اللقاء الوطني للنوادي الخضراء بمدينة بومرداس
مشاريع بيئية مبتكرة يراهن أصحابها على تحويلها إلى مؤسسات ناشئة
- 311
❊ 3 جوائز مالية لأحسن المشاريع البيئية و3 تشجيعية لأحسن الأجنحة
❊ مواقع التواصل الاجتماعي أحسن وسيلة إشهار وتسويق منتوج الرسكلة
أبدع المشاركون في اللقاء الوطني للنوادي الخضراء بمدينة بومرداس، الذي عرف حضورا قياسيا في طبعة 2024، بوجود وفود شبانية تمثل 45 ولاية، بشعار "الطاقات المتجددة والرسكلة لضمان التنمية المستدامة"، في عرض مشاريع تعنى بالمحافظة على البيئة والمحيط، اعتمد العديد منها على التكنولوجيا الحديثة والرقمنة لتسهيل الحياة اليومية. كما يطمح العديد من أصحاب تلك المشاريع إلى تحويلها لمؤسسات ناشئة ودر قيمة مضافة وخلق مناصب شغل، كأحد أهم أهداف هذه التظاهرة العلمية الطموحة.
تجدد الموعد خلال العطلة الشتوية الحالية بمدينة بومرداس، مع اللقاء الوطني للنوادي الخضراء، الذي عرف هذه السنة، مشاركة 45 ولاية ممثلة بجمعيات البيئة أو مؤسسات شبانية، عرض أصحابها مشاريع مبتكرة في مجال الحفاظ على البيئة والمحيط. وحسب السعيد بونوس، رئيس الرابطة الولائية للإعلام والاتصال للشباب، المُنظمة لهذا الصالون، بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة وعدة شركاء، فإن المشاركين تنافسوا طوال 5 أيام، على عرض مشاريعهم في مجال الرسكلة وإعادة التدوير، في محاولة للظفر بإحدى الجوائز.
وقال في تصريح لـ"المساء"، على هامش الافتتاح الرسمي الذي أشرفت عليه الوالي فوزية نعامة، إن لجنة التحكيم اختارت 3 فائزين بأحسن مشروع بيئي، وكذا أحسن 3 أجنحة مشاركة، في محاولة لتشجيع المشاركين المبتكرين وحثهم على مزيد من الابتكار والإبداع في مجال حماية البيئة والمحيط. كما أكد أن الهدف الأسمى الذي يطمح إليه هذا اللقاء، يتمثل في محاولة عقد اتفاقيات ما بين الشباب المبتكر وبعض المديريات، من أجل تحويل مشاريع إلى مؤسسات مصغرة خلاقة للثروة، مدرة للأرباح وخلاقة لمناصب الشغل.
موعد متجدد مع الشباب المبتكر
من بين المشاركين في هذه التظاهرة، الطالب شكيب سليماني المشارك بمشروع "ستارت-آب" (البيت البلاستكي الذكي)، الذي قال إنه موجه لتحسين مردود المنتوج الفلاحي، مع إنقاص التكاليف، لاسيما من ناحية الري والكهرباء، موضحا أن مشروعه هذا تحصل على علامة "لابال- مشروع مبتكر" بجامعة "ابن خلدون" في ولاية تيارت، ويطمح إلى تحويله لمؤسسة مصغرة.
أما مشاركته في موعد بومرداس السنوي للنوادي الخضراء، فجاء من أجل تبادل الخبرات في مجال الابتكار، وكذا إيصال رسالة للشباب، مفادها ضرورة الاستثمار في أفكاره والعمل على تحويلها إلى مشاريع مبتكرة، لاسيما وأن الجامعة الجزائرية تقدم كل التسهيلات في هذا الشأن. نفس الهدف شاركت من أجله مرام معمري وشُهاز زيتوني من ولاية البليدة، اللتان تطمحان إلى توسيع مشروع "إعادة تصميم زنقة العرب" ليشمل أماكن أخرى بنفس الولاية، وربما يتم تبنيه من طرف ولايات أخرى.
وحسب مرام، متحدثة لـ«المساء"، عن أهداف المشروع ذي البعد البيئي، فإنه يعنى بإعادة تصميم "زنقة العرب" الذي هو منطقة تجارية شديدة الازدحام والتلوث في بوفاريك، حتى تكون صديقة للبيئة، بالاعتماد على الطاقة النظيفة من الألواح الشمسية، مع تهيئة ممرات للدراجات الهوائية بهدف التقليل من الازدحام والتلوث الناجم عن المركبات، إضافة إلى تهيئة مساحات للعب الأطفال. وقالت المتحدثة، إن هذا المشروع نال موافقة السلطات المحلية، في انتظار الدعم، من أجل تجسيده، متمنية أن يتم توسيعه إلى ولايات أخرى، بغية تحسين الواقع المعيشي للسكان.
