يتطلع لحفظ خصوصية لباس الواحة الحمراء

محمد ناجمي يوثق للزيّ التقليدي بتيميمون

محمد ناجمي يوثق للزيّ التقليدي بتيميمون
الحرفي محمد ناجمي، رئيس جمعية "جواهر الفن للمسرح والسينما" بولاية تيميمون
  • 121
 رشيدة بلال رشيدة بلال

اختار الحرفي محمد ناجمي، رئيس جمعية "جواهر الفن للمسرح والسينما" بولاية تيميمون، أن يُعِد دليلا مفصلا حول اللباس التقليدي للمنطقة، في إطار مشروع "كابدال" المنظم من طرف الاتحاد الأوروبي، والمدعوم من وزارة الداخلية، والذي يخص عشر بلديات نموذجية، من بينها تيميمون. وقد جاءت هذه المشاركة عبر مشروع جمعية "اللؤلؤة الذهبية للزي التقليدي القوراري"، للحفاظ على الموروث التقليدي للمنطقة، وحمايته من التقليد.

أوضح ناجمي في حديثه إلى "المساء" على هامش مشاركته مؤخرا في معرض بولاية البليدة في إطار تظاهرة التبادل الثقافي، أن فكرة هذا العمل جاءت من الحاجة إلى إبراز خصوصيات اللباس التقليدي بتيميمون، بعد أن وقع خلط بينه وبين ألبسة الولايات المجاورة، مشددا على أن الإسراع في توثيقه والتعريف به كتراث محلي خاص، أصبح ضرورة للحفاظ عليه، وحمايته من التحريف والاندثار.

ومن بين الألبسة التقليدية التي وثقها ناجمي في هذا الدليل بالنسبة للنساء، عباءة الجمة التي تُعَد من أقدم الألبسة النسائية في تيميمون. وهي عباءة قصيرة نسبيا تنتهي أسفل الركبة بقليل، ضيقة عند الكتف حتى المرفق، ثم تنفتح بشكل دائري إلى منتصف الساعد. وتُخاط من أقمشة بسيطة للاستعمال اليومي، أو من أقمشة مطرزة ولامعة للمناسبات. وتُزيَّن بشرائط وألوان ملتوية حول الرقبة والخصر والأكمام. وتكتمل بالحلي مثل الخلخال. 

ويضاف إلى ذلك لباس "تيسغناس الأبيض" أو الخلال التقليدي، وهو عبارة عن قطعة قماش بيضاء أو مائلة للصفرة تمتد حتى أربعة أمتار، تُستعمل غالبا للعروس أو في المناسبات الكبرى. ويُرفع بواسطة حزام مطرز يعرف بالخلال، ليكون في مستوى القدمين، فيما يُسدل الشعر المضفور على الأكتاف مزيَّنا بحلي فضية أو ذهبية. وتلف المرأة الطرف المتبقي على رأسها بشكل يشبه الحايك المفتوح.  أما لباس " تيسغناس الأحمر" فيُخاط من قطعتين غالبا من قماش الدانتال أو الحرير. ويُرتدى في المناسبات من طرف الفتيات، بينما تتخذه النساء الكبيرات لباسا يوميا. ويُزيَّن بالسفيفة باللون الأبيض أو الأخضر أو الأصفر. ويضاف إليه حزام يتدلى من الأمام مع حلي بسيطة، فيما تلبسه العروس بحلي أثقل، وزينة خاصة.

كما تميز أيضا أقشابن-التشامير أو عباية السفسفة ـ وهو لباس صيفي بسيط يناسب المناخ الصحراوي ـ بفتحة واسعة عند الرقبة وفضفاضية عند الذراعين. وتطريزات السفيفة بألوان الأحمر والأصفر والأخضر عند الأطراف والصدر. ويمكن ارتداؤه منفردا أو مع سروال مزيّن بتطريزات خفيفة.  وأخيرا الحايك الذي يُعد رمزا للحشمة والوقار. وهو قطعة قماش بيضاء كبيرة تغطي الجسم بالكامل من الرأس حتى القدمين. ومايزال حاضرا في بعض مناطق تيميمون، مثل تينركوك وطلمن، حيث ترتديه النساء للتزين، والتعبير عن الانتماء للتراث.

أما بالنسبة للباس التقليدي الرجالي، فقد أشار ناجمي إلى الجلابة التي تشبه العباءة النسائية لكنها مزودة بقلنسوة للرأس. وتُخاط، عادة، من الصوف أو الوبر. وتستغرق صناعتها ما بين ثلاثة وأربعة أشهر. ولونها الغالب أبيض. وتبقى رمزا للأناقة والوقار. كما أشار إلى البرنوس الذي يُعد من أشهر الألبسة الرجالية التقليدية، وهو واسع ذو قلنسوة تغطي الرأس. ويُرتدى، خصوصا، في المناسبات والأعياد. ويضفي على صاحبه الهيبة، والوقار.

أزياء الأطفال استمرار للموروث عبر الأجيال

ولفت ناجمي إلى أن سكان المنطقة يحرصون على تعويد الأطفال منذ الصغر، على ارتداء الزي التقليدي؛ باعتباره وسيلة لضمان استمرارية الموروث الثقافي المادي، والحفاظ على الهوية المحلية، إذ لا توجد أزياء خاصة بالأطفال باستثناء لباس الختان والمولود الجديد، وإنما هي نماذج مصغرة مطابقة لأزياء الكبار؛ مثل البرنوس، والعباءة والسروال والشاش وروبة الجمة و "أقشاب ن-التشامير"، على أن تبقى أزياء الصغار خاضعة للذوق العام، مع حرص الأهالي على المزج بين الأصالة والمعاصرة؛ من خلال إضافة لمسات بسيطة كالسفيفة، أو بعض الأشكال دون الخروج عن الطابع المتوارَث في المنطقة. وأضاف المتحدث أن أبرز ما يميز ألبسة تيميمون التقليدية، هو اعتمادها على اللونين الأبيض والأحمر، حيث ترافق الملابسَ البيضاء حلي فضية، بينما ترافق الملابس الحمراء حلي ذهبية. كما تحمل الألبسة رموزا محلية خاصة، على غرار التطريز على سروال زناتي التقليدي للرجال، المكون من خطوط متصلة ترمز إلى نظام الفقارة للسقي، وهو أحد أعرق أنظمة الري بالمنطقة، والمدرج ضمن التراث العالمي لليونسكو.

وكشف ناجمي أن المشروع الذي أُنجز في إطار "كابدال" لم يقتصر على توثيق اللباس التقليدي النسائي والرجالي فقط، بل شمل تنظيم دورات تكوينية لإحياء بعض الألبسة، وبعثها من جديد بما تحمله من رموز خاصة بالمنطقة، مثل تميدريت، والضفيرة، وهي حلي تقليدية. وأوضح أن الغاية من المشروع كانت دعم الحرفيات، وتمكينهم من رد الاعتبار للباس التقليدي عبر ورشات مستمرة، مؤكدا أن اللباس الصحراوي تعرّض في السنوات الأخيرة، لمحاولات تحريف من بعض دول الجوار، التي عمدت إلى تغيير بعض الرسومات والرموز. وختم بالقول إن حماية اللباس التقليدي لتيميمون، ليست مجرد حفاظ على الأقمشة والخياطات، بل هي حماية للذاكرة الجماعية، والهوية الثقافية للمنطقة.