بالمركز الثقافي الإسلامي

مختصون يتحدثون عن دور المرأة في البناء

مختصون يتحدثون عن دور المرأة في البناء
  • 1272

شكّل موضوع "دور المرأة الجزائرية في البناء" محور ندوة علمية، احتضنها مؤخرا المركز الثقافي الإسلامي احتفالا باليوم العالمي للمرأة المصادف للثامن مارس من كل سنة، حيث سلطت المحاضرات الضوء على بعض المحطات البارزة التي تعكس نضال وتفوق المرأة في مجالات عديدة عبر أحقاب زمنية مختلفة، وتطرقت في السياق إلى تقصير المؤرخين في الكتابة عن الأدوار الريادية التي لعبتها المرأة الجزائرية عبر التاريخ.

البداية كانت مع المحاضرة الدكتورة صفية ديب، المختصة في تاريخ الوسيط الإسلامي، حيث اختارت أن تشارك بمداخلة حول "دور أسماء بنت أبي بكر في إنجاح هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة والتأسيس لبناء المدينة الإسلامية"، حيث أشارت إلى أن وعي السيدة أسماء كان تحصيلا حاصلا لأنها ابنة أبي بكر الصديق صديق الرسول صلى عليه وسلم، مما يشير إلى أن البيئة التي تربت فيها كانت بيئة إسلامية، ولعل هذا ما مهد لمشاركتها في إنجاح الهجرة النبوية، بالنظر إلى الدور الذي لعبته خلال تلك الفترة، حيث كانت في سن 27 سنة وخلال الفترة التي اختبأ فيها الرسول عليه الصلاة والسلام بغار ثور، كانت حاملا في الشهر الثامن تنقل يوميا الزاد إليهما، ورغم قساوة الجو وصعوبة التنقل من والى الغار، لم يثنها عن القيام بدورها، مما يعكس وعي المرأة وإدراكها لمسؤولياتها منذ القدم.

من بين المحطات أيضا التي يشهد فيها بالدور الريادي لأسماء بنت    أبي بكر ويعكس قدرتها على كتم السر وتحمل المسؤولية، لحظة دخل أبو جهل وطلب منها أن تخبره بمكان والدها، حيث أجابت بالنفي، فما كان منه إلا أن ضربها بقسوة رغم كونها حاملا، تعلق المحاضرة "هذه المحطة تكشف عن صبرها ووعيها بحجم مسؤوليتها، إلى جانب محطة أخرى تشيد أيضا بحنكة أسماء في معالجة بعض القضايا العالقة،  حيث يروى أن جدها كان كفيفا وطلب منها إذا كان والدها قد ترك مالا، فما كان منها إلا أن أخفت بعض الحجارة في قماش وجعلت يد جدها تلمسها، ظنا منه أنه مال ليطمئن قلبه، كل هذا، تقول المحاضرة "كان لتحقيق غاية واحدة وهي المشاركة  في تسهيل وصول الرسول الكريم رفقة أبا بكر الصديق إلى المدينة المنورة".

من جهة أخرى، أشارت المحاضرة إلى أن دور أسماء لم يتوقف فقط على إنجاح الهجرة، وإنما قامت أيضا بعد الهجرة بالتكفل بتعليم نساء الأنصار القرآن وصبرت في محنتها بعد مقتل ابنها من طرف الحجاج بن يوسف، وماتت بعد قرن من الزمن، مشيرة إلى أن أختها عائشة هي الأخرى تعتبر من النساء اللواتي لعبن دورا فعالا في توثيق الأحاديث القولية والفعلية للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كانت تتصف بسرعة الحفظ، وكانت شاهدة على الكثير من الأحداث، ويكفي القول بأنها تركت 2700 حديث.

براعة الأندلسية في الأدب بشهادة المؤرخين...

من جهتها، اختارت الدكتورة مريم بوخاوش، تخصص تاريخ المغرب الإسلامي، أن تشارك في الندوة بتسليط الضوء على الحضور الأدبي للمرأة في الأندلس، حيث أشارت إلى أن الظروف التي كانت تعيشها المرأة في بلاد الأندلس، حفزتها لإبراز نماذج كثيرة عن دورها الريادي في المجال الثقافي والفكري، موضحة أن عددا كبيرا من المؤرخين، على غرار لسان الدين بن الخطيب والمقري وابن بسام وغيرهم، أبرزوا صورة المرأة الأندلسية، سواء من المادحين أو القادحين، تردف المحاضرة "على العموم يظهر أنّ الكتابات كانت كلّها تشير إلى أن نساء الأندلس كن متحررات ويشاركن الرجال في المحافل ويتدخلن في الشؤون السياسية، بل ذهب البعض إلى اعتبارهن من بين الأسباب التي أدت إلى سقوط الأندلس".

أشارت المحاضرة في السياق، إلى بعض النماذج لنساء من الجواري ومن المتحررات كان لديهن دور في إنعاش الفعل الثقافي، من خلال ما قدمنه من شعر، نشر بأسلوب بليغ وفصيح، وهو ما يشير إليه التاريخ، خاصة ـ تقول المحاضرة ـ أن الأندلس كانت تعيش نوعا من الترف، الأمر الذي ساهم في إبراز دورها الثقافي، وتضرب في ذلك مثالا بالعبادية جارية المعتضد التي برعت في الشعر رغم أنها من الجواري  وشاعرات حرات، على غرار ولادة وحفصة وأسماء العامرية، مشيرة إلى أن المرأة الأندلسية أثبتت حقيقة قدرتها من حيث التفوق الثقافي الذي كان وليد حرصها على التعلم، وتقول "سر نجاح الأندلسيات في الحركة الثقافية أنهن كن حافظات لكتاب الله، وهو ما أشارت إليه الحقائق التاريخية التي أفادت أنّ أكثر من 60 ألفا من نساء الأندلس كن يحفظن كتاب الله، وهو ما أسهم في نجاحهن على الصعيد الأدبي من خلال تحكمنهن في اللغة والفصاحة".

كان لها الفضل في إنجاح ثورة نوفمبر

اختارت الدكتورة نفيسة دويدة، مختصة في التاريخ أن تشارك من جهتها بالحديث عن الدور الريادي للمرأة الجزائرية بالثورة التحريرية ونموذجها في ذلك البطلة الجزائرية حسيبة بن بوعلي، حيث أشارت في معرض حديثها إلى أن المرأة كان لها نصيب وافر في إنجاح الثورة الجزائرية، سواء بصفتها مجاهدة حاملة للسلاح أو مسبلة أو فدائية أو مساعدة اجتماعية مساهمة منها في سبيل التحرر، وتقول المحاضرة بأنها اختارت الشهيدة بن بوعلي كونها فضّلت أن تضحي بشبابها لإيمانها بقضيتها، بالتالي هي رمز للتضحية".

تقول "الرسالة التي رغبت في ترسيخها هي أن المرأة الجزائرية كانت ولا زالت حاملة لمسؤوليتها وتواجه كل التحديات"، غير أن ما تعيب عليه هو أن الباحثين والدراسيين لم يعطوا المرأة حقها من التاريخ، حيث ارتكز الاهتمام على الأسماء البارزة ولم تحض بعض النساء بحقهن من التأريخ، خاصة ما يتعلق بالثورة التحريرية".

رشيدة بلال