كراء الألبسة التقليدية للأطفال بوهران
نجوم تسطع في احتفالات المولد النبوي الشريف
- 3453
تلجأ الكثير من العائلات الوهرانية إلى كراء الملابس التقليدية ليرتديها الأطفال عشية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حتى يظهر أبناؤهم نجوما تسطع في هذا الحفل الديني. ومع حلول شهر ربيع الأوّل من السنة الهجرية، تشرع الأمهات في تمشيط محلات بيع الملابس التقليدية المنتشرة بالطحطاحة، في سوق المدينة الجديدة، أو ببعض الأحياء، لكراء لباس تقليدي يفرح به الأطفال ويزرع الفرحة في نفوسهم، في احتفال يعتبرونه عيدا سنويا يعزّز لديهم حب الرسول الكريم والدين الإسلامي.
نظرا للغلاء الفاحش لهذه الأزياء التقليدية التي قد يزيد سعر لباس طفل عمره خمس سنوات، عن تسعة آلاف دينار جزائري، تضطر الأمهات إلى كرائها لفترات لا تتجاوز 4 ساعات، بثمن يتراوح بين 500 و900 دج، يقول أحد الباعة المختصين في بيع الملابس التقليدية.
بما أن أثمان هذه الألبسة التي تعتبر جزءا من الموروث الجزائري، تعرف ارتفاعا من سنة إلى أخرى وتنتعش بورصتها، لاسيما خلال المواسم الدينية، فتفضّل النساء كراءها أو حتى استعارتها من عند بعض الجيران الذين لا زالوا يحتفظون ببعض هذه القطع بعد أن كبر صغارهم. في هذا الصدد، تقول السيدة جميلة، موظفة بمؤسسة عمومية ”لا أستطيع شراء ثوب تقليدي يساوي سعره نصف أجرتي الشهرية المقدّرة بـ30 ألف دج، لكن أمام إلحاح أبنائي وفرحتهم بالمولد النبوي الشريف، أقتصد بعض المال لخياطتها لهم، وفي العام الموالي أقوم بتجديدها أو إدخال بعض الإضافات حتى تناسب مقاييسهم”. من جهتها، تضيف السيدة نصيرة التي كانت تبحث عن محل لكراء الملابس لطفلها، أنّه مهما بلغ غلاء أسعار كراء الملابس التقليدية، فإنها تبقى في متناول الجميع ... ”أريد أن يكون ابني مسرورا وهو يحتفل مع أصدقائه بهذه المناسبة الطيبة”، وتستطرد صديقتها ”إنها مرة واحدة في السنة نحتفل بمولد سيد الخلق، لماذا نحرمهم من هذه الفرحة التي ستبقى راسخة في أذهانهم؟ فضلا عن أنها عادة توارثناها جيلا عن جيل، وبنفس الطريقة سيواصل أبناؤنا الاحتفال بذكرى نور الهدى رسول البشرية”.
من جهته، أكد أحد تجار سوق المدينة الجديدة ”نقوم بكراء الملابس التقليدية أحسن من بيعها، حيث أن هذا النوع من الثياب المخصّص لشريحة الصغار غير متوفّر بكثرة، مثلما هو الحال بالنسبة للكبار، حتى وإن وجدت، فإنّ أسعارها مرتفعة جدا والإقبال على شرائها ضعيف”.
قالت السيدة فاطمة التي تملك محلا للفتيات المقبلات على الزواج ”الإقبال على هذا النوع من الألبسة، يزداد بكثافة ويكون تنافس الأمهات شديدا في اختيار أفضل الملابس لأبنائهن وبناتهن”، مبرزة أن ”اللباس التقليدي الجزائري مظهر من مظاهر تشبث المجتمع بعاداته وتقاليده وحبه لتراثه ودينه”.
مع اقتراب ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، تعرض المحلات المتخصّصة في بيع الأزياء التقليدية تشكيلات متنوعة، حيث قد تحتار الأمهات في الاختيار بين ”الشدة التلمسانية” و«الكاركو ”أو ”الفرقاني” و«البلوزة الوهرانية”، وغيرها من الأثواب الأوراسية والقبائلية والصحراوية التي تعكس الموروث الثقافي الجزائري، حسب جولة استطلاعية إلى سوق المدينة الجديدة.
تحرص الأمهات على أن تكون الأزياء المستأجرة جميلة وجذابة لأبنائهن من الجنسين، من المتمدرسين في الطور الأول وفي الأقسام التحضيرية، وحتى في دور الحضانة، للمشاركة في الحفلات الدينية التي تقام بمناسبة المولد النبوي الكريم. كما يظهر الأطفال في أبهى صورة وهم يتّجهون رفقة أوليائهم إلى مختلف المؤسسات الثقافية والدينية والشبانية، للاستمتاع بالبرامج الثقافية والدينية المبرمجة في إطار الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، والفرحة تعتريهم كأنهم نجوم الفن يمشون فوق السجاد الأحمر.
يعد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف فرصة لبعض العائلات التي لا تفوّت هذه المناسبة لختان صغارها، مما يجعلها تقبل على كراء هذه الكسوة التقليدية التي تعتبر عادة من العادات التي دأبت عليها الأسرة الوهرانية منذ قرون، وتعتبر مناسبة ودليلا على حبهم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.