رؤى أكاديمية وأمنية لمواجهة آفة المخدرات

مطالب بوضع استراتيجيات شاملة للوقاية والعلاج

مطالب بوضع استراتيجيات شاملة للوقاية والعلاج
  • 218
شبيلة. ح  شبيلة. ح 

أجمع المشاركون في اليوم الدراسي حول "التحديات المعاصرة في مواجهة المخدرات والمؤثرات العقلية، "نحو رؤى متكاملة للوقاية والعلاج في بيئة الابتكار"، على ضرورة بلورة مقاربات متعددة الأبعاد، لمجابهة هذا الخطر المتنامي، الذي بات يهدد النسيج المجتمعي، وكذا استقرار الأفراد نفسيا واجتماعيا واقتصاديا. 

وقد سلط المشاركون في اليوم الدراسي، الذي نُظِّم من قبل المكتب الولائي للنفسانيين الجزائريين، مؤخرا، بالتنسيق مع "هضبة تيكنوبول" قسنطينة، بكلية هندسة الطرائق بجامعة قسنطينة "3"، الضوء على التحولات السريعة التي تعرفها ظاهرة تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية في الجزائر، مؤكدين أنها لم تَعُد حكرا على فئة عمرية معينة، بل طالت مختلف الشرائح المجتمعية، ما يفرض ـ حسبهم ـ اعتماد مقاربات متكاملة، تتجاوز الحلول الأمنية الظرفية، إلى استراتيجيات وقائية تُبنى على أسس علمية وقانونية ودينية وصحية.

وركز المشاركون في اليوم الدراسي، من مختصين نفسانيين وأكاديميين وأجهزة أمنية وقضائية، إلى جانب فاعلين في مجال الوقاية ومكافحة الإدمان، في مداخلاتهم العلمية، على تحليل الأسباب السوسيو-اقتصادية التي تساهم في تفشي تعاطي المواد المخدرة، من بطالة وهشاشة اجتماعية وتفكك أسري، إلى جانب العواقب الصحية والنفسية الوخيمة الناجمة عن الإدمان، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. 

كما قدم أخصائيون نفسانيون وخبراء أمنيون، تشخيصات دقيقة حول سلوكيات التعاطي والأنماط الجديدة، التي تسلكها شبكات الترويج، مؤكدين على ضرورة مرافقة ضحايا الإدمان ببرامج علاجية وتأهيلية مستمرة.

من جهة أخرى، أشار المتدخلون إلى أهمية الإطار التشريعي في دعم مجهودات الوقاية والمكافحة، من خلال استعراض أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم "05-23" المعدل والمتمم للقانون "04-18"، والمتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها، حيث أشادوا بالتدابير الجديدة التي ينص عليها القانون، خاصة ما تعلق بإنشاء آليات وقائية إضافية، وأحكام علاجية تراعي الجانب الإنساني والاجتماعي للمدمنين.

وعلى الصعيد الديني، ساهمت المداخلات الفقهية في تأطير النقاش من زاوية شرعية، حيث أُبرزت الأحكام الإسلامية الصارمة تجاه تعاطي وترويج المخدرات، مع التركيز على مسؤولية الفرد والمجتمع في مقاومة هذا الانحراف، وضرورة نشر الوعي الديني كوسيلة وقائية فعالة.

ودعا المشاركون في اليوم الدراسي، إلى ضرورة إشراك المؤسسات التعليمية ومراكز البحث العلمي، ودور الإعلام والأسرة، في بناء منظومة وطنية متكاملة، للوقاية من المخدرات. كما طالبو بتعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين، من سلطات أمنية وصحية وقضائية، وإشراك الشباب في حملات التوعية، من خلال آليات تفاعلية تواكب العصر الرقمي.

من جهته، أكد الدكتور فلاحي بلال، خلال مداخلته التي تناولت موضوع "الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي كأدوات متطورة للوقاية من الإدمان نحو منظومة متكاملة ومبتكرة"، أكد على الإمكانات الكبيرة التي تتيحها هذه التقنيات الحديثة في مجال رصد السلوكيات الخطرة والتنبؤ بها، إلى جانب توظيفها في تصميم بيئات علاجية افتراضية، تُحاكي الواقع وتُساهم في إعادة تأهيل المدمنين نفسيا وسلوكيا. 

كما شدد المتدخل، على ضرورة دمج هذه الأدوات ضمن مقاربات الوقاية المستقبلية، بهدف بناء منظومة وطنية، تعتمد الابتكار في مكافحة ظاهرة الإدمان.

للإشارة، فإن هذا اليوم الدراسي، يُعد لبنة جديدة ضمن المساعي الهادفة إلى تجسيد بيئة معرفية وتشاركية في مجال مكافحة الإدمان، خاصة ضمن فضاء الابتكار الذي توفره جامعة قسنطينة "3"، ومحيطها العلمي.