مدير الموارد المائية بالعاصمة لـ "المساء":
تراجع البناء على حواف الأودية.. ورمي الردوم تحت المراقبة
- 1510
عرفت ظاهرة البناء بالقرب من حواف الأودية بولاية الجزائر، تراجعا ملحوظا بعد أن كانت لسنوات طويلة، آهلة بسكان البيوت القصديرية، التي انتشرت كالفطريات بشكل كبير، لا سيما خلال العشرية السوداء، حينما كانت الدولة مهتمة بالجانب الأمني. وتعمل مصالح الري والموارد المائية، بالتعاون مع المصالح ذات الصلة، على منع أي عملية تعمير بالقرب من الأودية، أو رمي للنفايات، التي باتت تشكل خطرا كبيرا على حياة السكان، وتتسبب في فيضانات كثيرا ما تكون عواقبها وخيمة.
وأكد مدير الموارد المائية لولاية الجزائر، كمال بوكرشة في تصريح لـ"المساء"، أن عمليات الترحيل التي قامت بها ولاية الجزائر خلال السنوات الأخيرة، حررت العديد من الوديان من الأكواخ والنفايات بشتى أنواعها، والتي كانت تعيق جريان مياه الأمطار بشكل انسيابي بدون حدوث فيضانات، مشيرا إلى أن السلطات العمومية شددت الرقابة خاصة خلال السنوات الأخيرة، على مثل هذه النقاط، بفضل تعاون جميع المصالح الإدارية والأمنية؛ لمنع أي عملية بناء تتعارض مع قوانين التعمير، ولا تحترم المسافة الواجب تركها بين الإطار المبني وحافة الوادي.
ومن بين الأودية التي طالها نسيج البيوت القصديرية الحميز، والحراش، ووادي أوشايح، حيث استقر بها قاطنوها أكثر من 20 سنة، في ظروف غير مريحة، لتزول معاناتهم بعد تسطير الدولة برنامجا للقضاء على هذه السكنات، وترحيل شاغليها إلى شقق لائقة.
وذكر بوكرشة في هذا الصدد، أن قانون التعمير الذي يحدد شروط البناء بالقرب من الأودية، ينص على ضرورة ترك مسافة لا تقل عن 50 مترا من حافة الأودية، وهي المسافة التي لم يحترمها بعض المواطنين، الذين شيدوا سكنات فردية ذات طوابق، على حافة وادي الحميز، مؤكدا أن مصالح الولاية درست هذا الملف، وستفصل فيه إما بتسجيل مشاريع لحماية السكنات، أو اقتراح خيارات أخرى على أصحاب البنايات، لإبعاد خطر الفيضانات، والشروع في توسيعه وتأهيله.
العمليات الاستباقية منعت حدوث الفيضانات
أفاد مدير الموارد المائية بأن ولاية الجزائر لم تسجل أي فيضان أو تجمع للمياه خلال التقلبات الجوية الأخيرة، بفضل العمليات الاستباقية رغم نسبة التساقط التي بلغت 80 ملم، موضحا أن مصالحه تقوم تزامنا مع ورود أي نشرة جوية خاصة، بتجنيد كل الوسائل المادية والبشرية، من خلال تكليف المقاولين المتعاقدين مع المديرية، بوضع الجرافات في النقاط السوداء من الأودية الكبرى، تحسبا لأي طارئ يستدعي التدخل لمنع أي تجمّع للمياه وفيضانها، أو عرقلة جريانها في مسارها الطبيعي، بالتعاون مع المصالح الأخرى؛ كمديرية الأشغال العمومية، ومؤسسة التطهير وصيانة الطرقات "أسروت"، التي بفضل جهودها لم تسجل العاصمة خلال الأمطار الأخيرة، حدوث أي تجمّع لمياه الأمطار، لا سيما بالأنفاق التي كانت تمتلئ بالمياه؛ مما يعرقل حركة المرور.
رمي النفايات بالأودية في تنقاص ووعي المواطن في ازدياد
وأوضح مسؤول قطاع الموارد المائية بالعاصمة، أن المديرية سجلت بفضل الجهود التي تبذلها مختلف المصالح الإدارية والأمنية، تناقصا محسوسا في ظاهرة رمي النفايات والردوم بمسارات وحواف الأودية، لا سيما بعد انخراط المواطن في عملية المراقبة، بعد أن تأكد أن مثل هذه التجاوزات صارت تهدد حياة المواطنين، مضيفا أن تشكل هذه القناعة الإيجابية جاءت بعد أن لاحظ المواطن منذ فيضانات باب الوادي في 2001، كيف جرفت الأمطار كل ما وجدته في طريقها، مخلفة خسائر بشرية ومادية، فضلا عن إمكانية التبليغ، اليوم، عن أي خطر مرتبط بالتقلبات الجوية أو التلوث، عن طريق منصات التواصل الاجتماعي؛ حيث صار بإمكان المواطن تصوير المركبات التي تقوم بتفريغ الردوم في الأودية، وتقييد لوحات ترقيمها، وإرسالها إلى مصالح الأمن، التي توصلت إلى توقيف العديد من أصحاب المركبات، وإحالتهم على العدالة.
ولا يمكن بحال من الأحوال - يقول المصدر- أن نضع في كل واد أعوان مراقبة أو أمن لمنع التفريغ الجائر للنفايات؛ لكون من يقومون بهذه العملية يعرفون جيدا الأوقات التي ينفذون فيها عملياتهم. ولم تجد مصالح الموارد المائية إزاء ذلك، إلا إغلاق المنافذ التي يتسلل منها الملوثون، والتعاون مع السكان المجاورين لمنع هذه الظاهرة.
هذه هي خارطة الأودية الكبرى بالعاصمة
وبشأن خارطة الأودية بالعاصمة، أفاد بوكرشة بأن ولاية الجزائر توجد بها 104 واد، منها تلك الكبرى التي تصب في البحر؛ مثل وادي الرغاية، والحميز، والحراش، وبني مسوس ومزافران، وكلها ترتبط بأودية فرعية وشعاب محددة على الخريطة؛ حيث تُعرف مسافتها، وعمقها، ودرجة انحدارها، ومصنفة حسب خطورتها. وتقوم مصالح الموارد المائية عند استقبالها نشرة جوية خاصة، بوضع الآليات، وتجنيد مواردها البشرية للتدخل، ومنع حدوث أي فيضانات.