أزاحت كتب ومجلدات الطبخ عن الواجهة
مواقع التواصل الاجتماعي فضاء مجاني للوصفات العالمية

- 480

استقطبت صفحات الطبخ على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال السنوات الأخيرة بشكل ملفت للانتباه، معظم النساء، اللائي بتن يتوجهن نحوها للظفر بوصفة طبخ، وأخذ أفكار حول وصفات من مختلف التخصصات، ليتخلين بذلك عن كتب الطبخ الكلاسيكية؛ إذ تؤمّن المواقع أطباقا، وحلويات، ومملحات، وسلطات، وكذا شوربات، وغيرها من الوصفات التي لا تُعد ولا تحصى في تنوعها، بمقادير مضبوطة، أثبت الكثير من رواد تلك الصفحات، نجاح وصفاتها حتى من أقل النساء مهارة في المطبخ؛ ما جعل متصفحي هذه المواقع يتجاوزون الملايين، مسجلين رضاهم من خلال وفائهم لتتبّع مختلف الوصفات التي تُعرض في شكل فيديوهات مفصلة، تسهل تجربتها في البيت دون خوف من فشلها.
كانت كتب الطبخ إلى وقت قريب، مرجعا للنساء عبر العالم. وكان سوق الكتب يشهد رواجا بشكل مثير للاهتمام بين النساء، ويزداد الإقبال عليها بشدة خلال المناسبات الدينية، لا سيما في الشهر الفضيل وعيد الفطر؛ المناسبتان اللتان تحاول النساء خلالهما إثبات جدارتهن في المطبخ، وأحيانا البحث عن وصفات جديدة، لكسر روتين تحضير الأكل، والبحث عن تجديد تلك الوصفات من خلال أفكار تُستمد من تلك الكتب، التي لم تنحصر هي الأخرى في تخصص معيّن، بل حملت في جعبتها أطباقا تقليدية، وأخرى عصرية، في اختصاصات مختلفة؛ منها اللحوم، والدجاج والأسماك، وأخرى خاصة بالسلطات، وتلك الموجهة لمحبي الحلويات، وغيرها من فنون الطبخ، حتى العالمية منها.
ولاحظت "المساء" اختفاء تلك الكتب من الأسواق، خلال تجوالها ببعض الأسواق بالعاصمة، والتي كانت تعرض تشكيلة كبيرة منها مع اقتراب الشهر الفضيل؛ إذ لم نسجل حضورها بالصورة المعتادة، بل اقتصر عرضها ووضعها في واجهة بعض المكتبات، أو بين الرفوف، لتبقى في ركنها هناك، في انتظار حظها مع الأكثر كلاسيكية في استعمال الكتب؛ للبحث عن الوصفات.
وبعد أن كانت أسعار بعض تلك الكتب باهظة حتى إن منها ما وصل إلى 10 آلاف دينار جزائري وأكثر، أصبح، اليوم، الوصول إلى الوصفات بالمجان؛ بفضل المنافسة الشديدة في هذا العالم، ودخول الكثيرين عبر العالم، هذا التخصص من بابه الواسع؛ فمنهم من ابتكر وصفات عديدة. وآخرون عدّلوا فيها، إلى جانب تعزيز الوصفات الأصلية لأكثر الأطباق شعبية حول العالم. وبات من السهل والبسيط إعادة تقليد تلك الوصفات بمجرد التوغل في محركات البحث عبر الأنترنت، واختيار ما طاب من وصفات.
"شيفان" الأنترنت في البيوت
حول هذا الموضوع أجمع عدد من المواطنين الذين حدثتهم "المساء" خاصة من النسوة اللواتي يبدو أن الكثيرات منهن بتن "خبيرات" في المطبخ بفضل تلك الوصفات؛ حيث أكدن أنه لا حجة لهن اليوم لقول "لا أعرف أطبخ"، فكل شيء متاح عبر الأنترنت. ويمكن أخذ الوصفة بطريقة بسيطة، واختيار الأكثر سهولة. وغالبيتها بمقادير مضبوطة. وإنجاحها ممكن منذ أول تجربة.
وفي هذا الصدد قالت ليلى إن الأنترنت، اليوم، يتيح للمرأة مجانية الوصول إلى جميع الوصفات من مختلف أرجاء العالم. وقالت، من جهتها، سامية، جامعية، وعاشقة للطبخ التقليدي، إن الطبخ فن من الفنون الذي يستهوي النساء بفطرتهن، مشيرة إلى أن بعضهن ورثن فن الطبخ عن الأمهات والجدات، وأخريات يتمتعن بموهبة يتم صقلها من خلال حصص في الطبخ، مؤكدة أن نجاح بعضهم حوَّلهن إلى "شيفات" ببيوتهن من خلال متابعتهن الطبخ على الأنترنت. وأضافت أن كثيرا من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحتى مواقع البحث على غرار "يوتيوب"، تمنح إمكانية الوصول إلى أي وصفة؛ بين أكلات تقليدية وعصرية، أو حلويات أو غيرها، بعضها مفصلة، وأخرى مبسطة.
أما السيدة حياة المتزوجة حديثا، فأكدت أن بفضل تلك الوصفات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة من خلال تفصيلها عبر فيديوهات، تتاح الفرصة لكل راغبة في تجربة كل ما تريده من أطباق. وأضافت: " على عكس ما كانت تمنحه الكتب، فالمصداقية تكون من خلال تلك الفيديوهات. بعضها لوصفات لم يكن في وقت مضى، من الممكن تجربتها في البيت، إلى حين تم الكشف عن أسرارها في تلك المواقع والصفحات؛ على غرار الحلويات العصرية، وأسرار نجاحها، وكعكة عيد الميلاد، والكرواسون، والحلوى، والشوكولاطة، وغيرها؛ إذ يتم تقديم الكثير من الوصفات الناجحة لتجربتها من الألف إلى الياء، بأدق التفاصيل "، مضيفة: " بات من الممكن تقليد كل ما هو متوفر في السوق من خلال تلك الوصفات المبسطة ".
مؤثرو الطبخ.. أعمال رائجة ومدرّة للأرباح
تَوجه، في الآونة الأخيرة لا سيما بعد أزمة كورونا، العديد من الرجال والنساء نحو هذا العالم. وتخصص هؤلاء فيه ليس من خلال الإبداع في وصفات أو نشر كتب الطبخ، وإنما بتصوير فيديوهات مفصلة لطرق تحضير تلك الأطباق من بسيطة إلى معقدة. ويحصد البعض من تلك الفيديوهات ملايين المشاهدات في ظرف قياسي. وكل ذلك يجعل تلك الصفحات ذات متابعة عالية؛ ما يرفع من أرباح المواقع.