برج بوعريريج
الحجر الصحي مطلوب والمواطن يستجيب
- 1277
أضحى فيروس "كورونا" في ولاية برج بوعريريج هاجسا كبيرا للمواطنين، بعدما بات يحصد آلاف الأرواح عبر العالم، والعشرات في الجزائر، مما زاد من تخوفهم وجعلهم يلتزمون ويتقيدون بإجراءات وتدابير الحجر المنزلي والصحي في آن واحد، حيث امتثل سكان الولاية لهذا القرار بشكل ملحوظ.
أكد مواطنو الولاية في هذا الإطار، أنه في ظل الانتشار الواسع لهذا الوباء المعدي، يطالبون بضرورة مباشرة إجراءات صارمة لتطبيق إجراءات الحجر الصحي الجزئي، لاسيما بعد تسجيل الولاية وفاتين مؤكدتين بهذا الفيروس الخطير.
أكد هؤلاء أنهم متيقنون كل اليقين، أن المصالح العليا للبلاد أصدرت هذا القرار، لأنها تدرك خطورة الوضع المترتب عن انتشار رقعة عدوى هذا الوباء العالمي، ولا تريد اللعب أو الاستخفاف بصحة المواطن، بل الحفاظ عليها، كما أنها لا تريد الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها بعض الدول التي استهانت بهذا الوباء، الذي بات يحصد آلاف الأرواح عبر دول العالم، مضيفين أنهم سيطبقون التعليمات الصادرة عن الجهات الوصية، إلى أن يرفع الله هذا الوباء عن الأمة قاطبة.
السكان متخوفون والمسؤولون يطمئنون
أبدى سكان مناطق الظل، على غرار القاطنين ببلديات برج الغدير، رأس الوادي، عين تاغروت، الماين، الجعافرة، تقلعيت... وغيرها من البلديات، تخوفهم الكبير من أن تلقى أزمة "كورونا" بظلالها عليهم، وتزيد أوضاعهم المعيشية تعقيدا وتأزما.
خلال لقائنا ببعضهم، أكدوا لـ«المساء"، أنهم يلتزمون بالجحر المنزلي، خاصة خلال هذا الفصل، لأن مناطقهم تفتقر لأدنى ضروريات الحياة، فلا طرق مهيأة، ولا غاز طبيعي متوفر، حتى أن بعض العائلات تفتقر للكهرباء، مما يجعل أفرادها يعيشون حياة شبه بدائية، رغم أنهم قاموا بمناشدة السلطات في العديد من المرات، إلا أن الأمر لم يجد نفعا. كما زاد انتشار هذا الفيروس المعدي من حجم تخوفاتهم.
من جهتها، طمأنت السلطات الولائية باتخاذ التدابير اللازمة للتكفل بانشغالات سكان مناطق الظل، بكافة إقليم وحدود ولاية برج بوعريريج، حيث أكد الوالي في تصريحه، أن الدولة لم تنس هذه المناطق حتى في عز أزمة فيروس "كورونا" التي تمر بها الجزائر، مشيرا إلى إعطاء تعليمات لكل رؤساء الدوائر والبلديات، بضرورة التكفل بهؤلاء السكان وإيصال المؤونة لهم، مضيفا أن الولاية قامت بتنظيم قوافل غذائية تضامنية تجوب كل مناطق الظل بالولاية، لتوفير كل المواد الغذائية الضرورية، على غرار "السميد"، الزيت... وغيرها، مؤكدا أنهم أبناء الولاية وتبقى الأولوية لهم.
التزام البيوت وعدم الخروج
دعت السلطات الأمنية ومصالح الحماية المدنية، والجمعيات الناشطة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب وسائل الإعلام المختلفة المعتمدة بالولاية، في إطار هذه الأزمة التي تعرفها الجزائر عموما، جراء انتشار فيروس "كورونا"، وفرض الحجر المنزلي، مواطني الولاية الالتزام بالمكوث في منازلهم، وتفادي الخروج من البيت إلا للضرورة القصوى، لتفادي انتشار هذا الفيروس في أوساطهم، خاصة بالنسبة لكبار السن والأطفال.
