فخر المائدة الغرداوية

كسكسي "البنة".. الفوارة و"ترسورداسن" أذواق تقاوم الزوال

كسكسي "البنة".. الفوارة و"ترسورداسن" أذواق تقاوم الزوال
  • القراءات: 565
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

يمتاز المطبخ الصحراوي الجزائري بغناه وتنوع أطباقه، لاسيما في المناسبات والأفراح، ولأن مساحة الجزائر شاسعة، فإن تنوع الخضر والفواكه ساهم أيضا في تمكين الحرائر من تحضير أطباق مميزة لأهل البيت والضيوف، كما تشكل الأطباق الخاصة بكل منطقة، فخرا لا ينازع، علاوة على الذوق المميز لكل طبق. "المساء" سلطت الضوء على أطباق مشهورة بالجنوب الجزائري الشاسع، على غرار منطقة تندوف، غرداية، الأغواط وبشار، والتي لم يزلزل صفوها جديد المطابخ العصرية، بل ظلت صامدة وانتظارها بشغف، لاسيما وأن الكثير من أهل الجنوب اختاروا المحافظة عليها وتقديمها على طبيعتها، لتشكل رمزا للكرم والضيافة وحسن الاستقبال.


 


فخر المائدة الغرداوية.. كسكسي "البنة".. الفوارة و"ترسورداسن" أذواق تقاوم الزوال

تختلف نكهة الأطباق التقليدية المناسباتية بمنطقة القرارة ولاية غرداية، حسبما ووقفت عليه "المساء"، خلال جولة سياحية للمنطقة، لاسيما ما تعلق بالكسكسي الذي يعد فخر المنطقة وأنيس الأعراس والمناسبات الدينية، لاسيما كسكسي "البنة" المشهور بمرقه الخاثر بالتمر، والقرع العسلي. وكذا طبق "ترسورداسن"، وهو كسكسي أخضر اللون، مفتول بالزعتر وبعض الأعشاب العطرية المفيدة للصحة، ويعد أساسيت خلال أيام الشتاء الباردة.
الحديث عن نكهة الأطباق وحلاوة الطعم وسر "البنة"، المحفوظة في الذاكرة، يقود قطعا للتعريف بالتوابل المستعملة، فلكل منطقة من الجزائر القارة الجميلة، أسرار التوابل في المطابخ. ويعتمد في منطقة القرارة على توابل خاصة، تحرص الحرائر على تحضير قوامها من بذور البسباس، القرنفل والقصبر، لإعداد تابل رأس الحانوت الذي يعد رئيسيا في المطبخ، ومرافقا للعديد من الأطباق التقليدية، إذ تتسم بكونها زكية وطيبة المذاق، وأوضحت، في هذا الشأن، السيدة "ذهبية. ب«، لـ«المساء"، أن المرأة بالمنطقة، تحرص على كل التفاصيل بنفسها، سواء في عملية رحي القهوة أو تحضير التوابل، وتجفيف الفواكه أو الخضر لاستعمالها في أوقات مختلفة من السنة.

"كسكسي البنة" وطبق "ترسورداسن"

يعتبر كسكسي التمر، من أفخم الأطباق في المنطقة، لاسيما في الأعراس، ويطلق عليه اسم "البنة"، ويحضر في "صبوح" العرسان، يدهن بالزبدة أو السمن، ويسقى بالمرق الحلو من التمر و"الكابويا"، يجمع بين

الحلو والمالح، كما يحضر طبق آخر منه بالمرق الأحمر والخضر ولحم الخروف أو البقري. وخلال فصل الشتاء، يقدم لأهل البيت والضيوف كسكسي أخضر اللون يطلق عليه اسم طبق "ترسورداسن"، لاسيما لدى بني ميزاب، وهو من الأطباق التقليدية التي تحضر في الأيام الباردة على وجه الخصوص، يفتل بالزعتر وبعض الأعشاب العطرية المفيدة للصحة، ويحضر مرقه الأحمر من الخضر الموسمية، ويزين بالعصبان، المقدد الذي تحضره السيدات سابقا من أحشاء الخروف أو البقري، إذ يتم تجفيفه والحفاظ عليه إلى حين استعماله.

