع على عرش مائدة الإفطار الرمضاني بمختلف أقاليم الولاية.