مديرة التعمير والهندسة المعمارية والبناء بولاية الجزائر لـ"المساء":

169 مخطط شغل الأراضي لحماية العاصمة من فوضى البناء

169 مخطط شغل الأراضي لحماية العاصمة من فوضى البناء
  • 1550
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

 المفتشون يراقبون نشاط البناء في الميدان والهدم مصير البنايات الفوضوية 

كل مخططات شغل الأراضي تسير نحو التفعيل

المناطق المصنفة المعرضة للانزلاقات تحكمها قوانين تعمير مشددة 

كشفت مديرة التعمير والهندسة المعمارية والبناء لولاية الجزائر، جيهان هانم دردور، لـ"المساء"، عن انطلاق الدراسات الخاصة بـ169 مخطط لشغل الأراضي المنبثقة عن المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير بالعاصمة في 2016، في انتظار تجسيدها ميدانيا، حيث تحدد طبيعة الأراضي الموجهة للتعمير وتلك المصنفة والمعرضة للانزلاق، التي دعمت الدولة ترسانتها القانونية بمواد أكثر صرامة، مع تكليف المراقبين المنتشرين في البلديات، بمعاينة أي عملية بناء، ورفع المخالفات في حينها، لهدم أي بناية لا تحترم قواعد وأدوات التعمير المعمول بها. 

ذكرت مديرة التعمير، أن مدينة الجزائر العاصمة معروفة بتضاريسها الوعرة بالجهة الغربية، ومرتفعات ومنحدرات ومجارٍ مائية، ما يشكل خطرا كبيرا في حالة تساقط الأمطار، حيث يتوجب على مديرية التعمير والهندسة المعمارية والبناء على مستوى كل المقاطعات الإدارية، بأخذ التدابير من ناحية التهيئة العمرانية والعمران.

تحوز مديرية التعمير، حسب المسؤولة، على خارطة تحدد المناطق المحتمل تعرضها للفيضانات والانزلاقات الأرضية، يستوجب احترامها لأدوات التعمير، وعلى رأسها المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير، الذي تمت المصادقة عليه في 2016، وانبثق عنه 169 مخطط شغل الأراضي على مستوى البلديات، حيث يحدد المخطط التوجيهي المناطق المسموحة للتعمير، فيما يحدد هذه المناطق بالتفصيل لمديرية الموارد المائية، ومنها منع التعمير بالقرب من الوديان والشعاب، وذلك بترك مسافات لتصريف مياه الأمطار.

كل مخططات شغل الأراضي تسير نحو التفعيل

في السياق، كشفت مديرة التعمير، أن بعض هذه المخططات تمت المصادقة عليها، وأن هيئتها باشرت في إعداد 80 دراسة لمخطط شغل الأراضي، حيث ساهمت فيه وزارة السكن بمليار دينار، والباقي تكفلت به مصالح البلديات، تطبيقا لتعليمات وزير السكن، القاضي بتوفير مخطط شغل الأراضي بكل بلدية، لتفادي مخاطر البناء العشوائي والاستغلال السلبي للأرضيات.

تعد هذه الخطوة، هامة بالنسبة لقطاع البناء والتعمير، حسب المتحدثة، كونها لم تعرف طريقها للتفعيل قبل عام 2022، خاصة أمام تسجيل العديد من الانزلاقات الأرضية منذ 2017، في العديد من الولايات.

كما شددت الوزارة الوصية، على ضرورة التطبيق الصارم لقواعد الأمان، لاسيما ما تعلق بتحديد الإجراءات الخاصة بدراسة ملف البناء أو الهدم، التي تزيد بها أشغال التسطيح أو الحفر عن المترين، وتفصل جيهان هانم بهذا الشأن، أن القوانين الجديدة تفرض على أي شخص يريد أن يشيد بناية على أنقاض بناية قديمة، ويضطر إلى الحفر على عمق يزيد عن المترين، القيام ببناء جدار واق بالخرسانة المسلحة، على حواف كامل الأرضية، لحماية أملاكهم العقارية من الانزلاق، مثلما حدث في العديد من المناطق، عندما لم تحترم هذه المعايير، بل وتفرض في بعض الحالات مصادقة هيئة المراقبة لتقنية البناء "سي تي سي".

ولا تكتفي أدوات التعمير على المخططين المذكورين فحسب، بل تقوم المصالح المعنية بإنجاز دراسات معمقة ودقيقة في مجال التهيئة العمرانية والعمران، والالتزام باحترامها، حتى لا تقع الكارثة عند سقوط الأمطار وحدوث الفيضانات، مثلما يقع ببعض المدن.

عندما يودع ملف بناء، تقوم المديرية، بدراسته من الناحية التقنية، والتأكد من كونه مطابقا لمخطط شغل الأراضي أو غير مطابق، ومدى احترامه لقواعد البناء العامة الأخرى، وقبل المصادقة على رخصة البناء، يتم استشارة هيئات أخرى، منها الأشغال العمومية، الموارد المائية، الطاقة والمناجم.

المعروف أن شباكين وحيدين يتم من خلالهما إيداع ملفات طلب رخصة البناء، أحدهما على مستوى المصالح التقنية بالبلديات، وآخر بمديرية التعمير، التي تستقبل بالخصوص رخص البناء للاستثمارات، كما تعيد النظر في الطعون التي تصلها بشأن طلب رخصة البناء، بعد أن ترفض على مستوى المقاطعات الإدارية، التي يوجد بها ممثل لمديرية التعمير والبناء.

