المساجد

بيوت الله في الأرض

بيوت الله في الأرض
  • 3966

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله -فذكر منهم- رجل قلبه معلق بالمساجد».

لما آثر طاعة الله تعالى، وغلب عليه حبه، صار قلبه معلقا بالمساجد، ملتفتا إليها يحبها ويألفها، لأنه يجد فيها حلاوة القربة، ولذة العبادة، وأنس الطاعة، ينشرح فيها صدره، وتطيب نفسه، وتقرّ عينه. فهو لا يحب الخروج منها، وإذا خرج تعلق قلبه بها حتى يعود إليها. وهذا إنما يحصل لمن ملك نفسه وقادها إلى طاعة الله جل وعلا فانقادت له.

فلا يقصر نفسه على محبة بقاع العبادة إلا من خالف هواه، وقدم عليه محبة مولاه، جل في علاه.

أما من غلبته نفسه الأمارة بالسوء فقلبه معلق بالجلوس في الطرقات، والمشي في الأسواق، محب لمواضع اللهو واللعب، وأماكن التجارة واكتساب الأموال.

فضل المساجد:

إن المساجد بيوت الله جل وعلا، وهي خير بقاع الأرض، وأحب البلاد إلى الله تعالى، أضافها إلى نفسه تشريفا لها، تعلقت بها قلوب المحبين لله عز وجل، لنسبتها إلى محبوبهم، وانقطعت إلى ملازمتها لاظهار ذكره فيها، فأين يذهب المحبون عن بيوت مولاهم؟! قلوب المحبين ببيوت محبوبهم متعلقة، وأقدام العابدين إلى بيوت معبودهم مترددة، تلك: «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ»(النور:36-38).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحملتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده».

فضل التبكير إلى الصلاة:

كم في المبادرة والتبكير إلى صلاة الجماعة في المسجد من الأجر العظيم فمن ذلك:

1 - أن الجالس قبل الصلاة في المسجد انتظارا لتلك الصلاة هو في صلاة -أي له ثوابها- مادامت الصلاة تحبسه. ففي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لما أخر صلاة العشاء الآخرة ثم خرج فصلّى بهم، قال لهم: «إنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة». وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة».

2 - أن الملائكة تدعوا له ما دام في انتظار الصلاة، ففي الحديث: «ومن ينتظر الصلاة صلّت عليه الملائكة وصلاتهم عليه اللهم اغفر له وارحمه». وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه مالم يحدث اللهم اغفر له، اللهم ارحمه».

3 - أن المبكر يتمكن من أداء السنة الراتبة -في صلاتي الفجر والظهر- ويصلي نافلة في غيرهما ففي الصحيحين عن عبدالله بن مغفل المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة قالها ثلاثاً قال في الثالثة لمن شاء».

4 - أن المبكر للصلاة يمكنه استغلال ذلك الوقت لقراءة القرآن فقد لا يتيسر له ذلك في أوقات أخرى.

5 - أن هذا الوقت من مواطن إجابة ففي الحديث عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة فادعوا».

6 - أنه يدرك الصف الأول، ويصلي قريبا من الإمام، عن يمينه، في الحديث: «إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول».

7 - أنه يدرك التكبيرة الأولى مع الإمام، والتأمين معه، ويحصل له فضل صلاة الجماعة.