حوّلت نساء ريفيات في ولاية عنابة شغفهن بعالم النحل، إلى مشاريع إنتاجية حقيقية بفضل برنامج دعم ومرافقة، أطلقته المصالح الفلاحية في إطار الصندوق الوطني للتنمية الريفية. وجاءت هذه المبادرة لتعكس نموذجا ناجحا لتمكين المرأة الريفية من خلال الجمع بين التكوين المتخصص والدعم المادي والمساندة الميدانية، من قبل مربي النحل المعتمَدين، وصغار المستثمرين.

انطلقت التجربة بتقديم دورات تكوينية معمقة في أسس تربية النحل، شملت طرق إنشاء الخلايا، ومتابعة صحة النحل، وأسرار إنتاج العسل ومشتقاته. كما تم تمكين المستفيدات من تجهيزات أساسية، تشمل الصناديق الخشبية، والملابس الواقية، وأدوات الفحص والجني، إلى جانب توفير أسراب النحل المعافى من الأمراض. هذه الخطوات ضمنت انطلاقة قوية للمشاريع، ووفرت للنساء فرصة الانتقال من مرحلة التعلم إلى مرحلة الإنتاج الفعلي.

ويشير مسؤولو المصالح الفلاحية إلى أن هذا النوع من المشاريع الصغيرة، لا يحقق، فقط، عوائد مالية مباشرة، بل يفتح، أيضا، آفاقا أوسع للتسويق المحلي والجهوي في ظل الطلب المتزايد على العسل الطبيعي. كما يساهم في حماية البيئة عبر تعزيز أعداد النحل، وهو عنصر حيوي في عملية التلقيح، والحفاظ على التنوع البيولوجي.

ومن جانبهن، عبّرت المستفيدات عن امتنانهن لهذا الدعم، معتبرات أن المشروع لم يمنحهن مصدر دخل فحسب، بل ساعدهن على تعزيز ثقتهن بأنفسهن، وكسر الحواجز التي طالما حدّت من مشاركة المرأة الريفية في النشاط الاقتصادي، بعضهن بدأن، بالفعل، في التفكير في توسيع نطاق العمل، وإدخال منتجات جديدة؛ مثل شمع العسل وحبوب الطلع، ما يفتح آفاقا إضافية لزيادة الدخل. وتُبرز هذه التجربة أن الاستثمار في قدرات المرأة الريفية مقرون ببرامج دعم مدروسة ومرافقة ميدانية، يمكن أن يحوّل الأرياف إلى فضاءات إنتاجية نابضة بالحياة، ويجعل من قصص النجاح واقعا يوميا في ولاية عنابة.