تستقبل أزيد من 3000 زائر يوميا

مغارة "أوقاس" ببجاية.. إرث طبيعي ينتظر التصنيف

مغارة "أوقاس" ببجاية.. إرث طبيعي  ينتظر التصنيف
  • 2774
استطلاع: كريم.ب استطلاع: كريم.ب

توجد ببلدية أوقاس في بجاية، مغارة تحت الأرض لم يتم تصنيفها بعد ضمن التراث الوطني، حيث لا يزال تسييرها يخضع للمجلس الشعبي البلدي الذي حمل على عاتقه التكفل بالمغارة الطبيعية، بعد أن بقيت لمدة 20 سنة مهملة، واكتشافها صدفة بسبب أشغال الحفر سنة 1962.

تعتبر مغارة مدينة "أوقاس" ببجاية من بين أشهر المغارات المتواجدة على المستوى الوطني، غير أن الإهمال الذي بات مسلطا عليها، بسبب عدم تصنيفها ضمن التراث الوطني، وبقائها مهملة لأزيد من 20 سنة، جعل المجلس المحلي لبلدية "أوقاس" يأخذ على عاتقه زمام المبادرة، ليقوم بداية من سنة 1982 بإنجاز بوابة وسلالم تؤدي إلى داخلها، بعد أن كانت مجهولة.

أشغال الحفر تكشف عن كنز طبيعي

الجولة الميدانية التي قادت "المساء" إلى مغارة مدينة "أوقاس" شرق بجاية، كشفت عن أهمية المغارة الطبيعية البالغة التي يجهلها الكثير من الزوار القادمين إلى الولاية، لأنه يتم فتحها في موسم الاصطياف فقط، وهو الأمر الذي دفع بالكثير من الزوار إلى التوجه نحو مقر بلدية "أوقاس" بهدف المطالبة بإعادة فتحها مجددا في وجه بعض العائلات التي توافدت إليها خصيصا لمشاهدة الصواعد والنوازل الكلسية.

الدخول إلى المغارة الطبيعية يكون بعد دفع مبلغ رمزي، وعادة ما يتم إدخال المتوافدين إلى المغارة على شكل أفواج، لأن ممراتها جد ضيقة ولا تستوعب تحرك شخصين في مستوى واحد، حيث أكد المرشد السياحي على مستوى مغارة "أوقاس"، السيد ياسين معزوزي، في حديثه مع "المساء"، أن البرنامج الذي يعمل وفقه الطاقم المشرف على المغارة، يؤكد على ضرورة إدخال الزوار على شكل مجموعات، حتى يتسنى للزوار التحرك بأريحية والاستماع جماعيا للمعلومات التي يقدمها المرشد السياحي بخصوص المغارة، مع العمل على منع الزوار من أخذ صور داخل المغارة، لأن الضوء الذي تحدثه آلات التصوير يؤثر سلبا على الكلس ويحوله إلى اللون الأسود.

يضيف المرشد السياحي أن المغارة تم اكتشافها عن طريق الصدفة، بعد أشغال حفر كانت تقوم بها شركة فرنسية في المنطقة سنة 1962، حيث تبين للعمال وجود حفرة تنبعث منها برودة شديدة، وبعدها دخولهم وجدوا أن هناك مغارة طبيعية كبيرة، تتوفر على الكثير من الصواعد والنوازل، وعلى مسار طويل وعلو معتبر.

يقول المرشد السياحي بأن المغارة تتوفر كغيرها من المغارات الطبيعية على الصواعد والنوازل التي تتشكل من مادة كلسية تتسرب من أعلى الجبل عبر مياه الأمطار، مشكلة بذلك أشكالا غاية في الجمال، حيث تشكلت داخل المغارة منطقة واسعة على شكل مقبرة جماعية، وكذا منطقة تحمل شكل الصوف، إلى جانب أشكال مختلفة تشبه البصلة "السيسائية" مصحوبة بعمود فقري، أو شكل بطيخة متوسطة الحجم، مشيرا في معرض حديثه إلى أن تشكل سنتيمتر واحد داخل المغارة قد يأخذ قرابة 100 سنة.

بحيرة "الأمنيات" مقصد الجميع

الأمر الذي شد انتباهنا ونحن داخل المغارة، وجود بحيرة صغيرة تتوسط المكان، مملوءة بالمياه وتتوفر بداخلها على قطع نقدية من مختلف الأصناف، حيث أكد السيد معزوزي أن البحيرة التي تتوسط المغارة تسمى بحيرة "الأمنيات"، وهي مقصد أغلبية الزوار القادمين إلى المغارة، حيث يقومون برمي قطع نقدية داخلها ويتمنون أمنيات سرية، إلا الأطفال الصغار الذين يفصحون عن أمانيهم عند رمي القطع النقدية داخلها.

وقد سميت البحيرة ببحيرة "الأمنيات" نسبة إلى الجبل الذي تقع تحته المغارة، والذي يحمل اسم "يما ثاذرارت"، وهو يحمل في شكله الخارجي شكل امرأة تقف فوق رأس الجبل، كما أن سكان المنطقة منذ سنوات خلت، اعتادوا على الاحتفال برأس الجبل، بإقامة "الوزيعة"، وهي عادات ألفها سكان المنطقة.

يضيف محدثنا أن القطع النقدية التي يتم رميها من قبل زوار المغارة، يتم جمعها في كل خمسة أيام وتقدم لإحدى الجمعيات الخيرية بالمنطقة، قصد استغلالها في نشاطاتها الخيرية.

عدد الزوار في تزايد كل سنة، حيث يصل العدد يوميا في موسم الاصطياف إلى ما يفوق 3000 زائر، وهو العدد المرشح للارتفاع، حيث يقوم الزائر باكتشاف زوايا المغارة التي تتربع على مساحة تقدر بـ 400 متر مربع، كما يجوب زواياها رفقة دليل سياحي على مسافة 450 مترا، حيث يتم تزويد الزوار بمختلف المعلومات الضرورية الخاصة بالمغارة، لاسيما أن مسلكها الضيق لا يسمح بمرور عدد كبير من الزوار، إذ يتم التنقل داخل زوايا المغارة على شكل مجموعات، تتلقى شروحات حول تاريخ المغارة الطبيعية.

وتأسف القائمون على تسيير مغارة "أوقاس" لعدم تصنيفها ضمن التراث الوطني، حيث لا تزال تسير من قبل المجلس المحلي، لذا يتم اعتماد إجراءات صارمة في منع الزوار من تصويرها، لأنها لم يتم تصنيفها بعد، ويمكن استغلال الصور التي تأخذ من داخلها في الجانب التجاري.

وطالب القائمون على المغارة بضرورة النظر لها بعين الاهتمام، حتى يتم تصنيفها ضمن التراث الوطني، بالنظر إلى الميزات التي تتوفر عليها، وبالإمكان استغلالها بشكل جيد في تنشيط السياحية على مستوى المنطقة.