يقرأن المصحف ولوحات المحلات بإتقان

مُسنات قهرن الجهل وتحررن من قيود الأمية

مُسنات قهرن الجهل وتحررن من قيود الأمية
  • القراءات: 728
حنان. س حنان. س

التقت "المساء" على هامش إحياء اليوم العربي لمحو الأمية بمدينة بومرداس، عددا من النساء ممن تحررن من الأمية وأصبحن يُجِدن الكتابة والقراءة. حدثننا بكثير من الفخر والاعتزاز لتمكنهن من كتابة أسمائهن، بعد أن بلغن من العمر عِتيا، أما قراءة القرآن فكان بمثابة الشهادة الحقيقية لقهرهن الجهل، وتمكنهن من حمل المصحف والترتيل بصوت عال، حتى يسمعهن من كان يعتقد بأنهن "جاهلات.. أميات".

هذا ما استنتجته "المساء" وهي تتحدث إلى كل من الخالة سعيود فضيلة (60 سنة)، والخالة رباح للوشة (81 سنة) والخالة وريدة بلهادف (75 سنة)، اللواتي اعتبرن أن قرار التحاقهن بفصول محو الأمية على مستوى بلدياتهن أولاد هداج وبومرداس، كان من بين أصوب القرارات المتخذة طيلة حياتهن، حيث قالت الخالة فضيلة بأنها كانت تتمنى حمل المصحف وقراءة السور بمفردها، وتؤكد أن ذلك بقي حلما يراودها، لكنها اعتبره بعيد المنال، كونها لم تلتحق يوما بقسم دراسي. لكن شاءت الأقدار أن يفتح قسم محو الأمية بالحي الذي تقطن فيه، فكانت تراه كلما قصدت السوق للتبضع، واستعادت الحلم الذي ظل يراودها لسنوات، وذات صباح التحقت بالفصل وكلها عزم على الدراسة. وقالت بأنها لما أخذت تتعلم الحروف، أحست وأنه يوم ميلاد جديد لها، وظلت اللهفة تراودها كلما خرجت من القسم، حتى تعود إليه مجددا وتحمل الورقة والقلم.. لتتعلم، وهي اليوم في المستوى الثاني.

قصة الخالة للوشة، تشبهها إلى حد كبير، قالت بأنها ولدت من جديد يوم حملها القلم لتخط اسمها.. حتى أنها حملت قلمنا وكتبت اسمها على كراستها بكل فخر واعتزاز، واعتبرت المتسرب من مدرسته "جاهل حقيقي"، حيث قالت، إن الدولة تدرس أبناءها مجانا، وتتساءل كيف لعاقل أن يرفض مثل هذه النعمة. الخالة للوشة، اليوم، بلغت المستوى الثاني من التعليم، مما مكنها من قراءة القرآن وحفظ قصار السور... وتقول أيضا بأن البيت وأشغاله سبب لها مرضا وتعبا نفسيا... أما توجهها للمدرسة، فهو بمثابة الدواء الحقيقي سأتعلم إلى الوفاة"، تختم حديثنا إلينا. بينما ما دفع الخالة وريدة إلى دخول فصول محو الأمية؛ زيارتها للبقاع المقدسة، حيث رأت روسيات مسلمات يحملن المصحف ويقرأن السور بالعربية، وهي التي لم تتعلم حرفا منذ صغرها. قالت بأنها تعلمت اللغة الفرنسية في العاصمة خلال خمسينيات القرن الماضي، وما إن عادت للوطن، أخذت تبحث عن فرصة لتعلم اللغة العربية، فالتحقت بفصل محو الأمية في بلدية إقامتها. قالت بأنها ندمت على سنوات مضت من عمرها، لم تقبل فيها على التعلم، وعزت ذلك للزواج ومسؤولية تربية 14 طفلا... اليوم لا تقرأ القرآن فحسب، إنما تقرأ اللوحات أعلى الدكاكين، فتفرق بذلك بين البقالة والخباز و"السوبيرات".. قالت في آخر جملة لها بفرح كبير، كأنها نالت "استقلالها" أخيرا.