مدير منطقة الجزائر لـ "الجزائرية للمياه" بدر الدين عريبي لـ "المساء":
التسربات والاعتداء على التجهيزات والقرصنة تخل بطبيعة التوزيع
- 915
❊ حملة الصيانة والإصلاح متواصلة لاسترجاع 27 ألف متر مكعب من المياه الضائعة
❊ مجهودات كبيرة لعصرنة التسيير وضمان التوزيع العادل
تبذل شركة "الجزائرية للمياه" مجهودات كبيرة لتوفير هذه المادة الضرورية للزبائن؛ من خلال ما يتوفر من مياه سطحية وباطنية متباينة من ولاية إلى أخرى، ومنها ولايتا المدية والبليدة التابعتان لمنطقة الجزائر، والتي زوّدنا مديرها بدر الدين عريبي، بإحصائيات ومعلومات تخص تسيير هذا القطاع الهام بالولايتين المتجاورتين، اللتين تعمل وحدتاهما على ضمان التزويد بالمياه بما يتماشى مع المنشآت المتوفرة بهما، وعصرنة التسيير، وتجنيد كل الوسائل التكنولوجية الحديثة؛ للقضاء على كل أشكال التسربات، والقرصنة، والاعتداءات التي تطول التجهيزات.
تسعى المديرية العامة لـ"الجزائرية للمياه" لتوفير هذه المادة الضرورية، بما يتوفر لديها من منشآت وتجهيزات، تخصص لها الدولة أموالا طائلة سنويا، توازيا مع التوسع العمراني، وما يرافقه من نمو ديموغرافي؛ حيث تحصي المديرية العامة للشركة، حسب موقعها الإلكتروني، إنتاج 5.5 ملايين متر مكعب يوميا، لتزويد 28.5 مليون نسمة على المستوى الوطني، منها 45 ٪ مياها سطحية، و39 ٪ مياها باطنية، و16 ٪ مياها محلاة.
المنشآت المائية المتوفرة متباينة حسب طبيعة المنطقة
قال مدير منطقة الجزائر لشركة "الجزائرية للمياه"، بدر الدين عريبي، في لقاء مع "المساء"، إن الشركة بولاية المدية، على سبيل المثال، تشرف على تسيير قطاع المياه في 48 بلدية، منها 9 بلديات بنظام التسيير بالجملة من أصل 64 بلدية تضمها الولاية، بما يمثل 81 ٪ من عدد السكان، مؤكدا أن معظم المياه التي تتزود بها الولاية، سطحية، بما يعادل 60 ٪. كما تضم الولاية 370 خزان، بطاقة إجمالية تعادل 223 ألف متر مكعب من مياه الشرب.
وتتموّن الولاية من 3 سدود، هي كدية أسردون الذي يموّن 24 بلدية، وغريب الذي يزود 14 بلدية، وسد بني سليمان الذي يمون البلدية نفسها فقط. كما تحصي الشركة 119 بئر عميقة، بقدرة إنتاج تقدر بـ39700 متر مكعب يوميا، إضافة إلى 32 منبعا مائيا، بقدرة إنتاج تعادل 160 ألف متر مكعب يوميا، فضلا عن 14 محطة معالجة، و119 محطة ضخ.
وعلى النقيض من ذلك، فإن أغلب بلديات ولاية البليدة تتزود من المياه الباطنية، بما يعادل 70 ٪؛ باعتبارها تقع في سفوح جبال الأطلس البليدي، وما توفره مياه الأمطار وخاصة الثلوج، من ثروة طبيعية باطنية. والباقي من المياه السطحية التي تأتي من سدي بورومي والدويرة.
وتتوفر الولاية على 470 بئر عميقة، تنتج 190 ألف متر مكعب يوميا، فيما يتزود 30 ٪ من السكان، من مياه 15 منبعا.
برنامج التوزيع يتماشى مع حجم المياه المخزَّنة
بما أن ولاية المدية تعتمد على 60 ٪ من مياه السدود، فإن ذلك يتأثر بالمغياثية خلال أشهر السنة.
وحسب مدير منطقة الجزائر، فإن منسوب المياه بالسدود الثلاثة التي تزوّد ولاية المدية، صار محدودا؛ ما يؤثر على نسبة التوزيع، مفيدا بأن الجزء الأكبر من سكان الولاية يستفيد مرة كل 4 إلى 6 أيام، بمجموع 75 ٪، منها 28 ٪ كل 4 أيام، و11 ٪ كل 5 أيام، و36 ٪ كل 6 أيام، و5 ٪ من السكان يتزودون مرة كل يومين، و16 ٪ كل 3 أيام. أما 3 ٪ من السكان، فيستفيدون من يوميا من المياه.
وأما ولاية البليدة فهي أكثر حظا من سابقتها؛ حيث يحظى 10 ٪ من سكانها، بتموين يومي بهذه المادة الحيوية، و40 ٪ مرة كل يومين، و25 ٪ مرة كل 3 أيام، و17 ٪ مرة كل 4 أيام، وكذا 5 ٪ كل 5 أيام، علما أن أهم مصدر لتزويد الولاية يتمثل في المياه الباطنية.
