الرياضة النسوية في عنابة
فضاءات للراحة... القوة واستعادة الذات

- 165

عرفت مدينة عنابة خلال السنوات الأخيرة، تزايدا ملحوظا في عدد القاعات الرياضية المخصصة للنساء، حيث فتحت أبوابها في مختلف الأحياء؛ من وسط المدينة إلى سيدي عمار، والبوني، والحجار، وحتى المناطق النائية، لتمنح المرأة العنابية فضاءً خاصاً بها، تمارس فيه الرياضة بكل أريحية، وخصوصية، وانتظام.
اتجهت النساء بمختلف أعمارهن واهتماماتهن ومستوياتهن الاجتماعية، نحو هذه الفضاءات الرياضية؛ بحثًا عن الصحة، والرشاقة، والتخلص من الضغوط، أو حتى ملء وقت الفراغ بطريقة مفيدة، فصارت الرياضة بالنسبة للكثيرات، ضرورة لا ترفاً.
وبدأت المرأة العنابية تُقبل بكثافة على ممارسة الرياضة داخل القاعات المجهزة، خاصة مع تزايد الوعي الصحي، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في نشر ثقافة العناية بالجسم، والاهتمام بالنظام الغذائي.
وتتنوع التمارين التي تقدمها هذه القاعات، بين تمارين تحريك الجسم مع الموسيقى الحماسية التي تساعد على حرق الدهون وتحسين اللياقة، مثل الزومبا، وتمارين الأيروبيك التي تعتمد على حركات مستمرة ومنتظمة لتعزيز قوة القلب والرئتين، إضافة إلى تمارين شد وتقوية العضلات؛ مثل ما يُعرف بالسترونغ، وتمارين الكارديو التي تزيد من قدرة التحمل عن طريق رفع معدل ضربات القلب. كما توفر تمارين تقوية العضلات التي تعتمد على رفع الأوزان أو مقاومة الجسم، والتي تساهم في بناء القوة، وتحسين شكل الجسم.
وتتراوح أسعار الاشتراك الشهري بين 1500 دينار و5 آلاف دينار، ما يجعل هذه القاعات متاحة لكل الفئات؛ من جامعيات ومثقفات، إلى ماكثات في المنازل، وحتى المرضى الذين يفضلون تمارين خفيفة تناسب حالتهم الصحية. القاعات الشعبية في الأحياء الأقل كثافة تقدم عروضا بأسعار مناسبة، تشجع الطالبات وربات البيوت، بينما تستهدف القاعات الكبرى الموظفات والعاملات بتوفير مواعيد مرنة تتماشى مع جداولهن اليومية.
الرياضة لتعزيز التوازن النفسي
بالإضافة إلى التمارين، تقدم بعض القاعات خدمات إضافية مثل حمامات البخار، وجلسات المساج، والاستشارات الغذائية، ما يجعلها وجهة متكاملة للراحة الجسدية والنفسية.
ولم تعد الرياضة بالنسبة للمرأة العنابية، مجرد وسيلة لتغيير الشكل فقط، بل أصبحت متنفسا حقيقيا للهروب من ضغوط الحياة اليومية، وتعزيز التوازن النفسي، والثقة بالنفس. وفي هذه القاعات، تتلاقى النساء لتبادل التجارب، ودعم بعضهن البعض، وخلق بيئة محفزة على التطور الذاتي والاجتماعي. ورغم التقدم تواجه الرياضة النسوية في عنابة، تحديات مثل نقص الدعم الرسمي، وغياب البرامج التوجيهية التي تشجع الفتيات على ممارسة الرياضة منذ الصغر، بالإضافة إلى بعض المشاكل في التهوية والنظافة في القاعات غير المرخصة. ومع ذلك يبقى الأفق واعدا مع مبادرات شبابية لإنشاء نواديَ نسوية خاصة، وحصص اللياقة عبر الإنترنت، وتطبيقات متابعة التغذية والتمارين. القاعات الرياضية النسوية في عنابة ليست مجرد أماكن للتدريب، بل فضاءات للانعتاق والتغيير. وفي كل قاعة قصة امرأة تختار أن تستعيد ذاتها، أو تمنح وقتا لنفسها بعيدا عن ضجيج الحياة، لتجسد صورة المرأة الجزائرية العصرية، التي تعرف ماذا تريد، وتسعى إليه بثقة وقوة.