فيما لفتت زميلتها شُهاز، إلى مشروع إعادة تدوير الملابس القديمة وصنع العديد من الأشياء، لاسيما الأكياس القماشية. ولفتت إلى كون الجمعية الولائية لحماية البيئة من مخاطر التكنولوجيا صاحبة المشروعين، بادرت مؤخرا، إلى عقد اتفاق مع مخبزتين في بوفاريك، من أجل تزوديهما بأكياس قماشية لاستعمالها بدل الأكياس البلاستيكية، وتمت التجربة بنجاح، حيث وزعت على المخبزة الأولى 80 كيسا قماشيا، وعلى الثانية 50، غير أن مسعى تغيير العادات الاستهلاكية للزبون تحتاج إلى مزيد من حملات التحسيس، تقول شُهاز، التي أكدت أن هذه التجربة نجحت فقط في يومها الأول، حيث كان من المفروض إعادة استعمال الكيس القماشي من طرف الزبون، وهو ما لم يتم.
من جهته، يعرض عمر قلوش، ممثل النادي البيئي للمركب الرياضي الجواري بالزبوجة في ولاية الشلف، مشروع إعادة تدوير مادة الفين وصنع أشكال متنوعة من الأصص لغرس نباتات الزينة، وهي فكرة قال، إنها لقيت إقبالا واسعا من طرف رواد النادي، خاصة وأن المادة الأولية متوفرة وسهلة التدوير، وتخرج عن الروتين في تدوير البلاستيك أو الورق. وقال عمر، إنه يطمح إلي فتح مؤسسة خاصة في نفس التوجه، لاسيما بفضل توفر بقايا الفلين في الطبيعة وإمكانية التسويق بالنظر للإقبال على كل الأشكال المصنعة من الأصص للتزيين.
في نفس السياق، يطمح ممثل مديرية الشباب والرياضة لولاية تيبازة، نضال عبد الصمد خياط، في توسيع مشروع إعادة تدوير الزجاج والبلاستيك لصناعة قطع فنية ديكورية، حيث لفت في معرض دردشته مع "المساء"، إلى أنه من السهل استرجاع بعض النفايات، مثل الطناجر والقدور والأباريق وتحويلها إلى أصص لغرس نباتات الزينة، مع إضفاء لمسات جمالية على كل قطعة، سواء بإضافة بعض الأصداف، أو بقايا بعض الأشجار، على غرار "حبات الصنوبر"، لتشكيل أشكال فنية مختلفة تستعمل في التزيين. قال المتحدث، إن هذه الأشياء تصنع في ورشات خاصة بمؤسسات الشباب، وتلقى إقبالا كبيرا من طرف الشباب وحتى بعض النساء الماكثات في البيت.
مؤسسة رسكلة تسوق منتوجها عبر وسائل التواصل
من إعادة تدوير ورق الكرتون، تمكن الأستاذ إبراهيم بلقوريشي، وهو مستشار رئيسي للشبيبة بولاية عين الدفلى، من صنع العديد من القطع الفنية، ويعمل على تسويقها عبر التواصل الاجتماعي، التي مكنته من توسيع دائرة الزبائن، حيث يعرضها على عدة منصات، فتحصد آلاف المعجبين والزبائن كذلك.
قال محدثنا، إن الرسكلة فن بحد ذاته، يُمكن صاحبه من استكشاف مواهب كامنة في ذاته، حيث يجعله يصنع الكثير من التحف انطلاقا من أشياء بسيطة للغاية، ولا تكلف فلسا واحدا. مشيرا إلى أنه يعتمد في عمله، على استرجاع بقايا الكرتون من المحلات والمساحات التجارية والصيدليات والمكتبات وغيرها، ثم يعمل على تحويلها إلى قطع فنية بأشكال متعددة، مثل تلك التي عرضها بصالون بومرداس، وجذبت إليها أنظار الزائرين، والتي تعددت ما بين عتاد حربي قديم يؤرخ لحقبة تاريخية معينة، أو بعض القلل والقطع الديكورية وأدوات موسيقية، وغيرها من الأشكال التي قال إنه يستلهمها من واقعه اليومي.
عن مشاركته في لقاء النوادي الخضراء، قال الأستاذ بلقوريشي، إنه يعمل خلاله على تقديم نصائح للشباب من أجل الاستثمار في وقت فراغه، وتعلم فنون الرسكلة وإعادة التدوير، بدل مضيعة الوقت على الهواتف الذكية، حيث اعتبر هذه الحرفة كفيلة بأن تتحول مع الأيام إلى مهنة مُدرة للربح الاقتصادي، وأنها تعلم صاحبها الهدوء وزيادة التركيز ودقة الملاحظة وحسن الاختيار.