مشتة تراكشت بتاكسنة (جيجل)

الإرهاب هجر السكان.. والطريق أجل العودة

الإرهاب هجر السكان.. والطريق أجل العودة
  • 893
نضال بن شريف نضال بن شريف

يناشد عشرات سكان مشتة "تراكشت" بأعالي بلدية تاكسنة، ولاية جيجل، السلطات الولائية، التدخل لفك عزلتهم بهذه المنطقة الجبلية المصنفة منطقة ظل بامتياز، نظرا لغياب أبسط متطلبات العيش الكريم، في ظل قساوة الطبيعة، خاصة في فصل الشتاء. وجه سكان مشتة "تراكشت" الواقعة بأعالي بلدية تاكسنة، عبر "المساء"، نداءهم للسطات المحلية، من أجل تمكينهم من مشاريع تنموية تخلصهم من معاناة، لطالما أفقدتهم الأمل في مواصلة العيش بهذه المشتة الفقيرة، التي عرفت هجرة جماعية للسكان خلال العشرية السوداء، نحو بلديات جيجل وقاوس، وكذا الولايات المجاورة، هروبا من ويلات الإرهاب، إلا أنهم وبعد استتباب الأمن وعودة السكان إلى ديارهم لخدمة أراضيهم الفلاحية والاسترزاق منها، اصطدموا بواقع مر، فلا طرقات ولا مرافق عمومية، في غياب وسائل النقل، وغيرها من النقائص الكثيرة التي أرهقت يوميات السكان.

أكد المشتكون في هذا الصدد، أن أهم مشكل زاد في عزلتهم؛ تدهور الطريق الذي يربط قريتهم بمركز البلدية، حيث يقول عنه سكان القرية، إنه "لا يصلح للسير عليه"، حتى مشيا على الأقدام بسبب تدهوره في الأيام العادية، ويزداد وضعه تفاقما مع كل اضطراب جوي، مما يحول الطريق إلى برك من الأوحال والحجارة، الأمر الذي بات يستدعي ـ حسبهم ـ حل هذا المشكل الذي نغص يومياتهم لسنوات، في ظل غياب مختلف المرافق الضرورية، وتواجد بعضها خارج القرية. مما يتحتم عليهم التنقل إليها. نتج عن هذه الانشغالات، إشكالات أخرى تتمثل في عزوف أصحاب المركبات في التنقل عبر هذاه الطريق المتدهور، بما في ذلك أصحاب سيارات "الفرود"، حيث يتخوف كل من يعبره الطريق أن تعرض مركبته لأعطاب هو في غنى عنها، ستكلفه غاليا وأكثر من الثمن الذي يجنيه خلال نقل الزبائن، خاصة أطفال المدارس الذين يتنقلون لمسافات بعيدة عن القرية من أجل التمدرس، وكذا كبار السن والمرضى أصحاب الحالات المستعجلة  ممن يقصدون مراكز العلاج. لهذا ينتظر السكان بفارغ الصبر، برمجة إعادة الاعتبار لطريق قريتهم، الذي يعد شريانا حيويا ينقذهم من العزلة، ويمنعهم من هجرة منطقتهم مرة أخرى.

فيما اشتكى السكان انعدام الكهرباء، وهو المشكل الذي زاد من تأزم الوضع، حسب قاطني المنطقة، حيث اضطرا عشرات  العائلات إلى هجرة منازلهم وأراضيهم، في ظل غياب الكهرباء، فأغلبية العائلات محرومة من هذه الطاقة منذ سنوات، بسبب تعرض شبكة الكهرباء للتخريب من قبل الجماعات الإرهابية خلال سنوات التسعينات، فيما سرقت الأسلاك والكوابل الكهربائية، مما دفعهم إلى اللجوء إلى الطرق البدائية في الإنارة، أو الاعتماد على المولدات الكهربائية، خاصة الذين يملكون مستثمرات فلاحية  وحضائر لتربية الماشية والدواجن، إذ ناشدون السلطات المحلية والولائية، التدخل العاجل من أجل ربط سكناتهم بالكهرباء، حتى يتسنى للعديد من العائلات العودة إلى منازلهم وأراضيهم الفلاحية، التي تخلوا عنها بسبب انعدام هذه الطاقة الهامة. تفتقد المنطقة المذكورة لشبكة التزويد بمياه الشرب، مما جعل السكان يعتمدون الطرق البدائية في جلب المياه من الينابيع المتدفقة من الجبال، والتي غالبا ما تجف في فصل الصيف، مما يجعلهم في رحلة مستمرة في البحث عن قطرة ماء، بالإضافة إلى معاناتهم مع قارورة غاز البوتان التي تعرف هي الأخرى نقصا فادحا، خاصة في فصل الشتاء.

أمام هذه الوضعية المزرية، يناشد سكان قرية تراكشت، الجهات المعنية، التدخل العاجل لتحسين ظروفهم المعيشية، من خلال منحهم مشاريع تنموية، من شأنها أن تخلص المواطن من المعاناة التي لازمتهم منذ سنوات، كما تساهم في إعادة إعمار المنطقة من جديد، مثلما كانت قبل العشرية السوداء. من جهته، أكد رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية تاكسنة، رويبح رشيد، في تصريح لـ«المساء"، أن مطالب سكان مشتى تراكشت مشروعة، خاصة المتعلقة بالكهرباء والطريق ومياه الشرب، علما أن المنطقة تم تصنيفها مؤخرا منطقة ظل، من قبل مصالح ولاية جيجل. وأوضح رئيس البلدية، أنه من المنتظر الانطلاق في مشروع إعادة تهيئة وتعبيد الطريق المؤدي إلى القرية، على مسافة 1.5 كلم، بمبلغ مالي يفوق مليار سنتيم، وقد قامت مصالحه بمراسلة مدير الطاقة والمناجم، من أجل إصلاح الكهرباء الريفية بهذه المشتى المحصاة ضمن مناطق الظل، وتم برمجة مشروع لتزويد المنطقة بشبكة المياه الصالحة للشرب، والتخفيف من معاناة المواطنين، وتشجيع عودة الأهالي إليها، خاصة الذين هجروها بسبب غياب ضروريات العيش الكريم.