فريضة تشتمل على حِكم جليلة وعظات وفيرة

الحج مؤتمر جامع

الحج مؤتمر جامع
  • 3730
فريضة الحج تشتمل على حِكم جليلة وعظات وفيرة، ففي الحج إظهار للتذلل لله عز وجل، لأن الحاج يترك أسباب الترف والتزيّن ويرتدي ملابس الإحرام، مُظهراً فقره لربه، ويتجرد في هذا السفر عن الدنيا وشواغلها التي تصرفه عن الله سبحانه، فيتعرض بذلك لمغفرة الله تعالى ورحمته.
قال تعالى: [وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق (27) ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير (28)] (الحج).. وقال رسول الله {في الحديث الذي رواه أبو هريرة }: "مَنْ حجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (رواه البخاري ومسلم). يقف الحاج في عرفات ضارعا لربه، حامدا شاكرا نعمة الله مستغفرا لذنوبه وعثراته. فأداء فريضة الحج يؤدي شكر نعمة المال وسلامة البدن، وهما أعظم ما يتمتع به الإنسان من نعم الدنيا. وفي الحج شكر لهاتين النعمتين العظيمتين، حيث يجهد الإنسان نفسه، وينفق ماله في طاعة ربه والتقرب إليه.. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله تعالى فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه يباهي بهم الملائكة" (رواه مسلم). والحج يربِّي النفس على روح الجندية، بكل ما تحتاج إليه من صبر جميل وتحمّل الأذى، فهو أشبه بنظام عسكري منظَّم يتعاون فيه المرء مع الناس، ألا ترى الحاج يتكبد مشقات الأسفار حتى يتجمع الحجاج كلهم في "مكة" حرم الله، ثم ينطلقون جميعا لأداء المناسك، ويقيمون ويتحركون جميعا مسرورين، إنها تنقّلات كشافة روحانية.
لا فوارق في الحج
وهناك تزول الفوارق بين الناس.. فوارق الغنى والفقر، فوارق الجنس واللون، فوارق اللسان واللغة، تتحد كلمة الإنسان في مؤتمر كله خير وبركة وتشاور وتناصح وتعاون على البر وتآزر، مؤتمر عظيم. مؤتمر الحج تجتمع فيه الكلمة على البر والتقوى، وعلى التواصي بالحق والتواصي بالصبر والسهر على مصلحة الأمة وهدف هذا المجتمع والتجمع العظيم، ربط أسباب الحياة بأسباب السماء. ففي الحج ذكريات غالية، تغرس في النفس روح العبودية الكاملة، والخضوع الذي لا يتناهى لأوامر الله وشريعته.