قرية أزمور أومريم

مثال للالتزام الإيكولوجي

مثال للالتزام الإيكولوجي
  • 903

يعود فوز قرية أوزمور أومريم (بلدية تيرميتين، 10 كلم جنوب تيزي وزو) المتوجة بالمرتبة الأولى في مسابقة رابح عيسات لأنظف قرية، إلى تفانيها والتزامها الإيكولوجي، كما أكد أعضاء من لجنة القرية، التي تعيش منذ هذا التتويج على وقع الزائرين الذين قدموا لإشباع فضولهم، وهو كما قال مجيد موفرج، عضو لجنة قرية تيدوكلا (الوحدة) وضعية لم نحضر أنفسنا لها، لكننا جد سعداء باستقبال الزوار وتقاسم فرحتنا معهم.

 

كانت القرية المشكلة من هضبتين ويسكنها حوالي 2500 نسمة، وتحتضن مقر البلدية على طرف الطريق الولائي رقم 228، في الأصل عبارة عن غابة للزيتون البري، ومن هنا جاء اسمها (أزمور أومرين) الذي حرفته إدارة الاستعمار ليصبح  أوزمور أومريم، كما أوضح السيد موفرج.

بدأت مغامرة سكان القرية، بمناسبة الاحتفال بيناير رأس السنة الأمازيغية في  12 يناير 2018، وتنظيم أول نشاط تطوعي عقب تجديد أعضاء لجنة القرية،  بمشاركة حوالي 300 شخص استعملوا وسائل بسيطة، لكنهم كانوا يتحلون بإرادة كبيرة، ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا النشاط عادة أسبوعية، حسب إسماعيل محمد عضو لجنة القرية.

خلال بضعة أسابيع، تم تنظيف أطراف الطرق والشوارع وغرس حوالي 500 شجرة تزيينية وانخرط المزيد من السكان، وهو ما شجع أعضاء اللجنة على مواصلة المبادرة التي أخذت منحنى إيكولوجيا، ومنه جاءت فكرة إنشاء مركز لفرز النفايات وإنتاج السماد يشق طريقه نحو التجسيد، يقول إسماعيل. وقد أنجز المشروع على أرض منحت من طرف أحد السكان على الضفة الشمالية للقرية، بمساحة تقدر بـ120 مترا مربعا، وأصبح المخبر الصغير محركا لـ«الالتزام الإيكولوجي للقرية.

بين التردد والإرادة

خلال شهر رمضان، تم توقيف الأعمال التطوعية لعقد أول اجتماع للجنة القرية عقب عيد الفطر، بهدف بحث المشاركة في هذه المسابقة، وهو الموضوع الذي تحمس له البعض، بينما تردد البعض الآخر إزاءه، لكن بعد اتخاذ قرار خوضها،  زادت وتيرة العمل وتم اعتماد نظام الاشتراكات الشهرية بقيمة 500 دج لكل عامل أو متقاعد، بالإضافة إلى هبات بعض الأشخاص وهبات البلدية والمقاولين بمختلف الوسائل. استحسن سكان القرية، خاصة الشباب منهم، هذه المبادرة وأصبحوا يعملون إلى وقت متأخر من الليل، حيث تم إنجاز شلال طوله 36 مترا  وسط القرية، وتزيين ساحة المسجد التي تعد ساحة القرية الرئيسية في 28 يوما من طرف حرفي من بوزقان، كان يعمل مع الشباب من السادسة صباحا إلى غاية العاشرة ليلا.

كما تم ترميم بنايات قديمة، على غرار المعصرة التي تعود إلى سنة 1915، والنافورة العمومية وغيرها، مع المحافظة على طابعها الأصلي الذي يشكل هوية القرية وتراثها. خلقت هذه الديناميكية الجديدة في سبيل تحسين الإطار المعيشي لسكان القرية وحماية البيئة، أفكارا عديدة عند السكان الواعين بعظمة أهدافهم وضرورة تحقيقها وتخطي العراقيل المالية.

من بين هذه الأفكار الجميلة؛ استرجاع العديد من المواد بهدف صنع أشياء للتزيين، مثل العجلات القديمة، وكان سكان القرية واعين بهذا التحدي الكبير الذي يتطلب منهم جهودا كبيرة، بهدف المحافظة على هذه الوتيرة، ليكونوا مثالا يحتذى به.

قال موفرج بأننا نطمح إلى تطوير هذه الديناميكية أكثر وتجذير الثقافة البيئية في عادات القرية، حيث بدأ التفكير في الطرق والنشاطات التي يجب القيام بها لتحقيق ذلك، لهذا شرعت مؤسسات القرية التربوية وبإذن من مدرائها، في تخصيص خمسة دقائق يوميا للحديث عن التربية البيئية لفائدة التلاميذ.

في إطار تخصيص 20 بالمائة من الجائزة لإنجاز مشروع بيئي، من المقرر تنظيم مهرجان بيئي للمواطن خلال ربيع 2019، وتوسيع مركز فرز النفايات وإنتاج السماد وتزويده بوسائل أكبر. كما سيتم طلب مساعدة مالية من السلطات لخلق مؤسسة مصغرة.

من جهة أخرى، سمحت هذه المبادرة والمشاركة والفوز بالمرتبة الأولى في  المسابقة بحلّ عدة مشاكل في القرية، وإعادة إحياء الروابط الاجتماعية وشعور الانتماء للقرية، حسب السيدان موفرج ومحمد. وروى محمد أنه في خضم عملية توسيع وترميم أحد الطرق في القرية، تمت مصالحة جارين اثنين كانا في نزاع قضائي منذ 20 سنة حول عقار، وهو ما يجسد مبدأ العيش معا بسلام في إطار السلم والإخوة.

أشاد محدثنا بنساء القرية اللائي ساهمن كثيرا في الفوز بالمسابقة، سواء من  خلال قيامهن بالحملات التحسيسية البيئية أو إطعام المتطوعين أو المشاركة في النشاطات التطوعية.