في ظل الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة

مبادرات فردية وجماعية لإنقاذ الحيوانات

مبادرات فردية وجماعية لإنقاذ الحيوانات
  • القراءات: 407 مرات
 نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تتجند الكثير من الجمعيات الناشطة في مجال حماية والدفاع عن الحيوانات والحياة البرية، خلال الأيام التي تشتد فيها درجات الحرارة، وتبلغ ذروتها، لمساعدة هذه المخلوقات بمختلف أنواعها وأصنافها، من باب الرأفة بها ومساعدتها، خاصة على الوصول إلى الماء، لاسيما وأن الجزائر تشهد خلال السنتين الأخيريتين، جفافا لم تعهده من قبل، خصوصا ببعض المناطق الداخلية، وتتمثل تلك المبادرات، في وضع أوانٍ تحتوي على الماء، لتشرب منه كل دابة تمر بالمكان وتروي عطشها، وتبقي جسمها رطبا، أمام قساوة الجو الحار.
وقد أطلقت تلك الجمعيات، خلال هذه الأيام، عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، نداءات للمواطنين من أجل الانضمام إلى هذه المبادرات الحسنة، في إطار الرأفة بالحيوانات بمختلف أنواعها، لنشر هذا السلوك عبر مختلف مناطق الوطن، بأكبر قدر ممكن، لفائدة تلك الحيوانات، لوقاية جسمها من الجفاف الذي يهددها.
في هذا الصدد، شددت هيفاء رزاقي، رئيسة جمعية "ب.ر.ء.ة" للرفق والإنسانية والعطف على الحيوان، على ضرورة تبني ثقافة مساعدة الحيوانات، مشيرة إلى أن المساعدات الإنسانية، والتحلي بالرحمة، ليس فقط مع البشر، بل يمكن أن يكون الخير موجه للحيوانات التي لا حول لها ولا قوة لها، وهي من مخلوقات الله تعالى التي سخرها لخدمة الإنسان، وفق توازن لا يدرك حكمته إلا الله، كما أن الله سخر الإنسان لخدمتها ومساعدتها إذا احتاجت إلى مساعدة.

حالة طوارئ

أوضحت المتحدثة، أن الكثير من الجمعيات، خلال هذه الأيام، تعلن حالة من الطوارئ، بسبب الوضعية الكارثية التي تعيشها بعض الحيوانات الضالة والبرية، في ظل جفاف بعض مصادر المياه، كالأنهار والأودية، نتيجة قلة الأمطار والجفاف الذي يصيب بعض المناطق من الوطن، الأمر الذي يجعل تلك الحيوانات الضعيفة غير قادرة على الوصول إلى منابع المياه والشرب منه، ما يتطلب تدخلا إنسانيا من أجل المساهمة في ذلك، موضحة أنه رغم أن الأمر يبدو ساذجا وبسيطا للبعض، إلا أن شأنه عظيم ويدخل في باب الإنسانية، التي لابد أن يتسم بها كل إنسان.
وأضافت أن الأمر لا يتطلب إلا سلوكا بسيطا، يتمثل في توزيع أواني تحتوي على الماء، ووضعها في بعض الأماكن التي تعرف حركة للحيوانات، سواء القطط أو الكلاب أو العصافير أو السلاحف ومختلف الحيوانات البرية، حتى وإن كانت ذئابا في المناطق الغابية، مشيرة إلى أن الإحسان للحيوان لا يعني الإحسان للأليفة منها فقط، حفاظا على التوازن البيئي والإيكولوجي الذي نعيش فيه، والثراء والتنوع الحيواني.
من جهة أخرى، أوضح رشيد براني، رئيس جمعية "اليف" لمساعدة والرفق بالحيوانات، أن سلوكيات تقديم الماء للحيوانات، كان يقوم بها أجدادنا، وليست وليدة الساعة، أو أنه سلوك دعت إليه حركات الجمعيات الحديثة الناشطة في مجال الحيوانات، بل كان الأجداد يقدمون الماء في قنينات للحيوانات المتجولة أمام المنزل، ويعلقون بعضنها في الأشجار للسماح للطيور بالوصول إليها، موضحا أن تلك التصرفات كانت سلوكيات طبيعية، تقوم بها العائلات مع بداية موسم الحر، حيث يسهل الأمر على الحيوانات بالوصل إلى الماء والشرب منه وترطيب أجسامها، وقاية من حر الصيف.

مبادرات إنسانية رفقا بالكائنات الحية

لقد أثار انتباهنا بالعاصمة، العدد الكبير من المخادع لإيواء الحيوانات الضالة، خصوصا القطط، حيث بادر بعض سكان تلك الأحياء إلى بناء مخادع صغيرة، يتم فيها توزيع الماء والأكل يوميا لفائدة تلك الحيوانات، التي كانت صارة واحدة من محبيها، وبادرت لبناء البعض منها في شارع من شوارع "موريتانيا" بالعاصمة، وقد أوضحت في حديثها لـ«المساء"، أن ثقافة الرفق بالحيوانات في الجزائر في تطور ملحوظ، بفضل الوعي الذي يتلقاه الناس حول أهمية مساعدة الحيوان، وأنه من باب الرأفة بهم، كما أن تلك التصرفات سلوكيات تعكس مدى أنسانية الفرد.

الرحمة... صفة يتميز بها نبينا الكريم

أوضح أيوب فايزي، إمام مسجد، أن الرحمة من أعظم صفات نبينا محمد عليه أزكى الصلاة والسلام، وكثيرا ما دعا إلى الاتسام بالرحمة، لقوله صلى الله عليه وسلم "مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَم" رواه البخاري ومسلم، وقال "لا تُنْزَع الرَحْمَة إلا من شَقِيٍ" رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، مشيرا إلى أن من أبرز مظاهر رحمته، رحمته بالحيوان الأعجم، وأضاف الإمام أن الرفق بالحيوان سمة إسلامية، ورد فيها عدة أحاديث صحيحة تبين أن الإسلام سابق لغيره في الرحمة المطلقة بالحيوان الأعجم، الذي لا يقدر على النطق ولا المطالبة بما يريده.
وأكد أن من رحم كائنا ضعيفا في الأرض، رحمه الله في السماء، وجزاه على فعله ونيته المخلصة في المساعدة، والرفق بتلك المخلوقات، وأضاف أن الإسلام أسبق إلى الرفق بالحيوانات، وليس كما يعتقده اليوم الأوروبيون، الذين ينصاغون وراء حقوق الحيوانات، والتي هي في حقيقة الأمر، مبادئ أخذوها من المسلمين وتوسعوا فيها وباتوا ينسبون تلك المفاهيم إلى ثقافتهم، مهمشين المصدر الأساسي لمعارفهم ومفاهيمهم حول الرفق والرأفة بالحيوانات.