بين البعد الروحي الصوفي والدور الاقتصادي العالمي
الأغواط.. مقوّمات سياحية تفتح آفاقا استثمارية واعدة

- 239

تتوفر ولاية الأغواط على مقوّمات سياحية متنوّعة، من شأنها أن تفتح آفاقا استثمارية واعدة، تساهم في تعزيز الحركية الاقتصادية، واستحداث مناصب شغل. وأوضح مدير السياحة والصناعة التقليدية عبد الوهاب باكلي في هذا الإطار، أنّ ‘’ولاية الأغواط التي تتهيأ لاستقبال موسم السياحة الصحراوية 2025 - 2026، تزخر بمزيج من المقومات السياحية التي تشمل عدة مواقع طبيعية، ومنشآت طاقوية، ومعالم أثرية ودينية، تؤهّلها لتصبح قطبا سياحيا متعدد الجوانب’’.
أضاف باكلي أنّ قطاع السياحة يحصي ثلاث مناطق للتوسع السياحي في طور الإنشاء بكل من بلديتي الأغواط وعين ماضي والمقاطعة الإدارية آفلو، والتي ستوفر فرصا لإنجاز هياكل سياحية جديدة لرفع قدرات الاستقبال، حيث تحتوي الحظيرة الفندقية بالولاية على تسعة (9) فنادق، بطاقة استيعاب إجمالية تقدر بـ 436 سرير.
ومن المرتقب دخول فندقين الخدمة بكل من الأغواط وآفلو قبل نهاية 2025، فيما ستتدعم الهياكل السياحية بفندقين آخرين قيد الإنجاز بعاصمة الولاية، خلال الثلاثي الأول من السنة المقبلة. من جهته، أشار الباحث في الشأن السياحي، مراد بدرينة من جامعة "عمار ثليجي" ، إلى أنّ ولاية الأغواط تعدّ قِبلة للزوّار بفضل ما تجمعه من أبعاد روحية، واقتصادية، وتاريخية.
ويشكل مقر الخلافة العامة للطريقة التجانية بعين ماضي، مركز إشعاع ديني وروحي عالمي؛ حيث يتوافد عليه سنويا الآلاف من الزوار والمريدين من داخل وخارج الوطن، للمشاركة في مختلف الملتقيات والاحتفالات، وهو ما يمنح المنطقة بعدا روحانيا، يعزّز استقطابها السياحي بشكل مستمر، وفق المتحدث نفسه.
وتبرز الأغواط، أيضا، كبوابة اقتصادية وطنية ودولية بفضل احتوائها على أكبر حقل غازي في الجزائر، والمتمثل في حاسي الرمل الذي جعل منها مركزا للطاقة، ومقصدا لرحلات الأعمال والمؤتمرات التقنية والاقتصادية. هذا البعد الطاقوي أضاف إلى السياحة بعدا مهنيا؛ حيث تستقبل المنطقة بشكل منتظم، وفودا من الخبراء والمستثمرين والمهندسين، ما يوفر سوقا حيوية لمؤسسات الإيواء والضيافة، ويعطي دفعة قوية لسياحة الأعمال. كما تتمتع الولاية بتراث تاريخي وأثري عريق؛ على غرار النقوش الصخرية المنتشرة عبر مناطق مثل الغيشة وجبل العمور، والتي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ. وتشهد على العمق الحضاري الذي عرفته المنطقة منذ آلاف السنين.
دعوة إلى تثمين المواقع الأثرية
وتمثل هذه المواقع مادة غنية للسياحة الثقافية والعلمية، غير أنها ماتزال في حاجة إلى تثمين أكبر من حيث البنية التحتية، والترويج الخارجي، لتتحول إلى منتجات سياحية ذات إشعاع عالمي.
وأكّد ممثلو جمعيات ثقافية محلية، أن التحدي الأكبر يتمثل في حماية النقوش الأثرية، وتثمينها ضمن مسارات سياحية مهيكلة، داعين إلى "تضافر الجهود، والتنسيق التام بين مديريات السياحة والثقافة والطاقة لتقديم صورة متكاملة عن ولاية الأغواط". ويشكّل، حسبهم، الاستثمار في اللافتات التوجيهية وتكوين المرشدين المحليين وربط الموروث الأثري بالأنشطة الثقافية والحرفية، إضافةً نوعية للعرض السياحي.
كما أكّدت هذه الجمعيات على الدعوة إلى استغلال الحركية التي يولدها حقل حاسي الرمل، من خلال ربط رحلات الأعمال ببرامج ثقافية وترفيهية محلية. وبدورهم، أعرب عدد من مسيّري وكالات السفر المحلية، عن اهتمام متزايد بتنظيم رحلات لا سيما نحو عين ماضي والمناطق الأثرية، مؤكّدين على وجود طلب متنام من الزوّار الوطنيين والأجانب، على برامج السياحة الدينية والسياحة الصحراوية.
وبين البعد الروحي المتجذر في التاريخ الصوفي والدور الاقتصادي العالمي الذي تمنحه الطاقة والرصيد الأثري العريق الممتد لآلاف السنين، تظل ولاية الأغواط فضاء يجمع بين الروح، والتاريخ، والاقتصاد. وتضع نفسها على خريطة السياحة الوطنية كوجهة متعددة الأبعاد، قادرة على جذب فئات متنوعة من الزوار.