حملة إصلاح التسربات والتجهيزات لاسترجاع 15 ألف متر مكعب
أفاد السيد عريبي بأن نشاط الصيانة والإصلاح لا يتوقف على مدار السنة، وأن أكبر مشكل يؤدي إلى تذبذب التوزيع يتمثل في القنوات القديمة؛ حيث تبقى فرق التدخل مجندة يوميا لإصلاح التسربات، مؤكدا أن مديرية الموارد المائية بولاية المدية، أخذت على عاتقها إصلاح القنوات القديمة بحقل البيرين بولاية الجلفة جنوب المدية، الذي تتزود من آباره بلديات الولاية، بل وخصصت مديرية "الجزائرية للمياه" لذلك إدارة خاصة بهذا الجزء الهام؛ لحشد المياه. كما تم تزويد محطات الضخ والتخزين بمولدات كهربائية، تشتغل بطريقة آلية عند انقطاع التيار الكهربائي عن الشبكة.
وبولاية البليدة، فتسجل الوحدة 31 بئرا عميقة متوقفة بسبب عمليات التخريب؛ حيث كانت توفر 12 ألف متر مكعب يوميا، مشيرا إلى أن هذه الآبار تتواجد بالمزارع، ويصعب حراستها على مدار الساعة رغم دوريات الحراسة التي لا تكفي. و " لا يمكن توظيف حارس لكل بئر؛ ما جعل المديرية العامة للشركة تسعى إلى وضع كاميرات مراقبة، وأجهزة استشعار وإنذار؛ لكشف التخريب والتسرب في أوانه ".
وتُعد ولاية البليدة من أكبر الولايات التي تسجل عددا هائلا لنقاط التسرب؛ إذ بلغت 160 نقطة؛ ما دفع المديرية العامة للمؤسسة، في إطار استراتيجيتها الرامية إلى استرجاع المياه الضائعة وتحسين الخدمة العمومية للتزويد بمياه الشرب، إلى تجسيد حملة وطنية تضامنية للقضاء على التسربات المائية، والتوصيلات غير الشرعية التي تشكل 15 ألف متر مكعب مهدورة أو مقرصنة، وصيانة الأجهزة الإنتاجية التي طالها التخريب، وعددها 31، والتي من شأنها، أيضا، توفير 27 ألف متر مكعب يوميا من مياه الشرب.
وقد أشرف على انطلاق هذه الحملة بداية الأسبوع الماضي، مدير منطقة الجزائر بدر الدين عريبي، بمعية مدير وحدة البليدة، غلياوي عبد المجيد، ومدير الموارد المائية لولاية البليدة، علوش عبد الكريم، بحضور مدير المركز الوطني للتكوين في مهن المياه بالشراربة، خالد رنان. وقد شارك في الحملة 10 وحدات من مختلف الولايات، وهي بومرداس، والمدية، وعين الدفلى، والشلف، والمسيلة، وخنشلة، وباتنة، وتيزي وزو، وسوق أهراس والبيّض.
وأكد مدير منطقة الجزائر للشركة أنه تم خلال يومين من انطلاق الحملة، إصلاح 46 نقطة تسرب؛ من شأنها استرجاع أزيد من 5 آلاف متر مكعب. وستقضي على كل هذه النقاط السوداء بكامل بلديات الولاية.
التحصيل يُثقل كاهل الشركة
رغم الجهود المبذولة من قبل الشركة لضمان توزيع هذه المادة الضرورية، إلا أن "الجزائرية للمياه" ماتزال تواجه مشكل تحصيل مستحقاتها المتراكمة لدى الزبائن.
وفي هذا الصدد، تحصي منطقة الجزائر بالولايتين، حسب المسؤول، أكثر من 4 ملايير دينار، أغلبها بوحدة البليدة بقيمة تفوق 3.1 ملايير دينار. وهي وضعية مالية صعبة تعيشها الشركة. وتسعى بكل الوسائل الودية والقانونية، لحث المواطنين على تسديد الديون المترتبة عليهم نظير ما تقدمه الشركة من خدمات، وتوفيرها المادة الضرورية. وذكر المسؤول أن 80 ٪ من هذه المستحقات بوحدة؛ إذ تخص الفئة رقم 1 (الزبائن العاديين). أما فئة الإدارات فتمثل 15 ٪، فيما تشكل الفئة رقم 1 بولاية المدية، 24 ٪. و31 ٪ تخص فئة الإدارة.
الرقمنة سهّلت الخدمات وضبطت التسيير
وبخصوص عصرنة القطاع، أكد السيد عريبي أن "الجزائرية للمياه" قطعت أشواطا كبيرة في اعتماد الرقمنة، والاندماج في المسعى الوطني؛ لتجسيد استراتيجية تحسين الخدمات العمومية، وحوكمة الإدارة، وتقريبها من المواطن؛ سواء من حيث تخفيف المشاق عن الزبون، الذي أصبح من السهل عليه تسديد الفاتورة من جواله، ومن مكان تواجده دون التنقل إلى الوكالات التجارية باستعمال الدفع الإلكتروني، الذي خفّف الوطأة عن شبابيك الوكالات باستعمال تطبيق "مياهي موب".
وأضاف المسؤول أن من ثمرات الرقمنة واستغلال التكنولوجيا الحديثة، أصبح بالإمكان تسيير المنشآت المائية عن بعد، والاطلاع على جم المياه المخزنة، ودرجة ضغط المياه.. وغيرها؛ ما يسمح بتشخيص أي عطب أو خلل في الشبكة. كما تسمح أجهزة الاستشعار الموزعة على كل التجهيزات والمنشآت، بإعطاء معلومات آنية لحجم إنتاج وتوزيع مياه الشرب.