منطقة حمام ملوان بالبليدة
قطب سياحي للباحثين عن الراحة والاستجمام
- 3905
تجلب منطقة حمام ملوان السياحية، شرق ولاية البليدة، يوميا ومنذ حلول موسم الاصطياف، مئات العائلات التي تفضل الطبيعة الجبلية الهادئة على زحمة وصخب شواطئ المدن الساحلية، فتغلب على طول ضفاف الوادي أجواء مميزة، كما تمنح التضاريس الجبلية لقاصدي حمام ملوان وحتى قبل الوصول إلى مكان الاستجمام المنشود، فرصة الاستمتاع بلوحة طبيعية تحبس الأنفاس، فقمم الجبال التي تعانق السحاب تبدو كأنها تفتح ذراعيها للزوار كي ترحب بهم.
تُنسي المناظر الطبيعية الجبلية لحمام ملوان زائريها عثرة الطريق المؤدية إلى هذا الفضاء السياحي، فبعد تجاوز بنايات عدل بـ«بوينان" بطرقها المهترئة، كون الأشغال على مستواها مازالت مستمرة، تتراجع مناظر التوسع العمراني تدريجيا فاسحة المجال لنظرة شاملة على مرتفعات سيدي سرحان وتباينات، والقادم من ولاية البليدة أو من ولاية الجزائر (40 كلم جنوب العاصمة)، يمكنه أن يتمتع بعدها بجمالية أفق مرتفعات الأطلس البليدي، في انتظار الوصول إلى الوجهة النهائية "وادي حمام ملوان"، أو مواصلة السير إلى غاية "المقطع الأزرق".
كراء الخيم أنعش الفعل السياحي بالمنطقة
حسب العديد من رواد المنطقة، فإن تغييرات عديدة سجلت بحمام ملوان، جعلتهم يفضلونها كأول وجهة لهم خلال موسم الاصطياف، حيث يحرص عشرات الشباب الذين استفادوا من عقود كراء الخيم ومساحات ركن المركبات، على نظافة محيط الوادي بجمع مخلفات الزوار طيلة اليوم، كما يعمل هؤلاء على مرافقة الأسر في اختيار الأماكن التي ترغب في "حجزها"، للاستمتاع بمياه الوادي العذبة. وحسب رئيس المجلس الشعبي البلدي عمر مدي، فقد تم تحسبا لموسم الاصطياف لهذه السنة، منح لنحو ثمانين شابا من أبناء المنطقة، مهام كراء مخيمات تم نصبها على ضفاف وادي "المقطع لزرق" لإنعاش السياحة بالمنطقة من جهة، واستحداث مناصب شغل موسمية لفائدة هؤلاء الشباب. مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تلقى إقبالا كبيرا من طرف العائلات التي وجدت في جمال المكان وحرمته متنفسا لقضاء أوقات استجمامية رائعة.
إقبال الزوار على شراء الجبن التقليدي و"المطلوع"
تعرف حافة الطريق المؤدي إلى ضفاف الوادي، انتشار باعة الجبن التقليدي وخبز "المطلوع" والعديد من الفواكه الموسمية، معظم هؤلاء الباعة أطفال ومراهقون يسعون إلى جلب أكبر عدد من الزوار الذين يجدون في تلك المنتجات "لذة المنتج الجبلي الأصيل الذي يعود بهم إلى سنوات مضت، وهو ما جاء على لسان السيد "أحمد.م" من البليدة، الذي أكد في معرض حديثه "أنه يسترجع باقتناء الخبز المعد في الفرن التقليدي من قبل سيدات حمام ملوان، ذكرى والدته المتوفية التي كانت تصنع لهم خبزا مشابها". أما الجبن المصنوع بطريقة تقليدية، فينافس مذاق كل الأجبان المعروضة في أكبر المساحات التجارية، حسبما أكده عدد من الزوار، حيث يباع بأثمان تختلف حسب الكمية التي يريدها الزبون.
كما احتفظت المحلات المحاذية للطريق المؤدي إلى ضفاف الوادي والحمام القديم في المكان، بشهرتها في بيع الآلة الإيقاعية القديمة ‘’الدربوكة’’ بأحجام مختلفة، ليتراوح سعرها بين 250 و800 دج، إذ تمثل هذه الآلة أكبر مبيعات أصحاب المحلات، إلى جانب مجسم "الديك" الذي يعرض بألوان وأحجام مختلفة، كرمزية للمنطقة التي عرفت في الماضي بتقاليد ذبح الدواجن على ضفاف الوادي، في طقوس وعادات يأمل منها الزوار الشفاء من مختلف الأمراض، قبل أن تختفي هذه العادة تدريجيا وتنحصر في مجسمات تعرض للبيع بأسعار مختلفة.
إذا كان المكان مرتعا للراحة، فإن العديد من الوافدين إليه يشتكون تصرفات غير مسؤولة لبعض قاصدي حمام ملوان تعكر صفو غيرهم، حيث يعمد هؤلاء إلى ركن
مركباتهم بمحاذاة الوادي، حتى يسهل الوصول إليها، بينما يقوم آخرون بغسل سياراتهم دون مراعاة غيرهم بسبب الإزعاج الذي يسببونه، ناهيك عن تلويث مياه الوادي وما يمكن أن يتسبب فيه ذلك من أمراض تضر بصحة الأطفال الذين يسبحون فيه. في المقابل، يبدى العديد من المواطنين امتعاضهم من هذا السلوك الذي لا يخدم المنطقة وينفر السياح منها، آملين أن تتدخل السلطات المحلية لمواجهة هذه الظاهرة.
رهان على القرية السياحية لاستقطاب المزيد من الزوار
يتوقع أن تجلب منطقة حمام ملوان مزيدا من الزوار، بعد دخول فضاء القرية السياحية التي تم إنجازها من طرف مديرية السياحة والصناعات التقليدية حيز النشاط، وهو ما سينعكس إيجابا على مداخيل البلدية، لاسيما بعد استفادتها من قرار تسييرها بنفسها بدل مصالح مديرية السياحة والصناعات التقليدية، حسب رئيس البلدية الذي أكد "أن البلدية استفادت مؤخرا، من إجراء تحويل تسيير فضاء التهيئة السياحية بمنطقة حمام ملوان إلى مصالحها، بناء على قرار اتخذه والي الولاية مصطفى لعياضي، في إطار الاحتفالات باليوم الوطني للسياحة، مشرا إلى أنه يجري تحضير دفتر شروط مدروس يحدد كيفية وطريقة تسيير هذا المرفق السياحي بشكل يضمن مداخيل أوفر لمصالح بلدية حمام ملوان، ودفع عجلة السياحة والتنمية بالمنطقة لاستقطاب عدد أكبر من السياح.
يعد هذا المرفق السياحي جد هام، باعتباره يتربع على مساحة إجمالية قوامها 1.07 هكتار، تشمل 17 محلا للصناعة التقليدية، بمساحة إجمالية قدرها 521.85م2، وفضاء لألعاب الأطفال بمساحة 743 م2، وموقفين للسيارات بمساحة 2102 مترا مربعا، وقاعة صلاة ومراحيض للرجال والنساء، ومحل تجاري يشمل مقهى ومطعما. كما يحوي هذا الفضاء الذي يطل على مناظر طبيعية خلابة على مساحات خضراء ونافورة اصطناعية وممرات للراجلين.
❊ق.م