تيبازة

الحرائق تهدد التوازن البيئي والتنوع البيولوجي

الحرائق تهدد التوازن البيئي والتنوع البيولوجي
  • 2503

عرفت ولاية تيبازة العديد من الحرائق التي تسببت في إتلاف هكتارات من أجمل غابات المنطقة إضافة إلى الخسائر التي طالت الحيوانات، وهو وضع يهدّد التوازن البيئي والتنوع البيولوجي لهذه الولاية  الساحلية الساحرة. وحسب محافظة الغابات للولاية فقد تم تسجيل خسائر فادحة في الثروة الغابية والحيوانية بالعديد من المناطق، خصوصا غرب الولاية، تسببت في إتلاف أزيد من 217 هكتارا. 

أُطلقت دعوات لفتح تحقيق حول أسباب هذه الحرائق التي تأتي على الأخضر واليابس. وفي هذا الشأن يتساءل أحد المواطنين: "هل يُعقل أن تندلع 8 حرائق في يوم واحد وفي نفس الوقت تقريبا؟"، مشدّدا على ضرورة تقديم الجناة للعدالة، ومتهما من وصفهم بـ "عصابات الفحم" مع اقتراب موعد عيد الأضحى.

حيوانات عالقة في غابات ملتهبة، أجسام ضعيفة أمام قوة اللهيب، وجحيمه لم تسلم منه الأشجار والكائنات الحية في صورة بشعة تثير الاشمئزاز، كتب، من جهته، متأثرا أحد رواد وسائط التواصل الاجتماعي.

استنكار وتنديد

أثارت صورة صادمة لأرنب بري هلك حرقا وهو يحاول الفرار من حريق شب بأحد الغابات نشرتها محافظة الغابات لولاية تيبازة على صفحتها بالموقع الاجتماعي فايسبوك، موجة من السخط والتنديد.

وجاءت في منشور لمحافظة الغابات بالولاية، صورة أرنب بري محترق وعيناه مفتوحتان في وضع شبه متفحم، يحاول الفرار من الحريق وهو يتألم، بهدف تحسيس المواطنين بضرورة المحافظة على الكائنات الحية، وصاحبَ المنشور تعليق "صورة مؤلمة جدا... نرى فيها أرنبا احترق وهو حي. بعد حريق غابات... الأرنب حاول الهروب لكنه لم يستطع للأسف... رغم أن الأرانب حيوانات سريعة إلا أن النيران أحرقتها". وتابع منشور محافظة الغابات متأسفا: "فكيف ستكون حال السلاحف والزواحف وصغار الطيور والآلاف من الكائنات الحية من نباتات وحيوانات؟!".

وأعربت جلّ التعليقات حول هذا المنشور الذي انتشر بقوة وشاركته أغلب صفحات الفايسبوك التي تعنى بالشؤون المحلية لتيبازة، عن أسفها وصدمتها لرؤية حيوان ضعيف في تلك الوضعية، داعين إلى تضييق الخناق على ما وصفوه بمافيا العقار. ووصف أحد المعلقين الصورة بالقول: "إنها الصدمة" و«الكارثة"! فيما قال آخر متأسفا: "اِرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".

وعن دواعي وأهداف نشر صورة صادمة كشف محافظ الغابات لتيبازة بودينة محفوظ في تصريح لوأج، أنّ مصالحه تسجل سنويا خسائر "فادحة" في الثروة الغابية والحيوانية بسبب الحرائق مهما كانت الحصيلة حتى لو تعلق الأمر بشجرة واحدة فهي خسارة، مبرزا أن العامل البشري يعدّ السبب الرئيس في نشوب تلك الحرائق، لذلك واصل: "درسنا الوضع وقرّرنا نشر صورة واحدة صادمة لأرنب بري محترق؛ بهدف دفع المواطن إلى الاهتمام أكثر والمحافظة على الثروة الغابية والنظام البيولوجي". وقال بهذا الخصوص: "الغابات أيضا هي المكان الحيوي للعديد من الكائنات الحية التي لها دور رئيس في التوازن البيئي والتنوع البيولوجي، اللذين يساهمان بقوة في رفاهية الإنسان للعيش في بيئة طبيعية جميلة ونقية.

جمعية حماية البيئة تدق ناقوس الخطر

من جهته، دق رئيس جمعية حماية المستهلك وبيئته ناقوس الخطر، مشددا على أنّ الوضع لا يطاق، وهي جريمة لا يمكن السيطرة عليها بدون فهم أسبابها الحقيقية، التي، بدون شك، تدمر الثروة الحيوانية والنباتية، وتهدّد الحياة الإيكولوجية التي تزخر بها الغابات التي تُعد الوسط الطبيعي للحيوانات.

موضوع الغابات موضوع "معقد وحساس وخطير" ـ يتابع السيد بلعباس - على اعتبار أنّ كل المؤشرات تؤكد أن الحرائق "مفتعلة وبفعل إجرامي".

«عندما يندلع حريق في غابة فإنه يزيد من كثافتها بعد السنوات القليلة القادمة، حيث تنقل ألسنة اللهب والرياح البذور إلى كل الأنحاء، كما يلعب الرماد دور السماد شرط أن لا يندلع حريق آخر في السنوات المقبلة؛ لأنّه بذلك سيقضي على الغابة كليا، ولن تعود إلا بعد عملية غرس". وأضاف في هذا السياق أنّ جمعية حماية المستهلك وبيئته مهتمة بالموضوع وتتابعه منذ سنوات، خاصة بمحمية شنوة، حيث وقفت على واقع يؤكد تورّط أصحاب الأراضي الغابية، الذين - حسبه - يلجأون  إلى هذا الفعل الإجرامي بهدف استغلال تلك المساحات الغابية في الفلاحة بعد تخليصها من الأشجار المترامية.

وأبرز السي بلعباس أنّ أغلب الأراضي الغابية بجبل شنوة مصنفة في خانة "أرض العروشية والشيوع"، وهي أراض تستغرق إجراءات طويلة ومعقدة وبيروقراطية لتسوية وثائقها واستخراج عقود الملكية، قبل أن يصطدم أصحابها بمشكل آخرا، وهو تحويل طابعها الغابي إلى طابع فلاحي؛ ما يدفعهم إلى افتعال حرائق حتى "يتخلّصوا من الأشجار".

ويتّهم رئيس الجمعية الولائية لحماية المستهلك وبيئته أيضا، من يسميهم "مافيا العقار والفحم"، داعيا إلى تفعيل بعض الإجراءات والتنظيمات، وتطبيق سلطان القانون بكل حزم وصرامة؛ لوضع حد لهذه الجرائم التي تُرتكب سنويا في حق البيئة والنظام الإيكولوجي برمته.