كما تقوم مصالح الأمن والدرك الوطنيين، من جهتهم، بحملات تحسيسية عبر كل الأحياء، باستعمال مكبرات الصوت وتوجيه نداءات للمواطنين بضرورة التزام البيوت، ودعت كل الذين احتكوا بالمصابين، بضرورة التوجه الفوري إلى مراكز الاستشفاء لأخذ عينة من دمهم وإجراء التحاليل.
تجار يضاربون وآخرون يتلاحمون
أثبت انتشار وباء "كورونا"، أن الشعب الجزائري متلاحم في أوقات الشدة، وهو ما لاحظناه ببلديات عاصمة البيبان، حيث سارع رجال المال والأعمال إلى شراء معدات طبية، على غرار ما قام به تجار الولاية، من أجل تدعيم المستشفى المركزي "لخضر بوزيدي" بمختلف الأجهزة الطبية، على غرار أجهزة التنفس الاصطناعي، وشاشات المراقبة، وكذا أسرة طبية، وهي معدات هامة سيتم استغلالها للتكفل بالمصابين بهذا الفيروس.
قام آخرون بأعمال خيرية أخرى لمواجهة هذه الأزمة، وفي نفس الوقت أبدى المواطنين استياءهم جراء ما يقوم به بعض التجار، الذين يقومون باحتكار مادة "السميد" من أجل بيعها بأسعار مرتفعة للمواطن، في الوقت الذي صرحت السلطات المحلية والولائية، بأن كمية المخزون من هذه المادة الغذائية تكفي لمدة ستة أشهر كاملة.
تضحيات لحماية الأرواح
لا زالت مختلف قوات الأمن والشرطة والجيش والدرك الوطني والجمارك، ومصالح الحماية المدنية بمختلف بلديات ومناطق ولاية برج بوعريريج، واقفة في الميدان، منذ إعلان أول إصابة بوباء "كورونا"، حيث أعلنوا حالة طوارئ في صفوفهم، وباتوا يقومون بتوعية المواطنين عبر صفحاتهم في "الفايسبوك"، وكذا حملات تحسيسية مع الجمعيات الخيرية، للتحسيس بخطورة انتشار هذا الوباء القاتل.
وتم بأمن الولاية، تسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية، واتخاذ كافة الترتيبات اللازمة والكفيلة بضمان عملية الحجر الصحي، خاصة أن رجال الأمن وبمختلف تخصصاتهم، يسعون كرجال قانون إلى تطبيق مثل هذه الإجراءات والتدابير، وهو نفس الشيء قامت به المجموعة الإقليمية للدرك الوطني ببرج بوعريريج، بعد أن سخرت كل أعوانها عبر إقليم اختصاصها، لخدمة الوطن وتطبيق القانون، ومنع المواطنين من الخروج من منازلهم إلا للضرورة القصوى، إلى جانب عملهم في محاربة الاحتكار والمضاربة.
من جهتهم، سخر الجيش الوطني الشعبي بالولاية، أفراده للوقوف كرجل واحد مع المواطن البرايجي، لمواجهة هذه الأزمة الصحية، من خلال إيصال المؤونة إلى المناطق الجبلية لفائدة العائلات الفقيرة والمغلوبة على أمرها.
كما جندت مصالح الحماية المدنية، كافة أعونها وتجهيزاتها لمواجهة هذه الأزمة، فبالإضافة إلى قيامهم بنقل المصابين والمشتبه في حالاتهم إلى مختلف مستشفيات الولاية، يقومون هذه الأيام، بتعقيم مختلف المرافق والساحات والأماكن العمومية، والفضاءات التي يتم استغلالها للحجر الصحي، أو للأعمال الخيرية، كمراكز التكوين المهني التي تم استغلالها لخياطة الكمامات والألبسة الطبية والواقية.
