بمعدل إنتاج 1500 طن في السنة
انطلاق موسم جني فاكهة "القسطل" بجبال سكيكدة
- 449
انطلقت، مطلع الشهر الأخير من السنة الجارية، على مستوى كل المناطق الجبلية الواقعة غرب بسكيكدة بالمصيف القلي، خاصة مناطق قنواع، وبونغرة، وأزافور، وواد جبل المتواجدة بإقليم بلدية أولاد أعطية، إضافة إلى منطقة لعوينات ببلدية وادي الزهور، عملية جني محصول الكستناء أو كما يُعرف عند عوام الناس بـ"القسطل"، التي تنطلق، عادة، مع بداية شهر سبتمبر، وتستمر إلى غاية شهر نوفمبر.
وتتربع أشجار القسطل التي تشتهر بها منطقة أولاد أعطية وطنيا، على مساحة تقدّر بحوالي 500 هكتار، وبإنتاج يقدّر بمعدل حوالي 1500 طن في السنة. وتُعد هذه الفاكهة ثمرة محاطة بغلاف متين من بني إلى بني غامق اللون، تنبت داخل قوقعة شوكية، تحتوي كل واحدة منها على حبتين أو ثلاثة. ويُعتمد في عملية الجني، عادة، على القفزات.
إقبال منقطع النظير على ثمرة "القسطل"
ويُعد القسطل من بين الثمار التي تشهد إقبالا كبيرا من قبل العائلات، لا سيما على مستوى المناطق الداخلية. كما تتزين به طاولات الأسواق الشعبية، فيما يقوم العديد من الشباب ببيعه مطهوا على الجمر، في نشاط تجاري موسمي على قارعة الطرقات، وفي الأرصفة، وعلى مستوى الأسواق الشعبية.
وتبدأ عملية جني القسطل عندما تنضج الفاكهة تماما، فتبدأ في التساقط، خاصة مع نهاية شهر سبتمبر، ليتم جمعها بالطرق التقليدية في أجواء مفعمة بالتفاؤل، خاصة من الشباب الذين يقومون بإعادة تسويقها بعد توضيبها في أكياس أو بداخل صناديق، بينما يقوم بعض الشباب بطهوها على الجمر؛ حيث تشهد الأحياء والأسواق وحتى الطرقات، عددا من باعة القسطل.
اهتمام العائلة الريفية بجني محصول القسطل
تولي العائلة الريفية بالمنطقة اهتماما كبيرا بهذه الفاكهة الموسمية إذ تمثل بالنسبة لهم مصدر رزق. فبعد عملية جني المحصول التي تتمّ بطرق تقليدية يتم تسويقه مباشرة، إلى السوق؛ سواء على مستوى بلديات الولاية أو الولايات الأخرى، بما فيها العاصمة لنوعيته المتفردة وطعمه المتميّز بنكهة خاصة.
وخلال معاينة قامت بها "المساء" على مستوى عدد من أسواق سكيكدة، فإنّ سعر الكيلوغرام الواحد من فاكهة القسطل وصل هذه السنة، إلى ما بين 260 د.ج و450 د.ج، وهو ما يراه العديد من المواطنين مرتفعا كثيرا مقارنة بالسنوات الأخيرة؛ حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد منه، إلى ما بين 150 د.ج و250 د.ج.
وأرجع بعض الفلاحين ارتفاع سعر القسطل هذه السنة، إلى عدّة عوامل؛ منها تقلص مساحته جراء حرائق الغابات التي شهدتها المنطقة السنوات الأخيرة، أمام صعوبة جنيه في المرتفعات الجبلية، ناهيك عن بعض الأمراض والفطريات التي تصيب الشجرة، والجفاف؛ ما يتطلب تدخلا سريعا من قبل الخبراء والمختصين، سواء من مديرة المصالح الفلاحية أو محافظة الغابات، أو حتى الباحثين من المعاهد الوطنية الفلاحة المتخصّصة؛ حفاظا على هذه الثروة.
وحسب مختصين في الزراعة، فإذا كانت شجرة القسطل تقاوم برد الشتاء، فإنّ العكس يحدث مع ارتفاع درجة الحرارة والجفاف والرطوبة والرياح القوية. وتبلغ ذروة إنتاجها لما يصل عمر الشجرة ما بين 40 و60 سنة.
