الذكاء الاصطناعي عمّق مخاوف المختصين من الألعاب الافتراضية

..هكذا يتم التحكم في عقول الأطفال والمراهقين

..هكذا يتم التحكم في عقول الأطفال والمراهقين
  • 280
رشيدة بلال رشيدة بلال

تشكل مختلف التطبيقات الرقمية والألعاب الافتراضية، خطرا كبيرا على الصحة الجسدية والنفسية للأطفال والشباب على حد سواء، وإذا كان من الصعب الحد من آثارها على الشباب، بالنظر إلى صعوبة التواصل معهم، نتيجة إدمانها، يمكن في المقابل، التخفيف من أثرها السلبي على الأطفال، لحمايتهم، في سن يصعب على هذه الشريحة التفريق بين الخطأ والصواب، حيث يقودهم التقليد إلى الوقوع في فخ الهدف الذي بُرمجت من أجله اللعبة، سواء التشجيع على العنف أو إحداث خلل في الحواس الإدراكية، أو تقودهم إلى بعض الأفعال الإجرامية، خاصة ما تعلق منها بالانتحار والقتل.

أصبحت التكنولوجيا في السنوات الأخيرة، بالنظر إلى ما تعرفه من تطورات في إنتاجها الموجه للأطفال والشباب، تشكل خطرا كبيرا، ولعل ما زاد من خطورتها، تقنية الذكاء الاصطناعي التي أصبحت هاجسا كبيرا لدى المختصين، لاسيما وأنها من الابتكارات الجديدة التي شدت إليها اهتمام الشباب، وحتى الأطفال، وهو ما يدعو، حسب المختصة في علم النفس العيادي للصحة العمومية، أحلام بن عودة، إلى دق ناقوس الخطر ولفت انتباه الأولياء إلى الدور المحوري الذي ينبغي أن يلعبه، في ظل ما يجري الترويج له من ألعاب بأبعاد محددة، يسعى مصممو الألعاب إلى تحقيقها.

الخطر الأكبر، حسب المختصة، يكمن في أن هذه الألعاب والتطبيقات يوم إنتاجها وطرحها، تكون مبرمجة لتحقيق أهداف معينة، وتقول "لنا في لعبتي الحوت الأزرق ومريم، خير دليل على ذلك، حيث أثبتت الدراسات أنهما كانتا مبرمجتين لاستهداف فئة معينة، وهي المراهقين، وحملهم على الانتحار، الأمر الذي جعلهما محظورتين في عدد من الدول"، مشيرة إلى أن استهداف بعض الشرائح من المجتمع، كالمراهقين والأطفال، مقصود، بالنظر إلى صعوبة إدراكهم لما ينفعهم وما يضرهم.

وإذا كانت بعض الألعاب مبرمجة لتحقيق أهداف معينة، ويجري اليوم تطويرها، من خلال إدراج تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن المخاوف اليوم كبيرة، حسب المختصة، من وراء ما يمكن أن يتم طرحه من ألعاب وتطبيقات لديها قابلية تسيير فئة الشباب والأطفال، من خلال السيطرة على عقولهم وإمكانية تسييرها عن بعد، مشيرة إلى أنه تبعا للدراسات، فإن مثل هذه الألعاب والتطبيقات، أصبحت تستهدف ثلاث نقاط أساسية في شخصية الفرد، ممثلة في "الأفكار"، "الانفعال" و«السلوك". وتشرح المتحدثة "بالنسبة لاستهداف الأفكار، نجد بأن مثل هذه الألعاب والتطبيقات تغرس بعض الأفكار التي صممت من أجلها اللعبة، مثل العنف أو الانتحار أو الشعوذة والسحر وغيرها"، وتابعت أنه نجد مثلا، أن بعض الألعاب تشجع بعبارة "ادخل لتكتشف كيف تحمي نفسك من السحرة"، وعليه فالهدف ليس الحماية، وإنما الدخول والتجريب، وهو نوع من الاستدراج لتحقيق الأغراض التي صممت من أجلها اللعبة.

النقطة الثانية التي تعتبر غاية في الأهمية، حسب المختصة، هي الجانب الانفعالي، حيث نجد بأن الأطفال والمراهقين الذي يلعبون بعض الألعاب، من السهل استثارتهم، وتكون لديهم قابلية سريعة للنرفزة، القلق والغضب، لأن برمجة اللعبة كان بناء على عنصر التشويق، الأمر الذي يؤثر على سرعة الانفعال، خاصة إن كان الوقت الذي يمضيه الطفل أو الشاب في اللعب أكثر من ساعة.

أما فيما يتعلق بالنقطة الثالثة والخاصة بالسلوك، فنجد، حسب المختصة، أن الأطفال والمراهقين يكتسبون سلوكات خاطئة ويعتقدون أنها صائبة، حيث يكتسبون بعض الطباع، كالعنف والمواجهة والاندفاع، مشيرة إلى أن كل هذه النقاط الثلاث تؤسس لشاب وطفل يعاني من صعوبات في التركيز والفهم، وأكدت في السياق، أن ما يعرض عليهم اليوم تحت عنوان "صعوبات التعلم عند الأطفال"، مرجعه التأثير الكبير للتكنولوجيا ومختلف التطبيقات الرقمية، والدليل على ذلك، أن هذه الصعوبات لم تكن مطروحة بنفس الحدة في السنوات الماضية، كما هي مطروحة اليوم وبكثرة عند عدد من الأطفال.

من بين الآثار السلبية والخطيرة التي تم إثباتها؛ التأثير الكبير لمثل هذه الألعاب على الجهاز العصبي، بالنظر إلى ارتباط كل الحواس بالألعاب، تقول المتحدثة "بالتالي فإن الانتباه، التركيز، الذاكرة والإدراك، كل هذه المهارات مستهدفة من وراء هذه الألعاب"، مشيرة إلى أنه إلى جانب الأثر النفسي، فإن تأثير الألعاب والتطبيقات تجعل الروتين اليومي للطفل أو الشاب "غير صحي"، حيث نجده لا يعرف كيف ينظم وقته أو حياته وجودة حياته غير صحية، وتظهر من خلال معاناته من اضطرابات النوم والغذاء غير الصحي وقلة النظافة، لافتة في السياق، إلى أن حماية هذه الفئة من الآثار السلبية لمختلف التطبيقات والألعاب، يكون بتدخل الأولياء لاختيار الألعاب، حسب الشريحة العمرية، وضبط الوقت الذي يعتبر غاية في الأهمية، لأن الغرض الأول والأخير من هذه الألعاب، يفترض أنه الترفيه فقط.

تعتقد المختصة في علم النفس العيادي، بأن حماية الشباب والأطفال من تأثيرات الألعاب، يبدأ من الأولياء، خاصة وأن جل الألعاب أصبت ممنهجة لتحقيق بعض السياسات، وعليه لابد من تنبيه الأبناء إلى خطورتها. وأشارت في الختام إلى ضرورة أن يكون الأولياء على درجة عالية من الوعي، لأن الأمر يتعلق بالتربية التي تحتاج إلى نوع من الصرامة في التعامل.