عاشت ويلات الإرهاب خلال العشرية السوداء

الزبربر بالبويرة تستعيد أمنها وتشق طريقها نحو النمو

الزبربر بالبويرة تستعيد أمنها وتشق طريقها نحو النمو
  • 1162
و. أ و. أ

استعادت بلدية الزبربر الجبلية المعزولة، الموجودة بأعالي الأخضرية (غرب البويرة)، الطمأنينة والسكينة، مما مكنها من شق طريقها نحو النمو، بعد أن عاشت ويلات الإرهاب خلال العشرية السوداء، من خلال إطلاق عدد من المشاريع بها، بهدف تحسين الظروف المعيشية للسكان المحليين.(و. أ)

لقد شهدت منطقة الزبربر هجرة جماعية لسكانها، خلال سنوات التسعينيات، بسبب انعدام الأمن والعنف السائدين آنذاك، عبر قراها التي عاشت مجازر وتفجيرات في عمليات إرهابية، قبل أن تتمكن من تضميد جراحها، وتشرع في إرساء أسس التنمية لفائدة قاطنيها. وأكد رئيس المجلس الشعبي البلدي بوطوش محمد في هذا الصدد، أن هذه المنطقة الجبلية تشهد حاليا عودة جماعية لسكانها، الذين غادروها أيام العشرية السوداء، بعد عودة السكينة والهدوء إليها، كما هو الشأن بالنسبة لقرى زوابرية وأولاد قاسم وبسيبسة وقداورة حماميد. أشار ذات المسؤول في هذا السياق، إلى إعادة بعث عجلة التنمية بالمنطقة منذ حوالي عشر سنوات، من خلال الشروع في جملة من المشاريع والعمليات، بهدف فك العزلة عن هذه المنطقة الجبلية، وربطها بشبكات الكهرباء والغاز والماء الشروب.

ذكر رئس المجلس البلدي بمختلف المبادرات التي قامت بها السلطات العمومية، كشق العديد من الطرقات وتزفيتها، وإنجاز هياكل تربوية وصحية لفائدة السكان، مضيفا بقوله؛ "بالرغم من النقائص المسجلة، فقد تمكننا من ربط المناطق المعزولة بأولاد قاسم وأولاد بوكرم وزوابرية والكرانة ولغرنطة وبسيبسة وبوكوشان، بشبكة توزيع الماء الصالح للشرب، وإنجاز شبكات توزيع الماء والخزانات التي تمون السكان مرتين في الأسبوع، إضافة إلى إنجاز آبار وجر مياه الينابيع، لتعزيز عملية التموين".

كما تطرق نفس المسؤول، لإنجاز مدرسة ابتدائية بالكرامنة، في الوقت الذي سجل مقر البلدية تحسنا في المجال الصحي، من خلال افتتاح مركز صحي ومكتب لمصلحة طب الأسنان، موازاة مع افتتاح مركز صحي مماثل بأولاد قاسم والزوابرية، من أجل التكفل بمرضى هذه المنطقة.

الفلاحة خزان لتشغيل شباب المنطقة

توفر بلدية الزبربر بقراها الـ14، المصنفة ضمن مناطق الظل، فرص هامة لشباب المنطقة الراغبين في الاستثمار في المجال الفلاحي، حيث تشتهر المنطقة بإنتاج العنب ومختلف الفواكه. وقد استفادت البلدية مؤخرا، من مساحة 20 هكتارا موجهة لزارعة الأشجار المثمرة، حسب نفس المصدر. في هذا الصدد، أكد عمار، أحد سكان قرية بوكوشان، أن "معظم شباب المنطقة يمتهنون الفلاحة، لأنهم ليس لديهم خيار آخر، لكنهم يطالبون بتوفير وسائل أكثر من أجل النجاح في هذا المجال".

يمكن لزائر القرية أن يلاحظ للوهلة الأولى، مدى بساطة العيش فيها وصعوبة الظروف المعيشية بالنسبة لسكانها، بسبب عزلتهم. لكن هذا لم يمنع الشاب عمار من التعبير عن تفاؤله  إزاء زيارة الوفود الولائية، وعلى رأسها الوالي لكحل عياط عبد السلام مع الصحفيين لزبربر، مؤكدا أنه أمر "يبعث على التفاؤل"، رغم النقائص الواجب استدراكها، مشيرا إلى "تحقيق العديد من العمليات بالزبربر، من خلال إنجاز طرقات ومدارس وملاعب وفضاءات لعب ومراكز علاجية". في حين تأسف الشاب عن "غياب المياه الموجهة للسقي الفلاحي، لاسيما منذ إنجاز سد كودية أسردون، الذي أصبح يحول إليه كل مياه المجاري الطبيعية التي كانت تروي الأراضي الجبلية، مما أثر سلبا على عزيمة العديد من الفلاحين". وهو الأمر الذي أكده رئيس البلدية، الذي اعتبر أن "نقص مياه السقي الفلاحي مشكلة عويصة بالزبربر، ومن الضروري ضمان الوسائل للشباب البطال، من أجل تشجيعهم على الاستثمار في هذا المجال الواعد".

على صعيد آخر، سجلت بلدية الزبربر إنجاز ثلاثة ملاعب بلدية وأربعة فضاءات للعب موجهة للأطفال والشباب، بالإضافة إلى إنجاز مركز رياضي جواري، لم يتم بعد وضعه حيز الخدمة، بسبب غياب التجهيزات"، حسب السيد بوطوش. كما ساهمت عملية توزيع إعانات البناء الريفي، في تشجيع عدد كبير من العائلات والسكان، التي استفادت من أكثر من 300 إعانة بناء ريفي منذ 2013. في سياق متصل، استفادت بلدية الزبربر، التي تعد 7000 ساكن وشكلت في الماضي، إحدى معاقل المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، من مشاريع لتوسيع شبكة الإنارة الريفية،  وربط كل مساكنها بشبكة الكهرباء.

غياب نقل المسافرين... معضلة كبيرة بالزبربر

يعتبر توفير النقل من بين أهم مطالب سكان هذه المنطقة الجبلية، التي تبعد بحوالي 30 كلم عن مدينة الأخضرية، مع العلم أن البلدية تتوفر على 10 حافلات للنقل المدرسي، حسب رئس البلدية. وهو ما عبر عنه الشاب محمد (27 سنة) المنحدر من أولاد قاسم، الذي تأسف عن غياب وسائل نقل المسافرين و"اضطرار السكان إلى التنقل بواسطة سيارات الأجرة، إن وجدت، كما أضاف، متسائلا إزاء هذا النقص، بالرغم من عودة السكينة إلى المنطقة.

من جهته، أوضح رئيس البليدة، أن الأمر يتعلق بمشكل عويص، مشيرا إلى أن الوالي السابق مصطفى ليماني، كاد أن يجد له حلا، بترخيص فتح ثلاث خطوط نقل، من خلال مشاريع تابعة للوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، يتم بفضلها شراء ثلاث حفلات لنقل المسافرين، لكن المشروع لم يتحقق وبقي الإشكال مستمرا". بدورهم، أكد بعض الناقلين بمحطة الأخضرية، أن "بُعد بلدية الزبربر (30 كلم) وطرقها الضيقة الشاقة والمتصاعدة، من بين الأسباب الرئيسية التي تثني الناقلين عن اختيار هذه الوجهة الصعبة".