جمع النفايات
من نشاط عشوائي إلى استثمار منظَّم
 
			
			                          
            			
				 
	          	                  
                  				
				
- 269
 رشيدة بلال
			   				    			         رشيدة بلال			         			    
			    			    
			    			تعرف ولاية البليدة، خلال السنوات الأخيرة، انتشاراً واسعاً لنشاط جمع النفايات المنزلية؛ بغرض إعادة تدويرها؛ حيث لم يعد الأمر يقتصر على مؤسّسات متخصصة تستثمر في هذا المجال فحسب، بل استقطب هذا النشاط أعداداً كبيرة من الشباب الذين وجدوا في النفايات مخرجاً من البطالة، ومصدراً للرزق. غير أنّ ممارسة هذا النشاط بشكل عشوائي، دفعت بالوزارة الوصية إلى إقرار أطر قانونية جديدة، تهدف إلى هيكلته، وتنظيمه ضمن إطار نظامي يحوّل الشاب من مجرّد جامع نفايات، إلى صاحب مؤسّسة ناشئة، تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني.
المتجوّل عبر مختلف بلديات ولاية البليدة، يلاحظ الانتشار الكبير للشاحنات الصغيرة النفعية التي تجوب الشوارع لجمع البلاستيك أو الحديد أو الألمنيوم؛ في مشهد يعكس توسّع هذا النشاط بشكل لافت. فالقانون الجديد لم يعد ينظر إلى النفايات على أنّها مجرّد مخرجات منزلية يجب التخلّص منها، بل ثروة، يجب تثمينها لما توفّره من فرص عمل، ولما تقدّمه من إضافة نوعية للاقتصاد الوطني؛ من خلال إعادة التدوير، والرسكلة، واستغلال الموارد، بما يساهم في تقليص فاتورة التصدير لمواجهة النقص المسجّل في بعض المواد الأوّلية، أو الحدّ من استيراد مواد يمكن إنتاجها محلياً. وفي هذا السياق، كشف مدير البيئة لولاية البليدة وحيد تشاشي، عن تنظيم يوم دراسي مطلع نوفمبر المقبل، يهدف إلى شرح القانون 02/25 المتعلّق بالنفايات المنزلية، المعدّل للقانون 01/19، الذي تضمّن مفاهيم جديدة حول الفرز والرسكلة.
وسيُخصَّص هذا اليوم الدراسي لفائدة الهياكل البلدية، وممارسي النشاط، وممثّلي المعاهد والجامعات، وشركاء القطاع البيئي، يتم خلاله تسليط الضوء على المرسوم التنفيذي رقم 24-61 المؤرخ في 29 جانفي 2024، الخاص بتسوية وتأطير جامعي النفايات، وإدماجهم في سلسلة الجمع، والتثمين، وإعادة التدوير.
وأوضح المتحدّث أنّ المرسوم التنفيذي جاء لتنظيم عملية جمع وتثمين ونقل النفايات؛ باعتبارها لم تعد مجرّد فضلات منزلية، بل مادة أولية، وثروة اقتصادية، قادرة على خلق فرص عمل، والمساهمة في التنمية المستدامة. وأضاف أنّ هذا النصّ القانوني جاء بعد ملاحظة الارتفاع الكبير في عدد جامعي النفايات، خاصة في مجال جمع البلاستيك والمعادن، وهو ما جعل السلطات تفكّر في تأطير وتنظيم نشاطهم قانونياً؛ لتفادي الممارسات العشوائية التي قد تؤدي إلى تلويث المحيط.
كما أشار مدير البيئة إلى أنّ المرسوم التنفيذي الجديد يمنح ممارسي هذا النشاط عدّة امتيازات؛ منها الإعفاءات الضريبية، والحصول على رخصة رسمية تسهّل لهم العمل في مختلف أوساط جمع النفايات، وتمنحهم حماية قانونية أثناء ممارسة نشاطهم؛ حيث تثبت الرخصة أنّ الشخص يمارس عمله بطريقة نظامية؛ ما يجنّبه أيّ متابعات أو حجز للمعدات.
وفي السياق نفسه، أوضح المتحدّث أنّ مصالح مديرية البيئة باشرت عملية استقبال ملفات طالبي الرخص. وقد تم إلى حدّ الآن منح خمس رخص، فيما لاتزال ملفات أخرى قيد الدراسة. وأكّد أنّ أهم شرط للحصول على الرخصة، هو أن تكون النفايات المستهدفة من النوع المنزلي أو ما شابهه؛ مثل العلب البلاستيكية. أما النفايات الخاصة أو الخطيرة فلها تراخيص خاصة، ولا يشملها هذا المرسوم. وأضاف أنّ الرخصة الممنوحة لممارسي النشاط محدّدة المدة بست سنوات؛ لتمكينهم خلال هذه الفترة، من الاستفادة من التأطير، والدعم، والإعفاءات الضريبية لتأسيس مؤسّسات ناشئة، تمكّنهم، لاحقاً، من تطوير نشاطهم ضمن قانون المؤسّسات الناشئة. والغرض من ذلك، كما يقول تشاشي، هو نقل جامع النفايات من مجرّد جامع بسيط إلى مسيّر مؤسّسة تساهم في خدمة الاقتصاد الوطني.
من جهة أخرى، أكّد مدير البيئة أنّ هذا المرسوم التنفيذي جاء ليعطي دفعاً قوياً لممارسي نشاط جمع النفايات بعد اعتماد سياسة تثمينها، كاشفاً أنّ ولاية البليدة تضمّ أكثر من 156 مؤسّسة تنشط في مجال الرسكلة وتدوير النفايات بمختلف أنواعها؛ من حديد، وبلاستيك، وكرتون ونحاس. وتُعد فئة جامعي النفايات جزءاً أساسياً من هذه السلسلة الاقتصادية؛ إذ يندرج تنظيمهم ضمن الاستراتيجية الوطنية لتسيير النفايات في آفاق 2030، التي تهدف إلى تطوير أداء المؤسّسات والفاعلين في هذا القطاع الحيوي.