هذه مواصفات المناطق المصنفة بالعاصمة..

قامت المديرية، بعد فيضانات باب الوادي في العاشر من نوفمبر 2001، بإطلاق دراسة شاملة تحت عنوان "الحد من ضعف وهشاشة مرتفعات بوزريعة"، حيث تشمل هذه الدراسة تحديد منطقة مصنفة تمتد على عدة بلديات، انطلاقا من باب الوادي شرقا، إلى غاية عين البنيان غربا، على مسافة 20 كلم، وارتفاع يصل إلى 410 متر فوق سطح البحر.

وتم، وفق هذه الدراسة، يذكر المصدر، تقسيم هذه الأرضيات إلى 3 مناطق  متفاوتة، حسب درجة الهشاشة، منها المنطقة الأولى التي يرمز لها بـ (G1)، وهي ذات درجة خطورة ضعيفة، وتتربع على مساحة 40 بالمائة من الأراضي المشمولة بالدراسة، فيما صنفت المنطقة الثانية (2G) ذات درجة خطورة متوسطة، وتضم 35 بالمائة، و(3G) بـ 25 بالمائة، ذات درجة خطورة مرتفعة، وهي المنطقة التي تم بها تجميد كل عمليات البناء، إلا في حالات استثنائية، وفق دراسات معمقة.

وبشأن دراسة الحالات الاستثنائية، أكدت دردور أن مديرية التعمير أطلقت في 2018، دراسة أخرى معمقة لدعم الدراسة الأولى، والحد من خطر الانزلاق، تكفل بها المخبر المركزي للأشغال العمومية، لاسيما بخصوص المنطقة المصنفة في الخانة الثالثة (3G)، حيث قام بتجنيد عدة فرق تقنية تتكون من خبراء، وانتهت من الدارسة، وتمت المصادقة عليها في العام الجاري 2023، بقرار تحت رقم 1376، المؤرخ في 12 مارس 2023، الصادر عن والي ولاية الجزائر، حيث تم إعداد خريطة لهشاشة انزلاق التربة في المنطقة الثالثة، وتنص الدراسة على منع الترخيص بالبناء في هذه المنطقة، إلا في حالات استثنائية، تتطلب دراسة شاملة، يؤخذ فيها بعين الاعتبار خطورة حركة التربة.

مراقبو البناء في الميدان والهدم مصير كل بناية فوضوية

قالت دردور، بأن في هيئتها مفتشون وأعوان مؤهلون على مستوى المديرية، وآخرون على مستوى المقاطعات الإدارية، يراقبون أي نشاط يتعلق بالبناء والتعمير، مفيدة أن أي مخالفة مرتكبة تتعارض مع المادة 76 مكرر من القانون رقم 04/05، المؤرخ في 14 /08 /2004، المعدل والمتمم للقانون رقم 90/29، المتعلق بالتهيئة والتعمير، يتم تحريرها وإيداعها لدى المصالح المكلفة بتنفيذ قرارات الهدم.

يقوم مفتش التعمير أو العون المؤهل، تقول محدثتنا، عند رصد عملية بناء مخالفة لقواعد التعمير، بتحرير محظر مخالفة، يتم إيداعه حسب نوعية المخالفة، فإذا تحصل صاحب البناية على رخصة البناء ولم يحترم قوانين البناء، فإن محضر المخالفة يودع على مستوى المحكمة.

أما إذا تمت عملية البناء بدون رخصة، فإن المفتش أو العون يودع المحضر على مستوى مصالح البلدية، حيث يقوم رئيس البلدية خلال 72 ساعة بإصدار قرار الهدم، وإذا لم يتم تنفيذ قرار الهدم خلال هذه المدة، يقوم الوالي المنتدب بتسخير الجهات المخولة لتنفيذ القرار، وإذا لم ينفذ، يتكفل والي الولاية بذلك.

الموافقة على 37 ألف طلب تسوية في إطار قانون المطابقة

أكدت مديرة التعمير بالعاصمة، أنه عندما يودع ملف طلب تسوية على مستوى البلدية، لبناية شيدت قبل صدور قانون 2008، تتم دراسته والقيام بخرجة ميدانية لمعاينة البناية، والتأكد من المواصفات الموضوعة في الملف، قبل أن يرسل هذا الأخير للاستشارة من قبل قطاعات أخرى، ويرسل بعدها لرئيس قسم البناء والتعمير على مستوى المقاطعة الإدارية.

كشفت دردور في هذا الصدد، أنه تم إلى حد الآن، إيداع حوالي 130 ألف ملف طلب تسوية منذ صدور القانون، على مستوى البلديات 57، منها 124 ألف ملف تم تحويله إلى مصالح المقاطعات الإدارية، كما حُوّل 1838 ملف إلى مديرية التعمير، من أجل دراسته طبقا لتعليمات أخرى، فيما تمت الموافقة على أزيد من 37 ألف ملف، مشيرة إلى أن أي مواطن يودع ملف طلب تسوية، يتم تسجيله في البطاقية الوطنية، كونه يملك مسكنا، بالتالي لا يمكن أن يتحايل على القانون للاستفادة من دعم الدولة.