الأستاذة حسيبة شرابطة (نفسانية عيادية) لـ "المساء":

نسعى إلى ترتيب البيت ووضع مدونة للأخلاقيات المهنية

نسعى إلى ترتيب البيت ووضع مدونة للأخلاقيات المهنية
  • 1254
حنان. س حنان. س

اعتبرت الأستاذة حسيبة شرابطة، نفسانية عيادية، رئيسة جمعية من أجل المساعدة النفسية والبحث والتدريب (صارب)، أن ميدان عمل النفسانيين والمعالجين النفسيين يشوبه حاليا الكثير من الفوضى، داعية إلى التنسيق المثمر بين القطاعات المعنية بهذه المهنة من أجل وضع أسس مدونة للأخلاقيات المهنية. كما تحدثت في لقاء خاص مع "المساء"، عن أهمية التكوين في المجال النفساني الذي قالت عنه بأنه لا يرقى إلى المعايير الدولية.

❊ اخترتم موضوع "تأملات حول الممارسات النفسية في الجزائر" لملتقى الجمعية الأخير، فكيف تقيمون هذه الممارسات عموما؟

— أولا، هذا الموضوع كنا قد اخترناه في عام 2010 عند انعقاد الملتقى العلمي الدولي الذي كان فرصة للقيام بعمل حول ذاكرة النفسانيين الأوائل والاعتراف بكفاحهم من أجل عملهم، كما كان خطوة هامة في محاولة بعث الوعي لدى الأجيال الجديدة من الخريجين في علم النفس فيما يخص نوعية التكوين، حيث يتخرج الطالب من الجامعة وهو غير متمكن من القيام بالتشخيص النفسي، إضافة إلى غياب التربصات الميدانية، ومشاكل في ندرة البحوث الخاصة بالمجتمع، وغيرها من الملاحظات الإجمالية التي عملت ‘صارب’ على توضيحها وتعمل حاليا على تنظيمها، تم تعريفها وتأطيرها من خلال هذا الملتقى، لكن الملاحظ أن التطور الذي عرفه هؤلاء النفسانيين الأوائل لم يرافقه تطور في القوانين المنظمة لمهنته والتي تحميه كذلك. الوزارات المعنية وخاصة وزارة التعليم العالي من حيث التكوين، ووزارة الصحة من حيث المهنة، لم تهتم بهذه القوانين، بالتالي فتح الباب أمام أناس غير متكونين أو حتى دخلاء على المهنة الصقوا بعض الممارسات الدخيلة على مهنتنا الأساسية، بالتالي اليوم جمعية "صارب" من أجل المساعدة النفسية والبحث والتدريب تقف بهدف وضع أطر تنظيمية أكثر لمهنتنا هذه.

❊ ماذا تقصدون تحديدا بالممارسات الدخيلة على المهنة؟

— من تلك الممارسات؛ نفساني يمارس الرقية في مكتبه، نفساني يفتح مكتبه لتقديم دروس معينة للتلاميذ أو النفساني الذي يدخل أكثر فرد للفحص إلى مكتبه في وقت واحد، أو حتى خيانة الثقة وانتهاك سرية الأفراد وهذه فوضى لا بد من تنظيمها.

❊ لكن، أليس هناك مدونة أخلاقيات تحكم المهنة؟

— سؤال جيد، هذا الذي نعمل حاليا على ترتيبه، لكن ترتيب البيت يبدأ أولا من الحديث عن نقطة مهمة، وهي التكوين، أي التكوين في كيفية إجراء المقابلة وإجراء كل الاختبارات النفسية وكيفية تشخيص الحالة ومعاناة الفرد وفي أي خانة علاجية توضع الحالة، والآن نعمل على وضع الأطر التي ترافق هذه المهنة، وهذا الإطار لا بد أن يكون محميا من خلال مدونة لقواعد السلوك المهني، نحن في الجمعية لدينا مدونة نعمل عليها، لكن غير معترف بها من طرف وزارة الصحة.

❊  ما هو مطلبكم هنا؟

— واحدة من التوصيات التي خرج بها ملتقى 26 و27 ديسمبر 2015، وضع هذه المدونة تنظيما للمهنة ومرافقة للعامل، لكن فيه نقطة حساسة لا بد من توضيحها، وهي عدم التنسيق بين الفاعلين في مجالنا هذا، فمثلا نقابة النفسيين تؤكد أن لها مدونة تعمل بها، فلماذا لا نعمل على إثرائه جميعا ونعمل به، ثم نقترحه على وزارة الصحة حتى يكون قانونا يعمل به كل النفسانيين والمعالجين النفسيين، ويرافقهم في مهنتهم؟ إضافة إلى توصية إنشاء مجلس أخلاقيات المهنة، وهو مجلس نظامي، من خلاله يتم تحديد من هو النفساني وما الذي يجب عليه دراسته، وهنا لا بد أن نشير إلى أننا لاحظنا في السنوات الأخيرة أن نوعية التكوين لا ترقى إلى المعايير الدولية، كذلك الأدوات المستخدمة لم يتم تكييفها للثقافة الجزائرية، إذن لا بد من تحيينها، وفهم الفرق بين النفساني والمعالج النفساني الذي لديه حوالي 400 ساعة من التكوين، بالتالي يحوز صفة المعالج المعترف بها.

❊ هل المواطن يعترف حقيقة بالنفساني؟

— إجمالا يمكننا القول؛ نعم. فمجتمعنا الذي عرف الكثير من الكوارث لاسيما منذ أواخر الثمانينات إلى بداية الألفية الثالثة، تسببت له في ظهور صدمات متعددة وآفات اجتماعية، ومن هنا بدأت الحاجة تظهر لنفسانيين ومعالجين نفسيين من أجل مواجهة أنماط جديدة لمعاناة الأشخاص والتكفل النفسي بهم، لكن لا تفوتني هنا الإشارة إلى أن التكوين الجامعي لم يهيئ الخرجين من معاهد علم النفس للتعامل مع هذه الأوضاع، ومن هنا كان الاتجاه نحو الحركة الجمعوية سواء الوطنية أو الأجنبية لسد هذا الفراغ في مجال التكفل بضحايا الصدمات.

❊ هل لكم رسالة معينة تودون توجيهها في الأخير؟

— أود الإشارة إلى مجهودات الجمعية من أجل المساعدة النفسية والبحث والتدريب في علم النفس المتواجدة في الميدان منذ التسعينات، والتي تواصل مهمتها الأساسية؛ وهي التفكير في وظيفة النفساني وتكوينه المستمر من أجل تطوير الممارسات النفسية والعلاجية النفسية في الجزائر. إلى جانب إمكانية إدراج الخبرات العيادية الجزائرية في إطار البحث من أجل المصادقة عليها واعتمادها. ونقول بأنه حان الوقت لوضع المعايير التي ستتيح ممارسة مهنة النفساني ومهنة المعالج النفسي، وجمع هذه الأفكار في إطار وقائي، كضمان لمهنة النفساني ووضع حواجز بهدف حماية الممارسة من الابتعاد عن الهوية المهنية.