حي القصبة

مبادرة ”الفن العمومي” متنفَّس فني

مبادرة ”الفن العمومي” متنفَّس فني
  • 1604

في جو بهيج انضم العديد من سكان حي سوسطارة بالقصبة (الجزائر العاصمة) لفنانين تشكيليين من رسامين ونحاتين تطوّعوا لإضفاء بعض الألوان على هذا الحي العتيق؛ في مبادرة جسدت روح الإيخاء والتضامن بين مختلف شرائح المجتمع.

قال بعض شباب حي القصبة الذين ساهموا في هذه المبادرة: نحن نفعل ما بوسعنا لتقديم المساعدة لمن تطوعوا من أجل ترميم حيّنا، وهي فرصة لنتعلم من خلال ما يطلبون منا فعله. وكان النحات عبد الغني شبوح من بين الفنانين الذين أبوا إلا أن يشاركوا في  مبادرة الفن عمومي، الذي نقل جزءا من ورشته إلى ساحة سوسطارة؛ بغية إنجاز عمل فني هو الأول من نوعه، أثار فضول سكان الحي، لا سيما الأطفال الذين نفد صبرهم لرؤية النتيجة.  وتعمل مجموعة من الفنانين وطلبة مدرسة الفنون الجميلة، على تنفيذ برنامج نشاطات ثقافية وجوارية يستمر من 1 إلى 3 ماي بهذا الحي العتيق، الذي يفتقر لأدنى المرافق الثقافية.

وأُطلقت مبادرة الفن العمومي سنة 2017 بأحد الأحياء القصديرية بمدينة بجاية، لتنتشر بعدها في مدينة الجزائر وجيجل والأغواط وسكيكدة والبليدة.

وعرفت المبادرة حملة تنظيف واسعة مست الساحات الثلاث السجيورات والملعب الجواري. كما ساعدوا في دهن الجدران باللون الأبيض، ليأتي بعدها الفنان علي حفيان لإنجاز جداريات بمعية طلبة الفنون الجميلة.

ومن بين المواضيع التي تناولتها الأعمال الفنية ظاهرة الحرقة (الهجرة غير الشرعية)، التي جسّدها الطلبة في قارب عليه مجموعة من الشباب يحاولون عبور البحر المتوسطي، علما أن العديد من شباب الحي ماتوا في البحر

المبادرة استعادة للفضاء العام

العديد من الألوان الفنية الأخرى سجلت حضورها بالتظاهرة، على غرار الكتابة والشعر والرسم وبعض الورشات الخاصة بتعليم الممارسات الإيكولوجية الحسنة وكيفية الحد من التبذير. وبهذا الخصوص قالت منسقة المبادرة في العاصمة كنزة بلجيلابي، إنّ هذا النشاط يهدف بالخصوص، إلى استعادة الفضاء العمومي، وإشراك المواطن، وجعله مسؤولا عن حيه، مبدية أملها أن تستمر هذه النشاطات في هذا الحي المصنف في التراث العالمي للإنسانية الذي يعاني الإهمال. وأضافت السيدة بلجيلالي أنّ المواطن فقد الثقة في كل برامج إعادة الترميم، لكن من الممكن جدا أن يتكفّل، من جانبه، بمحيطه المباشر، ويفتح المجال للفنانين من أجل إعطاء لمسة ثقافية وتقوية الروابط الاجتماعية.

إن هذا المركز التاريخي، تقول المتحدثة، يجب أن يتم التكفل به بجدية؛ سواء من ناحية  البناء أو من ناحية الإنسان؛ بغية إعادة بعث الروابط الاجتماعية التي تلاشت بفعل زوال أماكن اللقاء، وغياب المرافق الاجتماعية والمحيط الذي يعرف حالة متقدمة من التردي في الأوضاع.

ومن جهته، لخّص السيد فارس إيدير، وهو أخصائي نفساني وقاص ومنشط ورشات رسم وكتابة، لخّص في هذه التظاهرة وضعية هذه الأحياء العتيقة بالقول: هناك معاناة اجتماعية حقيقية وغياب للآفاق، وهو ما تعكسه النصوص التي كتبها السكان المشاركون في الورشة، بينما تعبّر رسومات الأطفال عن صدمة وشعور باللاأمن أمام خطر انهيار المسكن في أيّ لحظة بالنظر إلى هشاشة البنايات وقدمها.