الشيخ أحمد حمدوش
مسار طويل في نشر قيم التكافل

- 160

إذا كان الزواج الجماعي من أبرز صور التكافل الاجتماعي في ولايات الجنوب، لاسيما غرداية، فإن بعض ولايات الشمال، وعلى رأسها البليدة، تمكنت هي الأخرى من تجسيد هذه المشاريع الخيرية، منذ أكثر من عقدين، بفضل جهود عدد من المشايخ الذين آمنوا بالفكرة، وسعوا إلى إنجاحها. ومن بين هؤلاء، يبرز اسم الشيخ أحمد حمدوش، الإمام المتطوع والناشط في العمل الخيري، الذي تحدث لـ"المساء"، على هامش مشاركته في دورة تأهيل المقبلين على الزواج، التي بادرت بتنظيمها جمعية "سواعد الإحسان".
أكد الشيخ حمدوش، أن فكرة الزواج الجماعي في ولاية البليدة، تعود إلى سنوات طويلة، حيث راودت عددًا من أهل الخير، من بينهم أحد المشايخ البليدة وأعمدة العمل الخيري، الأستاذ محمد بوسليماني، الذي كان من أوائل الداعين إلى تجسيد هذه المبادرة عبر جمعية "الإصلاح والإرشاد" كعمل خيري، غير أن الأقدار شاءت أن يُغتال في العشرية السوداء، قبل أن يرى حلمه يتحقق.
وأشار إلى أن الفارق بين ولايات الجنوب والشمال في هذا المجال، يكمن في أن الجنوب اعتاد تنظيم "مأدبة" عشاء جماعية، يتم خلالها تزويج عدد من الشباب، بينما كانت الفكرة في الشمال غير معروفة آنذاك. وأضاف قائلاً: "قمنا سنة 2005 بعقد لقاء مع عدد من الأعضاء، لطرح فكرة الزواج الجماعي كعمل خيري، غير أن أول عائق واجهناه كان غياب المقبلين على هذا النوع من الزواج، الذي بدأ حينها غريبًا وغير مألوف، رغم توفر المبادرة والتمويل".
وأردف قائلا: "اضطررنا للبحث عن فئات غير مقتدرة لدعمها، وكان أول مشروع زواج جماعي نظمته في بلدية البليدة، حيث استفاد منه ستة شباب، ووفّرنا لهم المستلزمات الضرورية، إلى جانب وليمة جماعية".
وأوضح أن النجاح والقبول الكبير الذي حظي به المشروع، شجعهم على المضي قدما في توسيع المبادرة، حيث تم في 2006، تنظيم ثاني زواج جماعي بدعم من المحسنين والصناعيين، استفاد منه أربعون شابا، تحت لواء جمعية "الإصلاح والإرشاد". وتحول المشروع بعدها إلى تقليد سنوي، ارتفع فيه عدد المستفيدين تدريجيًا، ليصل إلى 80 شابا في إحدى الدورات.
وفي سنة 2009، تم تأسيس لجنة خاصة بالزواج الجماعي، تحت لواء جمعية "الإرشاد الخيرية"، ترأّسها الشيخ حمدوش، حيث تم تزويج 120 شابا، ثم انتقل المشروع إلى جمعية "كافل اليتيم" الولائية، التي نظمت زواجا جماعيا استفاد منه 150 شابا.
وبحسب المتحدث، فقد تم خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2019، تزويج أكثر من ألف شاب، قبل أن يتوقف المشروع مؤقتًا، بسبب جائحة "كورونا". واليوم، يضيف حمدوش، يُعاد بعث هذه المبادرة الخيرية من جديد عبر جمعية "سواعد الإحسان"، التي كانت بدورها سبّاقة في إحياء مشاريع الزواج الجماعي على مستوى ولاية البليدة.
وختم المتحدث بالتأكيد، على أن الغاية من هذه المشاريع، لا تقتصر على تزويج الشباب فحسب، بل تهدف بالأساس إلى تحفيز المحسنين لدعم المقبلين على الزواج، خاصة في ظل الارتفاع المتزايد لتكاليف الأعراس، بما يُساهم في بناء أسر مستقرة ومتماسكة.