وكان لمصالح الجمارك في الولاية دور فعال في هذا مواجهة وباء "كورونا"، بعد قيامهم بتطبيق تعليمة القيادة الخاصة بمنع التصدير والاستيراد، وقد أثنى المواطنون على عمل هؤلاء، مؤكدين أن هدفهم هو الخوف على صحتهم، وأنهم سبلوا أرواحهم لحماية أرواح غيرهم.
المديريات الحيوية والجمعيات الناشطة واقفة
وقفت المديريات الحيوية بولاية برج بوعريريج هي الأخرى، وقفة رجل واحد لمواجهة انتشار فيروس "كورونا" على مستوى إقليم الولاية، فقد جندت مديرية الصحة والسكان كل إمكانياتها المادية والبشرية عبر كل مؤسساتها الصحية لهذا الغرض.
خلال زيارة "المساء" لعدة مؤسسات استشفائية بالولاية، وجدنا الأطباء والممرضين وكافة عمال شبه الطبي والممرضين، في حالة استنفار كبيرة، فالكل يسارع ويسابق الزمن من أجل محاولة إنقاذ الأرواح التي أصيبت بهذا الوباء القاتل، حيث أكدت إحدى الطبيبات بمستشفى "لخضر بوزيدي" لـ«المساء"، أنها كغيرها من زملائها في المهنة، الذين تركوا أهاليهم وأبناءهم من أجل أرواح المرضى المتواجدين هناك، أبت إلا أن تشارك الطاقم الطبي المناوب بالمستشفى، في التكفل ومعالجة الحالات المصابة، داعية مواطني الولاية إلى وجوب البقاء في بيوتهم لتفادي انتشار هذا الفيروس، قائلة "نحن تركنا بيتنا من أجلكم، فالزموا بيوتكم من أجلنا..."، مضيفة أن هذه الأزمة التي تمر بها الجزائر مسؤولية الجميع.
نظرا للدور الذي يلعبه الأئمة والقائمون على تسيير قطاع الشؤون الدينية والأوقاف بالولاية، في جمع الأموال وتوزيع المؤونة الغذائية على الفقراء والمحتاجين والأرامل، أكد مدير الشؤون الدينية بالولاية، أنه دعا الأئمة إلى تفعيل مجلس "سبل الخيرات" من خلال الاتصال بالمحسنين وذوي البر المنفقين، ليكونوا سندا لإخوانهم المعوزين في سرية دون التشهير بهم أو تصويرهم، حفاظا على كرامة هؤلاء المواطنين والعائلات المعوزة.
من جهتها، أثبتت مصالح مديرية التجارة بولاية البرج، حضورها ووقوفها الدائم في الميدان، حيث كثفت من نشاط مراقبتها للتجار الذين استغلوا هذه الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد، لاحتكار المواد الغذائية المختلفة، بغرض بيعها بأسعار مرتفعة، إلى جانب تعمدهم بيع مواد أخرى منتهية الصلاحية.
في السياق، كثفت مديرية الكهرباء والغاز "سونلغاز" هي الأخرى، من حملات التحسيس والتوعية لفائدة المواطنين والعائلات، بدعوتهم إلى البقاء في المنازل، وتفادي الخروج، حيث وضعت رقما آخر للاتصال والتبليغ عن أي عطب دون التوجه إلى المصالح المركزية.
وأكدت المكلفة بالإعلام على مستوى مديرية "سونلغاز" ببرج بوعريريج، أن مصالح المديرية، تعمل 24 على 24 ساعة، أما مديرية النقل، فسخرت كل إمكانياتها والمركبات التابعة لها لصالح المواطنين، سواء ضمن القوافل التحسيسية، أو إيصال المؤونة إلى المناطق النائية والفقيرة.
كما ساهمت الجمعيات والنشطاء الاجتماعيين بدورهم، مساهمة فعالة في توعية مواطني الولاية وتحسيسهم بمخاطر انتشار عدوى فيروس "كورونا" في أوساطهم، وبين هذا وذاك، يبقى المواطن بولاية البرج، مدركا وواعيا بخطورة الأمر، وضرورة التزامه بالتعليمات المسطرة، للحفاظ على حياته وحياة غيره.