"كسكسي الفوارة" المزين بالزيتون

يعتبر طبق "الفوارة" من الأطباق التقليدية المميزة والخفيفة، قوامه الكسكسي بالخضر المفورة، والمكونة من البصل الأخضر، الجزر وحبات البطاطا المقطعة إلى مكعبات، تضاف إليه الطماطم المصبرة والمرحية، خلال عملية التفوار، مع بعض التوابل، ليأخذ اللون والذوق، فهو بدون مرق ويقدم مع حبات الزيتون الأخضر بالتحديد، و يعصر فوقة القليل من الليمون.

طبق الشوربة المزين بالدجاج المحمر

يعد طبق الشوربة، من بين الأطباق الشهيرة بالمنطقة، ولا صلة له بالشوربة التي نعرفها في مختلف مناطق الوطن، على غرار شوربة "الفريك، الفرميسال، الدويدة أو لسان العصفور"، فاسمه مستقى من المادة التي يصنع منها، وهي "الشعيرية" أو "الفرميسال" الخشن، والتي يتم تفويرها في الكسكاس، بعد دهنها بالزيت جيدا حتى لا تلتصق الحبات أو يفسد شكلها. وبالنسبة للمرق الخاص به، فهو مكون من الدجاج الذي يطبخ، ثم يحمر لاحقا، كما تضاف إليه الطماطم المصبرة والطازجة، مع ملعقة طعام تابل رأس الحانوت، ويتم سلق حبات من البطاطا والبيض. وبعد أن يستوي "الفرميسال"، يوضع في طبق كبير وتوضع عليه كمية المرق الخاثر، ويتم التقليب لتتجانس المكونات ويوضع في قصعة كبيرة، يُزين بالدجاج المحمر وحبات البيض المقسومة إلى نصفين، وحبات البطاطا صغيرة الحجم التي توزع على القصعة.



أطباق الأعراس والمناسبات..  "المختومة" الورقلية وطبق "الملك الأغواطي بالكابويا"

يعد الكسكسي فخر المائدة الأغواطية، على غرار سائر موائد الوطن، إلا أن له ميزة خاصة، تتمثل في إلزامية حضور "الكابويا" الخضراء في المرق، والتي تمتاز بذوقها الذي يميل إلى الحلاوة، ويطلق على اسم الطبق "الملك"، نكهته الزكية تغازل الأنوف والشهية، نظرا لمركبات المرق المكونة من توابل خاصة بالمنطقة، منها البسباس و"شيبة الشيخ"ر وهي توابل عطرية تعطيه رائحة زكية، ويتم تحضيره في الأعراس الأغواطية، إذ يتربع على مائدة الفطور بالنسبة للعروس، أما أهل العريس فيحضرونه في العشاء، وهي من عادات المنطقة التي لا يزال الأهالي يحافظون عليها".
هناك نوع آخر من "المردود الأغواطي" المحضر من الأعشاب الطبيعية، منها عروق الحلبة وأعشاب أخرى من المنطقة، ويسقى بمرق الفول اليابس والحمص والطماطم المجففة والهرماس.
تعتبر "المختومة"، أو "المشحمة" الصحراوية، من أشهى المعجنات، تحضر في ولايات عدة من الصحراء الجزائرية، إلا أنها ذات صيت شاسع بولاية ورقلة، وهي شبيهة المحاجب التي تحضر في مختلف ولايات الوطن، إلا أنها تنفرد بذوقها المميز، لطبيعة التوابل المستعملة في العقدة الخاصة بها حمراء اللون، وتحضر من الدقيق الذي يعجن بالماء والملح فقط، أما الحشو فهو عبارة عن بصل، جزر، بطاطا وشحم الغنمي، وتسمى في ورقلة "تكنيفت أدونت"، وتعني "خبزة الشحمة"، وهو سر بنتها، فبعد أن يتم تحضير العجينة التي تفتح بشكل دائري، ويتم حشوها بمرق البصل، تطهى من الجانبين، ويتم فتحها فيما بعد لتضاف إليها حبة بيض لمن أراد الزيادة، والاكتفاء بالمكونات سالفة الذكر، فتصبح غذاء كاملا، لهذا سميت بـ"المختومة"، إذ يكفي تناول حبتين للشعور بالشبع.