القسطل غني بالفيتامينات المفيدة للجسم
وقال الدكتور عيساني محمد الطاهر خلال حديث مع "المساء"، إن الكستناء أو كما يُعرف في الشرق الأوسط باسم (أبوفروة)، نوع من المكسرات اللذيذة والغنية بالعناصر الغذائية المفيدة للجسم، منها، كما أشار، أنها غنية بالألياف الغذائية؛ ما يساعد في تحسين الهضم، وتنظيم حركة الأمعاء، ومن ثمّة فهي تقي من عدة مشاكل صحية؛ كالإمساك مثلا، ناهيك عن احتواء الكستناء على عدد كبير من الفيتامينات كفيتامين C وB، الذي يعزز من مناعة الجسم، ويحسن صحة الجلد والشعر.
وفيتامين C أيضاً مضاد للأكسدة؛ كون الكستناء منخفضة الدهون والسعرات الحرارية؛ ما يجعلها خيارا جيدا للأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيًا للتحكم في الوزن. إضافة إلى ذلك، فهي غنية بالمعادن مثل المغنيسيوم، والبوتاسيوم، والحديد والنحاس، وهي عناصر ضرورية للحفاظ على صحة القلب، والأعصاب، وتحسين إنتاج خلايا الدم الحمراء، خاصة أن نسبة الدهون غير المشبعة فيها، تساهم في تحسين صحة القلب عن طريق تقليل مستويات الكولسترول الضار في الدم. كما تعزز الطاقة؛ لكونها غنية بالكربوهيدرات المعقدة التي تمنح الجسم طاقة مستدامة. وتساعد على الحفاظ على مستويات سكر الدم ثابتة. وهي مفيدة لصحة العظام بسبب محتواها من الكالسيوم والفسفور. وتساهم، أيضا، في تقوية العظام والأسنان، والحفاظ على كثافتها. ومن ثمّة، كما قال، فإنّ القسطل إضافة رائعة إلى نظام غذائي متوازن.
الكستناء منتوج اقتصادي جالب للثروة
وفي لقاء جمع "المساء" بالسيد م. عبد الحميد، إطار بإحدى المؤسسات الاقتصادية بسكيكدة، تأسف المتحدث لكون الاستثمار في هذا المنتوج الذي يكثر عليه الطلب في أوروبا حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد منه ما بين 5 و9 أورو، ضعيفا مقارنة مع توفر المنتوج بكميات كبيرة محليا، مضيفا: " أمام التسهيلات التي تقدّمها الدولة لا سيما للشباب عن طريق المؤسسات الناشئة أو المصغّرة، فبإمكانهم الاستثمار فيه؛ لكونه مربحا؛ ما سيعطي إضافة كبيرة للاقتصاد الوطني، بالخصوص، كما أضاف، أنّه مطلوب جدا في أوروبا، وفي عدد من دول الخليج والشرق الأوسط، داعيا شباب المنطقة إلى الاهتمام بهذه الثروة الطبيعية؛ من خلال إنشاء مؤسسات مصغرة، واستغلاله سواء بتصديره إلى الخارج أو اشتقاق منه مواد؛ منها الفرينة ذات الجودة العالية، والتي تُستعمل في الدول الأوروبية، خاصة في تحضير الخبز وأنواع من الحلوات.
دعوة لتخصيص عيد سنويّ لفاكهة القسطل
ناشد بعض شباب منطقة أولاد عطية بسكيكدة، القائمين على تسيير شؤون بلدية أولاد أعطية، بالتنسيق وبمساهمة أعيان المنطقة والمجتمع المدني، لتخصيص عيد سنوي محلي لفاكهة القسطل؛ على غرار العيد السنوي للفراولة، الذي يتم من خلاله تنظيم مهرجان للتعريف بالمنتوج، مع برمجة مداخلات يشارك فيها مختصون وباحثون وأصحاب مؤسسات، إلى جانب توجيه دعوة لسفراء، تكون بمثابة ترويج للمنتوج، وترويج للمنطقة؛ من خلال التعريف بها وبكل ما تزخر به من إمكانيات، بالإمكان في حال استغلالها أحسن استغلال، أن تقدّم إضافة سواء للسياحة أو للاقتصاد. كما ستساهم في استحداث مناصب شغل من خلال الاستثمار في هذه الفاكهة.