بيت الزوجية المستقل بتيارت

واقع أملته الظروف أم تمرد عن المألوف؟

واقع أملته الظروف أم تمرد عن المألوف؟
  • 1201

لم يكن في السابق البيت المستقل من المطالب الواردة ضمن شروط الزواج بتيارت، لكنه اليوم أضحى ضرورة لا بد منها بالنظر إلى الحرية الكبيرة التي يكفلها للزوجين، بعيدا عن سلطة الأسرة الكبيرة، التي تقف في بعض الأحيان عائقا أمام سعادتهما وحتى استمرار الحياة بينهما.

كانت الفتاة سابقا تحضّر لبيت أهل زوجها، الذي تجد فيه إخوة وأخوات الزوج، وتتعلم كيف تتعامل معهم كلهم، خاصة الحماة التي لا مجال للخطأ معها؛ باعتبارها كل شيء في البيت.

وعلى هذا الأساس تحرص الأمهات كثيرا على إعداد وتوعية بناتهن المقبلات على الزواج باحترام أهل الزوج مهما كان الأمر، وطاعتهم تُعتبر واجبا. وفي هذا الإطار قامت "المساء" باستطلاع رأى بعض النساء بتيارت، بحيث صرحت لنا الحاجة مريم قائلة: "لديّ بنت حرصت على تعليمها منذ الصغر احترام عائلة الزوج، وعندما تزوجت وجدت نفسها وسط عائلة كبيرة العدد، وحماة متسلطة تتدخل في خصوصيتها. أما زوجها فلا يمكنه تقرير أمر إلا بالرجوع إلى أمه". وتضيف الحاجة مريم أنها "تخفي مفاتيح المطبخ؛ فلا يُفتح إلا بإذنها. وبسبب ذلك قررت عدم تزويج بناتي الأخريات إلا للذي يملك بيتا مستقلا وبعيدا عن أهله".

الأختان سعاد وجميلة اللتان تحدثنا معهما في الأمر اتفقتا على ذات الرأي، إذ اعتبرتا البيت المستقل للزوجين السبيل الوحيد والأنجع للحفاظ على العلاقات مع أهل الزوج والزوجة، إذ كلما كانت الزوجة قريبة كلما ظهرت المشاكل سواء مع الحماة أو مع أفراد عائلة الزوج.

من جهته، خالد 37 سنة أعزب، يفضل هو الآخر السكن مع زوجته في بيت مستقل، لأن ذلك يوفر لهما الراحة والهدوء، ويبعده عن المشاكل والمشادات، ليضيف أنه لم يتزوج إلى حد الآن رغم تقدمه في السن؛ لأنه لا يملك الإمكانيات اللازمة لفتح بيت بكل مستلزماته، وأنه لن يتزوج إلا إذا تمكن من الحصول على مسكن منفرد حتى لا يقع في المشاكل التي يعيشها أخوه الأصغر منه سنا الذي تزوج ويعيش مع العائلة الكبيرة.

البيت المستقل يضمن السعادة والاستقرار

لكن من الزوجات من يفضلن العيش مع عائلة الزوج حتى يحافظن على جو العائلة، وبعضهن يضطررن لذلك، خاصة إذا كان الزوج محدود الإمكانيات ولا يستطيع توفير بيت خاص، وهذه حال السيدة زهرة، 34 سنة، وهي أم لبنتين، قالت: "لم أجد عندما تزوجت أي مانع في الإقامة مع أهل زوجي بحكم معرفتي بهم، لكن بعد مرور ست سنوات صرت أشعر بأنني غريبة عنهم ومقيّدة الحرية، حتى إنني أشعر بالرعب إذا ما وقعت مني آنية وانكسرت مثلا، ولم أعرف الحرية إلا بعد حصول زوجي على سكن خاص بنا، فالبيت المستقل ضروري من أجل الحياة السعيدة بين الزوجين، والعيش مع أهل الزوج يقيّد حرية الزوجين بعض الشيء".

البيت المستقيل تمرد على التقاليد والأعراف

رغم أن البيت المستقل يعتبر أكثر من ضروري لدى الأغلبية من الجنسين، إلا أن هناك من لايزال يحبّذ الحياة التقليدية وسط العائلة الكبيرة التي يسودها التكافل والتضامن، كان هذا رأي أكده السيد بوعلام 36 سنة، حيث قال: "رغم أني أملك الإمكانيات لتوفير بيت خاص بي، إلا أنني أفضّل البقاء إلى جانب الأب والأم ولا أستطيع فراقهما". ولا ترى شابة أخرى، 24 سنة مقبلة على الزواج، مانعا من العيش والإقامة مع عائلة الزوج؛ لأنها نشأت وترعرعت وسط عائلة كبيرة مشكّلة من الأب والأم والإخوة والأخوات وحتى الزوجات.

بين مؤيد ورافض لفكرة العيش في الوسط العائلي للزوجين فإن معظم الجيل الجديد يرفضون الفكرة، ويفضلون البيت المستقل، الذي هو عبارة لهم عن الحرية والتمتع بالحياة وتربية الأبناء بالصيغة التي يرونها مناسبة، فإن فكرة البيت المستقل عند الجيل القديم، مرفوضة رفضا قاطعا، بحيث تُعتبر بالنسبة لهم بادرة من بوادر الانحلال والتخلي عن العادات السابقة.